الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 24 / أبريل 05:02

بعيداً عن كورونا.. استراحة لتهدئة الأعصاب/ بقلم: أحمد حازم

أحمد حازم
نُشر: 13/04/20 12:55,  حُتلن: 10:32

أحمد حازم في مقاله:

ما دعاني للكتابة عن العبودية والتجارة بالعبيد، خبر قرأنه في صحيفة يمنية جاء فيه :" ان رجلاً يمنياً عقد صفقة تجارية مع شخص يمني آخر ودفع ثمن الصفقة عشرة آلاف دولار

التجارة بالعبيد كانت رائجة في الماضي، وخصوصاً في المستعمرات الأوروبية في أفريقيا. يقول التاريخ ان الأوربيين مارسوا تجارة العبيد الأفارقة في القرن الخامس عشر. وكانوا يرسلون سنويا ما بين 700 – 800 عبد من مراكز تجميع العبيد على الساحل الغربي لأفريقيا. وفي القرن السادس عشر استخدمت إسبانيا تجارة العبيد التي كانت تدفع بهم قسرا من أفريقيا لمستعمراتها في المناطق الاستوائية بأمريكا اللاتينية ليعملوا في الزراعة بالسخرة. وفي منتصف القرن العشرين دخلت إنجلترا حلبة تجارة العبيد وتلاها في هذا المضمار البرتغال، فرنسا، هولندا والدنمارك. ودخلت معهم المستعمرات الأمريكية في هذه التجارة اللا إنسانية.

ما دعاني للكتابة عن العبودية والتجارة بالعبيد، خبر قرأنه في صحيفة يمنية جاء فيه :" ان رجلاً يمنياً عقد صفقة تجارية مع شخص يمني آخر ودفع ثمن الصفقة عشرة آلاف دولار. وقد تمت الصفقة حسب الأصول المتبعة في التجارة. هذه الصفقة لم تكن صفقة "قات" أو بيع قطعة أرض أو أدوات منزلية أو كهربائية، بل كانت الصفقة تتعلق ببيع البائع لنفسه للمشتري لاستخدامه كعبد لديه. نعم، هذا يحدث في القرن الحادي والعشرين. رجل يبيع نفسه طوعاً ويرضى بأن يكون عبداً للغير مقابل مبلغ من المال.
الأمر المثير للدهشة والإستغراب ان الجهات الرسمية اليمنية وافقت على الصفقة، بمعنى أنها وافقت على استعباد شخص لشخص. فقد ذهب الإثنان قطبا الصفقة (المشتري والبائع) إلى مكتب خاص يحمل اسم "كاتب شرعي" مرخص رسميً يتولى مهمة الإطلاع على مضمون أي صفقة ويتأكد من صحتها ثم يضع خاتمه الرسمي عليها.

المرصد اليمني لحقوق الإنسان علم بالأمر فهاج وغضب لكنه كما تقول المعلومات سكت أي التزم الصمت لأن "الشاري" له باع طويلة لدى أصحاب القرار، ولذلك التزم المركز الصمت، بحجة أن البائع إنسان يتمتع بكامل قواه العقلية وهو حر التصرف في جسده، ولا يحق لأي أحد التدخل في شؤونه. تصوروا أننا في عصر النور والنووي وعصر الحديث حول إمكانية السكن مستقبلاً على سطح القمر، وهناك من يبيع نفسه كعبد لسيد من أبناء جلده وليس مستعمراً أوروبياً أو أميركياً. الأمر المذهل هو الثمن الباخس الذي دفعه "المشتري" أي مبلغ عشرة آلاف دولار تمن إنسان ليخدم طول حياته عند سيده، بينما هناك حيوانات تباع بأضعاف هذا المبلغ.

إذا تابعنا مهرجانات سباق الجمال وأسعار النوق في دول خليجيةـ تصيبنا الصدمة عندما نعرف أن سعر ناقة واحدة يساوي أكثر من سعر عشرة من أمثال هذا اليمني الذي باع نفسه. وإذا تابعنا أسعار الخيول في الخليج يتبين لنا أن سعر حصان أصيل يساوي سعر عدد من الرجال في قرية يمنية أمثال هذا اليمني الذي اختار أن يكون عبداً طيلة حياته مقابل مبلغ عشرة آلاف دولار.

قرأت في صحيفة سعودية خبراً يقول، ان تاجر مواشي سعودي اشترى ماعزا، يعني (تيساً) من سوق الأغنام في الرياض بمبلغ 15 ألف دولار. وقرأت في صحيفة ألمانية أن كويتياً اشترى حمامة بمبلغ 16 ألف دولار لأنها من نوع "القلاليب" وهو أغلى أنواع الحمام. صحيح أن "التيس" و"الحمامة" من سلالتين نادرتين لكن من غير المعقول أن يكون بني آدم أرخص منهما، فهذه مصيبة.

وما دام الشيء بالشيء يذكر، فإن حكاية هذا اليمني تندرج في إطار القصص التي تحدث جراء العوز والفقر والحاجة وعمل أي شيء لإعانة العائلة حتى لو ضحى الإنسان بنفسه. لكن أن يكون الإنسان رخيصاً بنظر رئيس دولته فهذه أيضاً مصيبة كبيرة. مصادر سودانية قالت، انه خلال فترة حكم الرئيس السوداني جعفر نميري، شهد السودان حادثة مؤسفة. فقد غرقت عبارة نهرية تحمل مسافرين بين مصر والسودان، ومات في الحادث مائة سوداني. فأمر الرئيس النميري بمنح أسرة كل واحد من الضحايا ثلاثين دولارا كتعويض عن المتوفي.

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com   

مقالات متعلقة