الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / مارس 12:02

حجم الفقر في المجتمع العربيّ/ بقلم: إياد شيخ أحمد

إياد شيخ أحمد
نُشر: 03/02/20 17:31,  حُتلن: 19:19

إياد شيخ أحمد:

قسم كبير من البلدات العربيّة في الجنوب والجليل موجودة في مناطق الضواحي وبعيدة عن مركز البلاد

يكشف تقرير مؤسّسة التأمين الوطنيّ الذي صدر في عام 2019، بخصوص حجم الفقر والفجوات الاجتماعيّة عن إحدى نقاط الضعف الرئيسيّة في المرافق الاقتصاديّة والمجتمع في إسرائيل. بحسب هذا التقرير، فقد كان عدد الأُسر التي عاشت في ظروف الفقر في عام 2018 حوالي 469،400 أسرة، ويعيش في هذه الأسر 1،810،500 نسمة، من بينهم 841،700 من الأطفال. بالرغم من النموّ الاقتصاديّ ونسبة البطالة المنخفضة في العام ذاته، فإنّ حجم الفقر يدلّ على أنّ النموّ الاقتصاديّ لا يتغلغل إلى جميع الشرائح السكّانيّة.

أحد المعطيات البارزة في التقرير هي نسبة الفقر (نسبة الفقراء من مجموع السكّان) إذ بلغت 45،3% لدى الأسر العربيّة، وهذه المعطيات مثيرة للقلق بالنسبة لكلّ من المجتمع العربيّ في إسرائيل، وكذلك بالنسبة للمرافق الاقتصاديّة عمومًا.

ولكن قبل القيام ببلورة الخطط لتقليص نسبة الفقر في المجتمع العربيّ، من الهامّ أن نفصّل الأسباب الرئيسيّة لهذه الظاهرة، ومن ضمن هذه الأسباب ما يلي:
1. انخفاض نسبة النساء العاملات في المجتمع العربيّ، والذي يعني وجود مُعيل واحد للعائلة. هذا بالإضافة إلى غلاء المعيشة، يؤدّي إلى زيادة حجم الفقر.
2. الضعف الاقتصادي للحُكم المحلّيّ في المجتمع العربيّ- يؤثّر الضعف الاقتصاديّ للسلطات المحلّيّة على التطوير الاقتصاديّ للبلدات العربيّة. للحُكم المحلّيّ دورٌ هامّ في تطوير البلدة وتمكينها، ولكن على أرض الواقع، غالبيّة البلدات العربيّة تقع ضمن العناقيد الاجتماعيّة-الاقتصاديّة 1-3.
3. الاستثمار الحكوميّ - تعاني البلدات العربيّة على مدار سنوات كثيرة من شحّ في الميزانيّات، وهناك حاجة لإجراء تغيير في آليّة الميزانيّات الحكوميّة بغية تغيير هذا الوضع.
4. قسم كبير من البلدات العربيّة في الجنوب والجليل موجودة في مناطق الضواحي وبعيدة عن مركز البلاد.
5. التعليم والتوجيه المهنيّ - طرأت في العقد الأخير ثورةٌ كبيرة في عدد الطلبة العرب الذين يندمجون في المعاهد الأكاديميّة، لكن ثمار هذا الزخم لن تُجنى إلّا في المستقبل فقط.
الزيادة في نسبة الطلبة العرب غير كافية حتّى اللحظة؛ لأنّ السواد الأعظم منهم يتعلّمون المواضيع التي لا تنطوي على الدخل المرتفع، مثل مواضيع التربية والتمريض.
6. الجزء الأكبر من العاملين في المجتمع العربيّ يعملون في مهن متوسّط الدخل فيها منخفض، مثل المهن التقليديّة.
يتطلّب الحجم الكبير لهذه الظاهرة التعاون بين كافّة الجهات: الوزارات الحكوميّة، الحُكم المحلّيّ، قطاع الأعمال، القطاع الثالث (الجمعيّات والمنظّمات غير الربحيّة) والقطاع الرابع (الأعمال الاجتماعيّة)، لصالح القضاء على ظاهرة الفقر. وهناك عدّة إمكانيّات مختلفة، مثل:
أ. خطّة شاملة لزيادة مشاركة النساء في المجتمع العربيّ في سوق العمل. وهذا الأمر يستدعي إقامة مناطق صناعيّة وتشجيع الشركات والمصانع الكبيرة في الانتقال إلى المناطق الصناعيّة المحاذية للبلدات العربيّة، كما هو الحال في منطقة عيدان هنيغب القريبة من مدينة رهط، و مصنع صودا ستريم الذي يوفّر المئات من أماكن العمل لسكّان المنطقة. إقامة المناطق الصناعيّة في المناطق التي تقع ضمن نفوذ البلدات العربيّة تعزّز الحُكم المحلّي؛ بسبب الزيادة في جباية ضريبة الأرنونا من المحالّ التجاريّة وزيادة وسائل التطوير الاقتصاديّ والاجتماعيّ للبلدة.
ب. زيادة الاستثمار الحكوميّ في تطوير البلدات العربيّة.
ج. تعزيز دراسة العلوم في المدارس في المجتمع العربيّ؛ من أجل زيادة عدد الطلبة العرب في مواضيع العلوم والصناعات المتطوّرة-الهايتك. مثال جيّد على ذلك هو المشروع الذي ينفّذه صندوق SFI الذي قام بالإعلان عن إطلاق سندات الدين الاجتماعيّة لتحسين نتائج الرياضيّات في امتحانات البجروت لدى طلّاب الثانويّة في مدينة رهط في الجنوب.
د. تعزيز التعليم المهنيّ لصالح أولئك الذين لا يندمجون في المؤسّسات الأكاديميّة، لضمان الحصول على الرواتب العالية.
هـ. يتعيّن على منظّمات المجتمع المدنيّ ومنظّمات المجتمع الرابع العمل، كلّ بحسب أهدافها، للقضاء على ظاهرة العنف، مثل، المبادرة الاجتماعيّة "السنابل" في بلدة حورة، التي توفّر أماكن العمل لسكّان المنطقة وتعزّز الاقتصاد المحلّي.
القضاء على ظاهرة الفقر في المجتمع العربيّ، والتنمية الاقتصاديّة للبلدات العربيّة يعزّز الاقتصاد الإسرائيليّ بأكمله، ويُسهم في جعل المجتمع العربيّ مُحرّك النموّ القادم للاقتصادّ. 


 

مقالات متعلقة