الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 03:02

الرئيس الأمريكي يريد تزوير التاريخ/بقلم: الإعلامي أحمد حازم

الإعلامي أحمد حازم
نُشر: 16/01/20 10:19,  حُتلن: 13:30

الإعلامي أحمد حازم في مقاله:

من الواضح أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لم يدرس التاريخ جيدًا، وأن مستشاريه كما يبدو لا يعرفون شيئاً عن تاريخ الشعوب السامية

اليهودي الذي قدم لإسرائيل من روسيا هو روسي القومية وكل اليهود في إسرائيل ينحدرون من دول مختلفة بمعنى لهم قوميات مختلفة لكنهم يهود. ومن الخطأ الفاحش تاريخياً استخدام عبارة "القومية اليهودية" لذلك فإن ترامب يستهدف فقط تزوير التاريخ وتسييسه لصالح إسرائيل

اليهودية، كما تبين من التحليل هي دين وليست قومية يا "مستر ترامب" لكن الإدارة الأمريكية الحالية تدعم الطرح الإسرائيلي بأن اليهودية قومية، حيث بدأت، كما يقول محللون سياسيون، بطرح ما يسمى “يهودية الدولة” أثناء انعقاد مؤتمر (أنابوليس) في أواخر العام 2007

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا يكفيه على ما يبدو ما قدمه لإسرائيل خلال ولايته وعلى حساب الشعب الفلسطيني، مثل إعتراف واشنطن بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها، بل أراد أن تكون له هدية مميزة لإسرائيل في العام الجديد تتعلق بالإعتراف بالديانة اليهودية كــ"قومية". فبعد الإحتفال الذي أقيم في البيت الأبيض بحضور ترامب بمناسبة عيد "الحانوكا" العبري وقع ترامب على مرسوم رئاسي لمكافحة ما أسماه "معاداة السامية" في الجامعات الأميركية. وقد وصف ترامب قراره بأنه "خطوة تاريخية أخرى لحماية الشعب اليهودي".

من الواضح أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لم يدرس التاريخ جيدًا، وأن مستشاريه كما يبدو لا يعرفون شيئاً عن تاريخ الشعوب السامية، أو يعرفون ويريدون قصداً هم ورئيسهم حذف كافة الشعوب المنتمية للسامية ووقفها فقط على اليهود، بمعنى تحويل هذا الأمر إلى مصطلح سياسي لا علاقة له بالتاريخ.
الشعوب السامية، كما يقول التاريخ، تشمل العرب، الأكاديين من بابل القديمة، الآشوريين والكنعانيين (بما في ذلك الأموريون والموآبيون والأدوميون والعمونيون والفينيقيون) ومختلف القبائل الآرامية (بما فيهم العبرانيين) وجزءاً كبيراً من سكان اثيوبيا. وقد تم جمع هذه الشعوب تحت مصطلح "الشعوب سامية".
إن مصطلح معاداة السامية تم تعميمه لأول مرةٍ في ألمانيا في عام 1879. على اعتبار ان المعاداة السامية هي العداء لليهود، بمعنى أن استخدام هذا المصطلح أصبح يعني المشاعر المعادية لليهود، لكنه مصطلح خاطي جداً لأن اليهود ليسوا وحدهم ساميون، بل العرب هم جزء من الشعوب السامية.

في كتابه "Politics and Modernization and Nationalism in Korean Education" يقول المفكر الكوري لي يونمي Lee Yoonmi "إن الهوية القومية هي هوية الفرد واحساسه بالانتماء للأمة". لذلك المطلوب وضع النقاط على الحروف والحديث بصراحة: اليهود في إسرائيل كانوا ينتمون إلى أمم ودول مختلفة في أوروبا والأمريكيتين وكندا ولا تجمعهم سوى الديانة فقط. والمسلم العربي لا تجمعه بالمسلم الصيني أو الأفريقي سوى الديانة أيضاً. والمسيحي العربي لا تربطه علاقة بالمسيحي الأوروبي سوى الديانة المسيحية فقط. وهذا ما ينطبق على اليهود.
وفي كتابه "من هو اليهودي؟"يرى المفكر الخليجي عبد الوهاب المسيري أحد أهم المختصين في الشأن اليهودي في العالم العربي،" أن من الصعوبة بمكان الحديث عن هوية يهودية واحدة، فقد عاشت الجماعات اليهودية في عصور وأماكن وظروف مختلفة، والصحيح أن هناك هويات يهودية، فهناك الهوية اليمنية اليهودية في أواخر القرن التاسع عشر والهوية الخزرية اليهودية في القرن التاسع، والهوية الإشكنازية في إسرائيل وهكذا دواليك". وهذا يعني أن اليهود ينحدرون من قوميات مختلفة لكن الديانة اليهودية تجمعهم.
اليهودي الذي قدم لإسرائيل من روسيا هو روسي القومية وكل اليهود في إسرائيل ينحدرون من دول مختلفة بمعنى لهم قوميات مختلفة لكنهم يهود. ومن الخطأ الفاحش تاريخياً استخدام عبارة "القومية اليهودية" لذلك فإن ترامب يستهدف فقط تزوير التاريخ وتسييسه لصالح إسرائيل.
اليهودية، كما تبين من التحليل هي دين وليست قومية يا "مستر ترامب" لكن الإدارة الأمريكية الحالية تدعم الطرح الإسرائيلي بأن اليهودية قومية، حيث بدأت، كما يقول محللون سياسيون، بطرح ما يسمى “يهودية الدولة” أثناء انعقاد مؤتمر (أنابوليس) في أواخر العام 2007.
وهنا لا بد من تذكير ترامب بما فعله سلفه الرئيس الأمريكي الأسبق هاري ترومان (رقم 33). يقول التاريخ، والتاريخ طبعاً لا يكذب، " بعد إعلان ديفيد بن جوريون عن تأسيس " دولة يهودية" بحضور الرئيس الأميركي هاري ترومان، قام ترومان بشطب عبارة “دولة يهودية” بخط يده واستبدلها بكلمة “إسرائيل”. وهذا يعني أن قضية الاعتراف بإسرائيل كـ”دولة يهودية” كانت مرفوضة حتى من أقرب حلفائها، على عكس ما يمارسه ترامب. فهل قرأ الرئيس الأمريكي ذلك؟

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com   

مقالات متعلقة