الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 11:02

حماية دولية أو حماية ذاتية أو قيام الدولة بواجبها/ بقلم:حسين فاعور الساعدي

حسين فاعور الساعدي
نُشر: 11/12/19 11:50,  حُتلن: 18:05

حسين فاعور الساعدي في مقاله: 

نحن جميعاً ضد العنف في شعاراتنا وخطبنا ولكننا جميعاً نمارسه وننميه في نهجنا وأفعالنا، وإلا لما كنا سكتنا عنه دقيقة واحدة

من أين جاء هؤلاء المجرمون؟ من كوكب آخر؟ إنهم من أبنائنا الذين ربيناهم ونسكت عنهم ونشجعهم وندافع عنهم ونخبئهم من الشرطة عند الضرورة

كيف نسكت على هذه الدماء التي تسيل كل يوم ولا نفعل شيئاً ملموساً لوقفها. الخيار في أيدينا ومن يقول غير ذلك يجافي الحقيقة. أي حل من الحلول التي طرحتها أعلاه، والتي نعرفها جميعاً، كفيل بوقف هذه المجزرة التي نتعرض لها

العنف يحتاج إلى قوة لوقفه ولا يمكن وقفه بالكلام والخطب وطرح شعرات التربية والتثقيف وما إلى هنالك. ففي أجواء العنف لا يمكن تربية جيل ولا يمكن تثقيف أمه

كل يوم قتيل أو إطلاق نار. تحولت قرانا ومدننا إلى أوكار لعصابات المجرمين والقتلة التي تعيث فيها فساداً أمام أعيننا وتحت سمعنا وبصرنا. حتى الآن لم نحرك ساكنا سوى المؤتمرات والخطابات التي ربما يكون رؤساء هذه العصابات ضيوف شرف وخطباء فيها.
لذلك فإن المطلوب حالاً وسريعاً هو اتخاذ خطوات عملية لوقف هذه الظاهرة المقلقة التي ستدمر مجتمعنا وتجعل من حياتنا جحيماً لا يطاق. المظاهرات لن تجدي. والخطابات لن تجدي. والإضراب عن الطعام لن يجدي لأننا نتعامل مع فئة غير أخلاقية ولا تفهم إلا لغة واحدة هي لغة الفعل أو القوة أو الخوف. لذلك هنالك خطوات عملية يجب علينا المباشرة حالاً في اتخاذها من خلال جدول زمني محدد وواضح ومتفق عليه من كل الأطراف والتيارات السياسية والاجتماعية لأن الجريمة تمسنا جميعاً ولا تستثني أحداً. هذه الخطوات يجب طرحها بالتدريج وكبدائل أمام الدولة لإجبارها على أن تقرر تبني واحد منها:
1- من واجب كل دولة المحافظة على أمن وأمان مواطنيها. والدولة التي لا تستطيع القيام بذلك هي دولة منهارة ومفككة. وجميعنا يعرف أن دولة إسرائيل لم تكن وليست في هذا الوضع لذلك من واجبها القيام بالدور المطلوب منها. وجميعنا متفقون أنها لو تريد لأوقفت واجتثت الجريمة في مدننا وقرانا خلال ساعات. لو تقوم على الأقل بجمع الأسلحة التي وزعتها فستحل 90% من المشكلة وهي تستطيع فعل ذلك بسرعة وبسهولة تامة. لذلك على لجنة السلطات المحلية ولجنة المتابعة والمشتركة تقديم طلب للدولة للقيام بواجبها وجمع الأسلحة المنتشرة في قرانا ومدننا (أو بالسماح بتسليح كل المواطنين ليستطيع كل مواطن الدفاع عن نفسه وبيته) وهي تستطيع فعل ذلك بسهولة كما أسلفت.
2- إن لم تستجب الدولة لهذا الطلب، وأظن انها لن تستجيب بسهولة، يقدم طلب آخر من لجنة السلطات والمتابعة والمشتركة بإقامة أقسام للشرطة في سلطاتنا المحلية ينتخب أفرادها من بين أبناء مجتمعنا الغيورين وليس ممن هم حثالة هذا المجتمع. أقسام الشرطة هذه تكون تابعة للسلطة المحلية وأفرادها يُختارون ويتلقون أجورهم من السلطة المحلية حتى تتمكن من محاسبتهم والإشراف على عملهم. هذه الأقسام تنسق تنسيقاً كاملاً مع الشرطة العامة. أفرادها مسلحون ومدربون وأخلاقيون وظيفتهم حفظ الأمن والأمان والنظام داخل مدننا وقرانا. أقسام كهذه قائمة في الكثير من السلطات المحلية اليهودية. ولإقامة مثل هذه الأقسام يتطلب الميزانيات الضخمة لذلك ستحاول الحكومة التهرب من هذا المطلب وإفشاله وسيساعدها في التهرب أصحاب الشعارات الجوفاء من أبناء جلدتنا.
3- إذا لم يتم تنفيذ أحد المطلبين المذكورين أعلاه على لجاننا المختلفة وقياداتنا التوجه إلى الأمم المتحدة والطلب بشكل رسمي الحماية الدولية. طلب من هذا النوع خطير ويمس كرامة ومركز الدولة أمام الرأي العام الدولي وهو إحراج لها قد يدفعها للموافقة على واحد من البديلين الأول أو الثاني. دولة إسرائيل لن تسمح بتوفير حماية دولية لمواطنيها لذلك ستضطر إما لأخذ دورها وحفظ النظام والأمان في مدننا وقرانا وإما للسماح لسلطاتنا المحلية بإقامة أقسام شرطة تابعة لها للقيام بهذه المهمة مهما كلفها ذلك من ميزانيات.

