الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / مارس 15:02

مسرح الحكواتي الفلسطيني /بقلم: راضي د. شحادة

راضي د. شحادة
نُشر: 06/11/19 13:45,  حُتلن: 13:48

تأسَّس كفرقة سنة 1977، وتأسس كمسرح سنة 1984 في القدس المحتلة، بمشاركة فنانين فلسطينيين من الداخل الفلسطيني والضّفة الغربية والقدس. ما يميّز هذا المسرح أنّه عمل لفترة عشر سنوات على إنتاج أعماله بأسلوب التأليف المسرحي المعتمد على الارتجال، وعلى الخبرات الحياتية للمشاركين في التجربة، وقد أداره الفنان فرانسوا أبو سالم. كان الأمر غاية في الأهميّة في فترة كان المسرح الفلسطيني يفتقر الى النُّصوص المسرحية الكافية او المناسِبة للعرض، أو القابلة للتجوال في أنحاء العالم، والتي تعكس شيئًا من الواقع الفلسطيني السياسي والاجتماعي والفنّي.

اعتمد العرض المسرحي في فرقة الحكواتي على استغلال عناصر الفنّ المسرحي العَرْضِيّ الـمُغْنِيَة للحواس والـمُنبثِقة من مُتطلبات المنصّة، وليس من خلال ضرورات النصّ المكتوب أدَبيًّا، داعمًا نفسه بعنصر الفُرْجة المسرحية، وبسائر عناصر فنّ العرض المسرحي. وأمّا بما يخصّ المضمون فقد كانت الفرقة، وبجدارة، قادرة على استيحاء مواضيعها من واقع القضيّة الفلسطينية كقضيّة تحرّر وطني، وكقضيّة مُركَّبة ومعقَّدة، وتحتوي على صراعات حادّة اجتماعيًا وسياسيًا. كانت إسقاطاتها "الآكتوآلية" تحت الاحتلال الإسرائيلي تُعرِّضها لصعوبات جَمّة، وللمخاطر وللملاحقات خلال تَجوالها وخلال تواجدها في مقرّها الجديد، كفرقة ذات هويّة فلسطينية مستقلّة؛ ناهيك عن الـمُعيقات المادّيّة الصّعبة التي كادت توقف المشروع عند حدّه، وبخاصّة عندما انتقلت الفرقة من حالة الفرقة الى حالة مؤسسة، ومَقرٍّ يحتاج الى ميزانيّات ضخمة، والى الحاجة الماسّة للكثير من الإنتاجات، لكونه أصبح قادرًا على استيعابها بغزارة وبشكل متلاحق ومكلف ومنهك.
استطاعت الفرقة أن تتجوّل مع أعمالها في أنحاء العالم وفي بعض الدول العربية؛ وتحوّلت الى مجموعة من الفنّانين الذين يُقدّمون جُلّ جُهدهم في إنتاجات جديدة تحت سقفِ مسرحهم الجديد الذي بَنوهُ في القدس المحتلة سنة 1984، وحمل اسم "مسرح النزهة /الحكواتي"، حيث أنّ بنايَة السّينما المحروقَة، والتي حوّلوها الى مسرح- وكانت تحمل اسم "سينما النزهة"- حظيت بجزء من اسم المسرح الجديد لفترة مؤقتة.
قام أعضاء المسرح الـمُؤسِّسون بتقديم عدّة أعمال على خشبة مسرحهم الجديد، وقَدَّمُوا كفرقة وكأفراد أعمالًا جديدة وبكثافة داخل قاعتَيّ المسرح، او متجوّلون خارج المسرح في أرجاء فلسطين وفي أنحاء العالم. في نهاية سنة 1989 وبعد أن أصبحت عملية إدارة شؤون المسرح الجديد كمؤسّسة تتطلّب مَجهودا إداريًا صعبًا - ما أدّى الى استنفاذ طاقاتهم على حساب جهودهم الإبداعية - قرّر أعضاء الفرقة المؤسِّسون للمقرّ المسرحي التَّفرّغ لأعمالهم الفنّية والمسرحيّة ولمشاريعهم الحياتية الخاصّة، والتنازل عن المقرّ لصالح مجلس أُمناء يتولّى الإشراف عليه وإدارته؛ ومذ ذاك أصبح المقرّ يعمل تحت اسم "المسرح الوطني الفلسطيني"، ولكنّ اسم مسرح الحكواتي بقي طاغيًا عليه.
"المسرح الوطني الفلسطيني- الحكواتي" لا زال يقوم الى الآن وبكثافة بإنتاج أعمال مَسرحيَّة، ويُشكّل عنوانًا للعروض المختلفة في قاعَتَيْه ومُدَرَّجَيْه وعلى منصّتَيه وبتقنيات حديثة، وأصبح عنوانًا لروّاده، ويتابع نشاطَه كمؤسّسة تخدم العروض والنَّشاطات الفلسطينية على أشكالها المختلفة، ويفتح أبوابه لإنتاجات إبداعية ولعروض ولقاءات واحتفالات فلسطينية وعلى جميع أطيافها.
*راضي د. شحادة- أحد مؤسِّسي مسرح الحكواتي، وعضو سابق في "فرقة الحكواتي"، ومؤسس ومدير "مسرح السيرة الفلسطيني" الذي يديره حاليا في الجليل.

مقالات متعلقة