الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 23 / أبريل 11:02

إنتبهوا لأولادكم من الإفراط في استخدام الإنترنت/ بقلم: أحمد حازم

أحمد حازم
نُشر: 06/04/20 14:31,  حُتلن: 05:32

أحمد حازم:

إذا أخذنا بعين الإعتبار ما يتم تبادله عبر مواقع التواصل الإتماعي فيما يتعلق من معلومات مفبركة عن فيروس كورونا، نلمس الدور المهم والخطير في نفس الوقت الذي تلعبه الإنترنت في حياة الإنسان 

فيروس "كودوف 19" اعتقل العالم وأجبر الناس على الإقامة في بيوتهم، بمعنى إقامة جبرية للجميع. لا فرق بين كبير وصغير، ولا تمييز بين غني أو فقير، وتفضيل للون بشرة معينة على بشرة أخرى، فكل البشر أصبحوا رهينة "كودوف 19" اللعين. نحن في عصر العولمة، وعصر مواقع التواصل الاجتماعي المنتشرة في كل أنحاء العالم، ونحن في زمن فيسبوك، تويتر والإنستجرام وأيضاً في زمن الهواتف الذكية و"واتس أب" وغير ذلك من وسائل الإتصالات عبر إنترنت.
في هذا الوقت بالذات يتساءل البعض: ماذا يفعل شبابنا وأطفالنا في بيوتهم. فهم محاصرون فيها نتيجة الحجر الصحي المفروض على الناس. فلا شيء يفعله هؤلاء سوى اللجوء إلى الإنترنت لتمضية الوقت. إذاً أصبح الخطر خطران: الخطر من كورونا والخطر من الإفراط في سوء استخدام مواقع التواصل الاجتماعي خصوصاً أن الشباب محصورين قسراً بين أربعة جدران.

يقول باحث في قضايا الإنترنت ومواقع التواصل الإجتماعي:" إن هذه المواقع باتت مع سوء استخدامها، خصوصا في ظل أزمة وباء فيروس كورونا، أخطر حتى من المخدرات والخمور، لأنها لا تخضع لقواعد أو ضوابط، خصوصاً أن شبكة الإنترنت، باتت مفتوحة على مصراعيها على امتداد المعمورة بأسرها، ودون حواجز". هذا في الحالات العادية، فما بالك في الوقت الراهن الذي أجبر فيه طلاب المدارس على البقاء في بيوتهم بسبب كورونا، وفي هذه الحالة فإن وسيلة "الإنترنت" هي الملجأ الوحيد لهم لتمضية الوقت.

العالم الأمريكي (تيم بيرنرز لي) مخترع الشبكة العنكبوتية إنترنت في العام 1988، أجرت معه مجلة (فانتي فير) مقابلة تحدث فيها عن أسفه وألمه؛ "لأن الإنترنت خذلت البشرية ولم تخدمها، فكانت وما زالت أداة فاعلة من أدوات التضليل والتجسس على الآخرين، وتحوَّلت إلى وسيلة لتعميم الشرور أحيانا كثيرة، بدلا من دورها البنّاء المُفترض في مسار السعي لسعادة الإنسان وتطوير ما بيده من اختراعات علمية". ما قاله المخترع الأمريكي لم يأت من فراغ، بل نتيجة تجارب سلبية عاشها المخترع ولا يزال يعيشها العالم، بغض النظر عن الإيجابيات.

الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، وحسب مصادر أمريكية، استدعى في آذار/مارس 1994، رؤساء تحرير الصحف الأميركية الكبرى ، وقال لهم ما معناه: "إنه مع انفجار ثورة المعلومات والاتصالات بات المواطن ضائعا في غابة هائلة من الأخبار والتحليلات، ليس معروفا ما هو الصحيح من الخاطئ فيها، وإن دوركم في الصحافة هو الإمساك بيد القارئ وإرشاده إلى الطريق الصحيح كي لا يضيع في هذه الغابة الهائلة".


كلام كلينتون كان في محله واصاب الواقع لأن الإنترنت هي بالفعل غابة موحشة. فبقدر ما هي مصدر معلوماتي، فهي أيضاً غابة يضيع فيها الطفل المتصفح، خصوصاً وأن غالبية أطفالنا لإن لم يكونوا كلهم، لديهم أجهزة هاتف ذكية. فهناك، وحسب المعلومات المتوفرة، نحو ثلاثة مليارات مشترك عبر الفيسبوك، يمتلكون حسابا بواسطة تلك الوسيلة، لكن الغالبية الساحقة من هؤلاء من النادر جدا أن يقرأ صحيفة ورقية، وهذا الأمر ينطبق أيضاً على بعض مستخدمي تويتر وإنستغرام ووسائل تواصل اجتماعي أخرى يقدر مشتريكيها بمئات الملايين على الصعيد العالمي بما في ذلك العالم العربي. ولذلك من هنا تنبع خطورة الإنترنت أي سوء استخدامها، لأنها شئنا أم أبينا أثرت بشكل كبير جداً على نفسية القاريْ المتابع لكل شيء يصدر عن الشبكة العنكبوتية.

وإذا أخذنا بعين الإعتبار ما يتم تبادله عبر مواقع التواصل الإتماعي فيما يتعلق من معلومات مفبركة عن فيروس كورونا، نلمس الدور المهم والخطير في نفس الوقت الذي تلعبه الإنترنت في حياة الإنسان.

وما دمنا قد وصلنا إلى كورونا، فلا بد من الإشارة إلى معلومة في غاية الأهمية ذكرها البريطاني مارتن ريس عالم الفيزياء والكونيات في كتابه «ساعتنا الأخيرة» الذي صدر في العام 2003، والذي يقول فيه:"ان العام 2020 سيكون عام الخطأ البيولوجي الذي سيقتل مليون إنسان»، وفي محاضرة له في العام 2017 قال ريس" أتمنى أن أكون مخطئاً لكن التقنية البيولوجية تتطور بسرعة". وحذّر في الوقت نفسه:" من «وباء مثل سارس، فخطأ ما إذا حدث في منطقة معينة قد يؤدي لكارثة». ولقد صدق الكاتب في تحليله لأن ما يعيشه العالم اليوم من تفشي جائحة "كودوف 19" خير دليل على صحة أقواله.

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com 

مقالات متعلقة