الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 19 / مارس 08:02

العنف، الإعلام واضمحلال المرجعيّة بالمجتمع العربيّ

بقلم: خالد خليفة

خالد خليفة
نُشر: 23/08/19 20:33,  حُتلن: 15:01

خالد خليفة في مقاله:

بدلا من أن نركز على تقوية مجتمعنا بالعلم والاقتصاد والاختراع والتربية بين أبناء المجتمع أصبحت قضية العنف تزلزل أركان هذا المجتمع وتصيبه بالصميم

 اضمحلال المرجعية الاجتماعية العربّية هي التي تؤدي بالتالي الى ازدياد قضية العنف وعدم القدرة للسيطرة عليها ومعالجتها بالشكل الصحيح

تتفاقم آفة العنف في الوسط العربي، بشكل مثير للقلق، فلا يمر يوم إلا ونسمع فيه عن عمليات تؤدي إلى زهق الأرواح البريئة والتسبب بجراح للعديد من أفراد مجتمعنا. ويمكن القول أن أعمال العنف انتشرت في كافة أرجاء مجتمعنا العربي. فهي ليست حكرا على مناطق أو مدن معينة في الجليل أو المثلث أو النقب. ولا يمر يوما إلا ونصحو في الصباح على أخبار عاجلة تتعلق بالقتل إذا كان ذلك طعنا أم بإطلاق النار،وتزهق أرواح البريئة الشباب والنساء والرجال على حد سواء.

هذا ومن المؤكد القول والجزم،إن هذه الظاهرة هي ظاهرة مقلقة تضرب حصانة مجتمعنا العربي فبدلا من أن نركز على تقوية مجتمعنا بالعلم والاقتصاد والاختراع والتربية بين أبناء المجتمع أصبحت قضية العنف تزلزل أركان هذا المجتمع وتصيبه بالصميم، حيث تضرب بنيان هذا المجتمع وتهز أركانه ليكون مجتمعا عنيفا بالأساس.

حتى ان النساء والفنانين والأطفال أصبحوا ضحية هذه الأعمال المقيتة. ويمكن القول ان هذه الأعمال اخذة بالتزايد منذ ألانتفاضه الثانية . ولا نرى أي تحرك يذكر من شخصيات ومؤسسات عربية لمعالجة هذه الكارثة المتفاقمة،بل نسمع توجهات عابرة للقيادات العربيّة السياسية الى الحكومة لوقف أفعال الشرطة،ومطالبتها بنزع الوسط العربي من السلاح،الأمر الذي يجعلني أتساءل بأن كل من يطالب الحكومة بهذه المطلب يعطي الانطباع بأن مجتمعنا العربيّ هو مجتمع مليء بالسلاح، وهذا أمر غير صحيح،أما السلاح،فيمكن القول انه تسرب من عصابات الإجرام من الوسط اليهودي والشرطة الإسرائيلية بعد ان قضي عليها من قبل الشرطة ،وانتقلت إلى عصابات الإجرام في الوسط العربيّ التي بدأت بأسباب تتعلق بالمتاجرة والفقر بنشر هذه الكمية من السلاح إلى الوسط العربي،والتي بدأت تسبب هذه العمليات الكبيرة من الجريمة.
أما على صعيد وجودنا في هذه الدولة فقد اتضح للعيان ولكافة المراقبين أن مؤسسات الدولة الرسمية والغير رسمية كالشرطة والحكومة والأعلام غير ابهة تماما، وتشديا على كلمة تماما، بما يجري داخل الوسط العربي.

فالإعلام الإسرائيلي،والذي يقرر في هذه الدولة في كل شاكلة كانت،كبيرة ام صغيرة، لا يعط اي اهتمام يذكر للعنف في الوسط لعربي ،ويغطي هذا الأمر من منظور استعلائي . ولا يشكل وسائل ضغط على الشرطة لحلّ الغاز العنف المتعددة التي تتطور يوميا .

على عكس ما تفعله الشرطة في الوسط اليهودي حيث يقوم الإعلام العبري بالضغط وبشكل قوي، على الشرطة الإسرائيلية لحلّ الغاز القتل التي لا تتطور بشكل ملموس في الوسط اليهودي،بل نراها تختفي وتتقلص وتزداد عندنا في الوسط العربي.

فلنأخذ مثلا عملية قتل الصراف احد مواطني نتانيا،قبل أسبوعين،ابن الثالثة والسبعين عام،حيث قامت الشرطة باعتقال القاتل خلال يومين،وكذلك الأمر بالنسبة للمواطن اليهودي الذي قتل في موقف للسيارات في الرملة،من قبل احد سكان مدينة الرملة،حيث غطى الإعلام هذه العملية بشكل قوي، وتم اعتقال الجاني خلال عدة ساعات ومن ثم بدؤوا في حملة تبرّعات وصلت إلى 3 مليون شيكيل خلال 3 ايام .

أما المغتالين من أبنائنا في الوسط العربي،سواء قتلوا في الضفة الغربية وبقطاع غزه او في كفر كنا وكسرا وام الفحم،فأنهم يعتبرون مجرد أرقام تضاف الى المعدل العام للذين قتلوا خلال هذه السنة . ولا نسمع اي ردود فعل من الشرطة، رئيس الحكومة ووزير الأمن الداخلي،والذي يحرض على العرب بشكل علنيّ بدون اي خجل ( انظر الى مقتل يعقوب القيعان من قبل الشرطة في النقب ) .

واكبر مثال على ذلك هو تجاهل الإعلام الإسرائيلي الشبه كامل لموت الفتاة الجامعية،اية نعامنة،من عرابة،والتي اختفت على مدى يوم ونصف ولم تأبه الصحافة العبرية سوى ذكر الحادث،ولم تذكر مسؤولية مؤسسة التخنيون ومن وراء هذه الرحلة،حيث تستر الإعلام على دور السفارة الإسرائيلية في أثيوبيا والسلطات الإثيوبية هناك، على عكس الفتاة الإسرائيلية اليهودية التي ماتت نتيجة شربها حليب جوز الهند في تايلاند،وكم غطى الإعلام الإسرائيلي هذا الحدث كي ينبه الآخرين على عكس ما حدث عندما يغطي أي حدث في وسطنا العربيّ .

وبكل هذه الحالات، فأن تصعيد وزيادة العنف في الوسط العربيّ، إضافة إلى إهمال الشرطة والحكومة وتقاعسهم في معالجة العنف، والنظر الينا كغرباء، وليس كمواطنين، فان اضمحلال المرجعية الاجتماعية العربّية هي التي تؤدي بالتالي الى ازدياد قضية العنف وعدم القدرة للسيطرة عليها ومعالجتها بالشكل الصحيح.

* خالد خليفة - صحفي ومحلل سياسيّ

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com   

مقالات متعلقة