الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 18 / أبريل 00:01

الفلسطينيون بين مطرقة توسيع الإستيطان وسندان كورونا/ بقلم: احمد حازم

احمد حازم
نُشر: 17/04/20 09:17,  حُتلن: 14:00

طيلة حياتي الصحفية منذ سنوات طويلة جداً، كنت ولا أزال أركز بشكل خاص على القضية الفلسطينية، وأقف إلى جانب شعبي الفلسطيني في الدفاع عنه ومؤازرته أينما كان وحسب الإمكانيات المتاحة. والإمكانية القوية المتوفرة لدي هي مهنتي كإعلامي. إن تمجيد الحاكم لدرجة تأليهه هي من صفات الإنسان المنافق و(المصلحجي) بينما الوقوف إلى جانب الشعب ومساعدته في محنه هي من صفات الإنسان المخلص والوفي للشعب. وبما أني مدافع دائم عن شعبي في السياسة، فأنا أيضاً أدافع عنه في زمن كورونا.

المتابع لعدد المصابين بفيروس كورونا في مناطق السلطة الفلسطينية (الضفة الغربية) التي يبلغ تعداد سكانها أكثر من ثلاثة ملايين نسمة، يلاحظ أن عدد المصابين حوالي ثلاثمائة فقط ، وهذه النسبة مقارنة بعدد السكان هي قليلة جداً وتدل على التزام الفلسطينيين بالتعليمات الرسمية لمواجهة هذه الجائحة. ولكن ما هي الخلفية الحقيقية لانتشار كورونا في الضفة الغربية؟

المعلومات الفلسطينية المتوفرة، تتحدث عن ثلاثة أسباب لهذا الإنتشار أولها المستوطنون. فهناك ما يزيد عن ستمائة ألف مستوطن يهودي في الأراضي الفلسطينية، يسرحون ويمرحون ولا أحد يردعهم. وهؤلاء لا يلتزمون أبداً بتعليمات الجهات المسؤولة فيما يتعلق بفيروس كورونا، لا سيما وأن النسبة الكبيرة من المستوطنين ينتمون لتيارات دينية متطرفة، ويضربون كل تعليمات وزارة الصحة الإسرائيلية بعرض الحائط ويرفضون كافة الإجراءات. حتى أن وزير الصحة الإسرائيلي يعقوب ليتسمان رئيس حزب (يهوديت هتوراه) أصابه الفيروس، لأنه لم يلتزم بالتعليمات، علماً بأنه أول من كان يجب عليه الإلتزام كقدوة لغيره. ونظراً لعدم انصياع هؤلاء للتعبيمات أصبحت المستوطنات كأنها بؤر حاملة لفيروس كورونا لمناطق السلطة الفلسطينية.

المكتب الوطني الفلسطيني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان التابع للسلطة الوطنية الفلسطينية، ومقره مدينة نابلس في الضفة الغربية، نشر تقريراً جاء فيه، إن الحكومة الفلسطينية طالبت العمال الفلسطينيين بالتوقف عن العمل في المستوطنات اليهودية.وأكد التقرير، أن المستوطنين نصبوا خياما بمنطقة شرق بيت لحم، لتحويلها إلى أماكن للحجر خاصة بالمستوطنين، بعد أن تفشى فيروس كورونا في المستعمرات المحيطة ببيت لحم، وجاء في تقرير المكتب، ان إسرائيل تستغل هذه الظروف الصعبة (كورونا) وتقوم بتوسيع الاستيطان، حيث تعمل على تنفيذ مخطَّط استيطاني نبلغ مساحته 569 دونمًا من أراضي محافظة بيت لحم ، يستهدف توسيع مستوطنة أفرات المُقامة على أراضي بيت لحم.

أما السبب الثاني فهو جيش الاحتلال الإسرائيلي. هناك عناصر كثيرة من الجيش الإسرائيلي منتشرة في الضفة الغربية، وهناك عدد يتزايد بين الجنود، الذين يحتَكُّون مع من الضفة الغربية والقدس، وتقدر المعلومات عدد هذه الحواجز بحوالي أربعمائة حاجز. ولا شك أن الإلتصاق اليومي المباشر لأفراد الجيش مع الفلسطينيين على الحواجز يلعب دوراً في نقل العدوى للمواطنين الفلسطينيين في مختلف مناطق القدس والضفة الغربية، والسبب الثالث الذي تتحدث عنه المعلومات هو ترحيل العمال الفلسطينيين. وعلى ذمة المعلومات فإن السلطات الإسرائيلية المعنية قامت بترحيل العمال الفلسطينيين الين قدموا من الضفة الغربية للعمل في إسرائيل ويقدرون بالآلاف دون حماية، بمعنى أن هذه الجهات لم تدقق بأوضاعهم الصحية فيما يتعلق بفيروس كورونا. ولذلك ليس من المستبعد أن يكون بعض هؤلاء العمال قد حملوا معهم الفيروس نتيجة احتكاكهم بالعمل مع اليهود في إسرائيل، خصوصاً مع تزايد انتشار هذا الفيروس بين اليهود.

بقي علينا القول، ان كل دول العالم بدأت تعمل على تركيز الجهود أولاً ضد كورونا، وسارع بعضها إلى إطلاق سراح السجناء، وفي هذا الزمن المسمى زمن كورونا يلتفت الإنسان المسؤول وصاحب الضمير إلى إنسانيته. لكن في إسرائيل فإن ما يحدث هو العكس فيما يتعلق بالأسرى الفلسطينيين. ولو كان لدى قادة إسرائيل ضمير يتحرك لسارعوا في إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين، ولا سيما كبار السن والمرضى والنساء والأطفال لأسباب إنسانية، ولكن على ما يبدو فإن قادة إسرائيل في واد والضمير في واد آخر، وإذا كان العالم يواجه كورونا فإن الفلسطيني يواجه كورونا والإحتلال وكلاهما أخطر من الآخر.
 

مقالات متعلقة