الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 20 / أبريل 01:01

المجتمع العربي: العنف وتحديات الحداثة الآنية

بقلم: خالد خليفة

خالد خليفة
نُشر: 03/10/19 18:57,  حُتلن: 07:28

خالد خليفة في مقاله:

لم يفقه المنتخبون العرب من أعضاء المشتركة ورؤساء المجالس المحلية والبلدية انه يتوجب عليهم العمل على إيجاد خطة وصيغة بنيوية وجوهرية لمواجهة العنف في الوسط العربي

لم يكن إضراب الثالث من اوكتوبر 2019 صدفة بحيث تتابع مسلسل العنف في المجتمع العربي هذا العام ليصل إلى عشرات القتلى في الجليل المثلث والنقب.

إن آفة العنف في مجتمعنا العربي هي حديثة بحيث أوقعت الكثير من الضحايا في دولة تدعي حكم تطبيق القانون والمؤسسات.  لقد حاولت الشرطة والحكومة من وراءها تسويق الخطة 9226 لدعم المجتمع العربي ولكن ما يقف من وراء هذه الخطة هو ضخ الأموال لوزارة الأمن الداخلي وإعادة هيكلة عمل الشرطة في الوسط العربي والتي تتمثل بتجنيد المخبرين ورجال شرطة عرب إلى صفوفها ولكن هذه الخطة فشلت فشلا ذريعا.

لم يفقه المنتخبون العرب من أعضاء المشتركة ورؤساء المجالس المحلية والبلدية انه يتوجب عليهم العمل على إيجاد خطة وصيغة بنيوية وجوهرية لمواجهة العنف في الوسط العربي حيث أن هناك أيدي خفية في مؤسسات الحكم تعمل على تأجيج العنف في مجتمعنا العربي من اجل إضعافه وتقويد أركانه كي يكون مجتمعا خنوعا لا يطالب بأبسط حقوقه ويعيش كمجتمعا ضعيفا ومستهلكا على هامش المجتمع الإسرائيلي القوي.

ويبدو جليا في هذه الايام ان للشرطة دور كبير في عدم مواجهة العنف تماما كما واجهته في المجتمع اليهودي فالأموال الضخمة التي ضخت لميزانيتها كان يمكن لها أن تواجه هذه المشكلة وتضع الحلول المناسبة لها ولكنها تتقاعس في ذلك وتسمح للمجرمين وعصابات الإجرام أن تعث فسادا في مجتمعنا.
كما يتواطئ الإعلام العبري مع الشرطة ولا يشكل قوة ضاغطة وحقيقية لحل هذه المشكلة حيث أن الحكومة بقيادة نتنياهو والإعلام الإسرائيلي ينظرون إلى المواطنين العرب على أنهم مواطنون من الدرجة الثانية ولا يهمون الكثير المجتمع الإسرائيلي.

أما رؤساء المجالس المحلية والبلدية ,لجنة المتابعة ومؤسساتها المشلولة واللجنة القطرية بقيادتها الوليدة وأعضاء المشتركة الذين بدءوا يسلكون مسلكهم الجديد للدورة 22 فأنهم لا يعملون بشكل منهجي بتشخيص المشكلة وطرح الحلول لها فعليهم الإعلان عن أقامت مؤتمر قومي لبحث ظاهرة العنف والاستعانة بخبراء وباحثين من هذا المجتمع يضعون الحلول لهذه الظاهرة وهذا اقل ما يمكن أن يقوم به هؤلاء وكل ذلك بتعاضض وتلاحم بين الجماهير وكافة هذه الأجسام
ولرؤساء المجالس المحلية والبلدية الدور الأكبر في تصعيد آفة العنف حيث يستغل هؤلاء الرؤساء المبنى القبلي والعائلي لفرض سيطرتهم و قبضتهم للمزيد من التأييد.

يقوموا خلال فترة إدارتهم بتوزيع الوظائف و الحقائب ومتمثلة بأموال جمة على جمهور الهدف , و في هذه الحالة ,العائلة او القبيلة التابعة له الأمر الذي يزيد من الصراعات والعنف.
و يستطيع أي رئيس لأي مجلس بلدي أو محلي استغلال هذا المبنى الهيكلي لصالحه , الأمر الذي يساعد على استمرار الوضع الراهن ويحد من التطوير المجتمعي لبلداتنا و مجالسنا العربية المحلية و البلدية .
و يسود هذا الوضع ليس في بلدة واحده في الجليل , المثلث أو النقب , بل في كافة قرانا و مدننا العربية .

لقد كان هذا الوضع سائدا في منتصف الخمسينات و لكن للأسف الشديد ما زال قائما وحتى يومنا هذا, و يمكننا القول أن أنظمة الدول العربية مصابة أيضا بهذا الداء , فالعراق و سوريا مثلا , لا يمكنها أن تتقدم كونها تستعمل المحاصصة القبلية و الطائفية في إدارة الحكم .

حيث أن الأمريكي المحتل في العراق يفرض عليهم رئيس حكومة شيعي, و رئيس جمهورية كردي, ورئيس برلمان سني, على عكس ما كان عليه في السابق.
لقد كانت التوقعات كبيرة بأن تقوم حركة عربية في هذه البلاد تتكون من الطبقة الوسطى تفرض برنامجا إداريا وسياسيا يعتمد بالأساس على النهوض في البلدات العربية.
و لكن هذا الجيل الشاب المتعلم , لم يقم بواجبه اتجاه مجتمعه و اتجاه التغيير والحداثة, حيث أن الصراعات القبلية والعائلية , ستستمر إلى ردح كبير من الزمن الأمر الذي يزيد من العنف .
كما أن النساء لا يأخذون دورهم الصحيح في الكعكة السياسة في البلدات والمدن العربية, فهنالك نساء تستعمل للزينة السياسية , ولكن حركة نسائية سياسية حقيقية هادفة وقوية لم نسمع عنها بعد إلا في بعض الأماكن .
وإضافة إلى ذلك فان نمط التفكير في العديد من قيادي القرى والمدن العربية , هو نمط تقليدي غير تحديثي .
فكافة رؤساء المجالس المحلية والبلدية يفكرون في توزيع الميزانيات والوظائف على الأشخاص المقربين , ولا يوجد هناك تفكير حقيقي بجلب ميزانيات ضخمة تصرف على البنية التحتية , البيئة , الثقافة , المواصلات لكي ترفع من مكانة و مستوى الحياة للإنسان العربي وتبعد شبح العنف في هذا المجتمع.

ويسود عالم الاقتصاد فكر اقتصادي وسياسي مغاير لفكرهم التقليدي ,حيث أن الخصخصة هي العامل المركزي في التحديث.
فبدلا من أن تصرف الميزانيات على المشاريع و تحفيز الاقتصاد والمبادرات الفردية في القرى و المدن العربية , نراهم يصرفون هذه الأموال على توظيف المقربين لرؤساء الامر الذي يخلد الوضع الراهن السيئ ويحد من عملية التطوير التاريخي التي يجب ان تكون من نصيب المواطنين بل يساعد على تصعيد العنف وزعزعت أركان مجتمعنا العربي وعدم النهوض به إلى الأمام.
مهما يكن فأن خطة رباعية كانت أم خماسية متكاملة عليها أن تتبلور بعد هذا الإضراب ومقتل الأشقاء من مجد الكروم لمواجهة وكبح هذا العنف المستشري في مجتمعنا. 

  المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com   

مقالات متعلقة