الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 19 / أبريل 15:02

بعيداً عن كورونا... ارحمونا يا ناس/ الإعلامي أحمد حازم

أحمد حازم
نُشر: 22/03/20 11:37,  حُتلن: 17:40

أحمد حازم في مقاله:

يبدو أن مجتمعنا العربي لم يعد فيه من الأخبار التي نهم المواطن سوى أخبار "كورونا". ولم يعد لمستخدمي "واتس أب" سوى تبادل الفيديوهات والمعلومات حول "كورونا"

مرّ العالم بأزمات عديدة كانت تأخذ حيزاً من حياة البشر، ولا سيما الحروب المصطنعة خصوصا في الوطن العربي، الذي يشهد أزمات متفرقة ولاسيما ما حدث في عام 2011 والذي وصفه بعض الناس الساذجين بــ "الربيع العربي". وقبل ذلك بعشر سنوات عاش العالم عملية تفجير البرجين في نيويورك والتي أدخلت الولايات المتحدة والعالم في حالة رعب مخيف، إذ لم يكن أحد يتصور أن يحدث ما حدث. لكن فيروس كورونا الجديد لم يترك شخصاً في العالم إلاّ واحتل جزءاَ من تفكيره اليومي وأصبح الوحيد الذي تهتم به الملوك والقياصرة والسلاطين والرؤساء والشعوب.

يبدو أن مجتمعنا العربي لم يعد فيه من الأخبار التي نهم المواطن سوى أخبار "كورونا". ولم يعد لمستخدمي "واتس أب" سوى تبادل الفيديوهات والمعلومات حول "كورونا" والتي في معظمها تحطم المعنويات. ارحمونا يا ناس. تبادلوا معلومات إيجابية وليست سلبية فقط. اهتموا بأعداد من تعافوا بهذا الفيروس، واهتموا بمعلومات عن كيفية القضاء على هذا الفيروس ، وكيف استطاع الصينيون التخلص منه، وليس الإهتمام فقط بأعداد القتلى والمصابين.
أنا شخصياً تطرقت في مقالين عن فيروس كورونا، ولكن بأسلوب معلوماتي وليس بأسلوب التخويف وشل الأعصاب. ارحمونا من الإستخدام السخيف "للوالتس أب" وكونوا على قدر المسؤولية والجدية. هناك أناس لم يكتشفوا سابقاً أن "الجمعة"مباركة" إلا بعد اكتشاف "واتس أب". آلاف الناس قابلتها في حياتي يوم الجمعة، ولم يقل أحداً "جمعة مباركة" إلاّ بعد ظهور "واتس أب". حتى على الهاتف لم يكلف أحداً نفسه بالإتصال للقول "جمعة مباركة".

بعد دخول "كورونا" إلى العالم، أو بالأحرى بعد إدخالها قصداً لإيذاء البشرية، أصبح الناس يتحدثون عن وباء "كورونا" وكأنهم خبراء في التحاليل الطبية وأخصائيين في التغذية. وقد راجعت كافة الرسائل التي وصلتني منذ يوم انتشار هذا الفيروس وهي بالمئات، فلم أجد سوى عشرة رسائل فقط بعيدة عن "كورونا". والرسائل التي تصل عن "كورونا" طبعاً لا تسر القلب. صحيح أن بعضها يحمل نصائح وإرشادات عن استخدام الثوم والزنجبيل والقرفة واليانسون وحتى قشر البطيخ لمواجهة "كورونا" لكن الرسائل الأخرى ليست أقل سوءاً.

حتى أن بعضهم أرسل لي فيديو يقول فيه أن جاره أخبره بأنه شاهد في نومه الرسول الكريم سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، مدعياً بأن الرسول نصحه باستخدام العسل مع السفرجل لمقاومة "كورونا"، ورسائل كثيرة أخرى وصلتني من أشخاص لم يهتموا بالدين مطلقاً إلا بعد انتشار "كورونا". فقد شرح بعضهم دور الدين في مواجهة كورونا مع الإشارة إلى أحاديث لا يعرف مدى مصداقيتها، ، وتخيلت للحظة أن "واتس أب" أصبح صحيح البخاري القرن الحادي والعشرين. فبالله عليكم كفّوا عن هذه الخزغبلات التافهة واتركوا الدين لأصحابه ولذوي الإختصاص.

لذلك، المطلوب من أنصار واتس أب أن يتناقلوا أخباراً أخرى عن "كورونا"، أخباراً معقولة وليس أخباراً قد تسبب دوراناً في معظمها بسبب كذبها أو تفاهتها أو حتى رعبها. فإذا لم تستطيعوا فاحتفظوا بمثل هذه الأخبار لنفسكم، لأن الناس مللت من ثقافة "واتس أب" وسئمت من مصدري أخباره، والناس ليس بحاجة إلى الرئيس الأمريكي ترامب ليخبرهم عن "كورونا" وخطورتها، فهو أخطر بكثير من كورونا، وليس بحاجة إلى سماع الرئيس الفرنسي ليحدثهم عن خلو غزة من فيروس كورونا، لأنهم ابناء هذا الوطن الذي تنتمي إليه غزة، ويعرفون عنها ما لا يعرفه الفرنسيون والأوروبيون.

هناك مثل شعبي يقول: "قوم تعاونوا ما ذلوا". فالتعاون المُجتمعي، كما قالت صحفية خليجية في مقال لها، هو من أقوى ركائز الدعم المعنوي والمادي والإنساني، الذي تقاوم به المجتمعات الإنسانيّة المحن والمخاطر التي تتعرّض لها للحفاظ على حياة بعضهم بعضاً وعلى أوطانهم. ولتحقيق التعاون المُجتمعي لا بد أن يقتنع أفراد المجتمع بأن هناك أولويات وأساسيات يجب الالتفاف حولها والعمل من أجلها حفاظاً على كينونتهم الإنسانيّة وأوطانهم.
وبالمنايبة، آخر معلومة عن "كورونا" وردتني عبر واتس آب تقول: "ان الهواتف النقالة تنقل الكورونا، وأنك عندما تأتي على سيرة الفيروس، يقوم البلوتوث بالتقاطه منأقرب مركز حجر الحالات المشتبه أو المؤكد إصابتها بالكورونا، ونقلها الى مستخدم الهاتف". إرحمونا يا ناس

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com   

مقالات متعلقة