هذه البدائل الثلاث المذكورة أعلاه هي الحلول الممكنة التي نستطيع بواسطة واحد منها وقف ما نتعرض له يومياً من عمليات قتل وإرهاب في مجتمعنا. ولا توجد حلول أخرى. إن مواصلة سكوتنا المريب عما يجري لن يجلب لنا إلا المزيد من الضحايا وسيوصلنا إلى وضع لا نستطيع بعده فعل أي شيء.
أعرف أن هذا المقال لن يُنفّذ أحد شيئاً مما جاء فيه لأننا جميعاً سياسيون وأدباء وأفراد عاديون تعودنا، كما يبدو، على هذا العنف المستشري. والأخطر من ذلك أننا نستسيغه ولا ننبذه. وخير دليل على ذلك هذه التحولات في نهجنا السلوكي الاجتماعي التي حدثت في مجتمعنا وجعلتنا نلجأ، دون ذرة من حياء، إلى رؤساء عصابات الإجرام ليكونوا في المقدمة في مناسباتنا المختلفة وليفضوا نزاعاتنا ويعقدوا رايات الصلح بيننا. وهذا خير دليل أننا جميعاً نقف وراء هذا العنف الذي يجتاح مجتمعنا ويمس حياة كل واحد منا. أو على أقل تقدير لا ننبذه.

نحن جميعاً ضد العنف في شعاراتنا وخطبنا ولكننا جميعاً نمارسه وننميه في نهجنا وأفعالنا، وإلا لما كنا سكتنا عنه دقيقة واحدة. من أين جاء هؤلاء المجرمون؟ من كوكب آخر؟ إنهم من أبنائنا الذين ربيناهم ونسكت عنهم ونشجعهم وندافع عنهم ونخبئهم من الشرطة عند الضرورة. كيف نسكت على هذه الدماء التي تسيل كل يوم ولا نفعل شيئاً ملموساً لوقفها. الخيار في أيدينا ومن يقول غير ذلك يجافي الحقيقة. أي حل من الحلول التي طرحتها أعلاه، والتي نعرفها جميعاً، كفيل بوقف هذه المجزرة التي نتعرض لها.

في دير الأسد عندما أطلق أحد أفراد عصابات الإجرام النار على إطار سيارة شرطة قامت الدنيا ولم تقعد إلا بعد إلقاء القبض على المجرم. وفي قرانا كل يوم قتيل وتظل الأمور عادية. ألهذا الحد صرنا نسترخص دمنا؟ لماذا يسكت رؤساء سلطاتنا الحلية وأعضاء الكنيست وقادتنا ويكتفون بالثرثرة فقط وهم يعرفون أن الثرثرة والمظاهرة والإضراب عن الطعام لن تجدي شيئاً؟ فقط لان دمنا رخيص. وفقط لأنه عادي في نظرهم أن يقتل كل يوم واحد أو أكثر من أبنائنا.
العنف يحتاج إلى قوة لوقفه ولا يمكن وقفه بالكلام والخطب وطرح شعرات التربية والتثقيف وما إلى هنالك. ففي أجواء العنف لا يمكن تربية جيل ولا يمكن تثقيف أمه. البرامج والندوات والتثقيف يصبح مجدياً بعد وقف العنف بالقوة وبالحزم. فلماذا لم نبادر حتى الآن للإعداد لهذه القوة؟ الجواب واضح وجلي وهو أننا لم نأخذ قضية العنف بشكل جدي حتى الآن ولم نضعها في مقدمة سلم أولوياتنا لأننا نرى هذه الظاهرة شيئاً عادياً وجزءاً لا يتجزأ من نمط حياتنا.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com

مقالات متعلقة