الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 22:02

اية حلمت أن تبقى طفلة .. وستبقى !-وديع عواودة

وديع عواودة
نُشر: 18/08/19 20:30,  حُتلن: 07:40

منذ ان فتحت حسابها في الفيسبوك عام 2010 كانت الطالبة النجيبة اية نعامنة(22) مقلة في كتابة المنشورات ونشر الصور.. واخر تحديث لها تم في نهاية 2017. ومع ذلك كان هذا كافيا للاستدلال على حلمها الكبير بان تبقى طفلة وداخل عالم الطفولة الطاهر النقي من كل شرور الدنيا. نشرت الكثير من صور الأطفال في صفحتها بعضها لاية الصغيرة حبوبة والدها كما تروي صورة عناق مع والدها.


" ليتني أعود طفلة فتكون اجمل تعابيري ضحكتي واكبرىهمومي لعبتي " قالت آية أسفل صورة لها وهي كفلة تحمل دمية الطفولة. وفي منشور اخر هو ايضا من 2011 حيث كتبت امنيتها اياها بكلمات اخرى وهي ع عتبة الفتوة وتأبى دخول مرحلة جديدة في حياتها..لتبقى طفلة : " نعم كبرنا ولكن نبحث عن الامان.. عن الصمت .. عن المروءة.. عن قلوب كقلوب الأطفال صادقة .. ولا تعرف الكره والحقد والخيانة..قلوب صافية نقية.. لم يغدر بها الزمان..نعم كبرنا ولكن نعشق الطفولة.. ونتمنى أن يعود بنا الزمان كما كان .."

يبدو ان التمني بالعودة للطفولة المتكررة في منشوراتها يعكس صفاء روح فتاة حالمة شاء القدر ان يصغي فتتحقق أحلامها على نحو موجع...فاية لن تكبر وستبقى طفلة في صورتها وبعيون حبايبها وكل من عرفها.

الشيخ فوزي نعامنة ابو رياض جد الطالبة اية نعامنة يؤكد انه تلقى الخبر الكابوس برحيل حبيبته من ابنه انور المقيم في المانيا فقد تلقى رسالة رسمية من اثيوبيا حول العثور على اية وقد فارقت الحياة. وتختلف الروايات الرسمية حول مصرعها فبعضها يقول انها سقطت من علو وبعضها يقول ان الجفاف قد اوقف نبضات قلب حفيدته الموهوبة فسقطت وماتت. بين هذه وتلك الغموض لم يتبدد وهناك أسئلة مفتوحة وشبهات بالقصور تطال عدة جهات حتى وان كانت الرحلة التعليمية برعاية " التخنيون " قد انتهت قبل ايام.. وغير مقنع تماما ان يترك المرافقون والمسؤولون من الجامعة طلابهم وحدهم في منطقة محفوفة بالمخاطر.

الجد الثاكل يوضح ان والد اية قد نزل من سلم الطائرة صباح اليوم في اللد بعدما بلغه نبأ مفجعا و قبل اقلاعها لاديس ابابا مع اثنين من اصدقائه كانا في طريقهم لاثيوبيا بحثا عن الاية المفقودة. منوها انه قد عثر على جثمان اية قريبا جدا من الموقع الذي افتقدت فيه وبواسطة الارسال الالكتروني مع هاتفها المحمول.
وهذا ما اكده الوالد الثاكل والذي قال عدت خائبا بعدما تمنيت ان أعود بها وبين ذراعي ولكن لا نقول الا ما يرضي الله والحمد لله ع كل حال.
وأعربت إدارة " التخنيون " عن بالغ اسفها وعن مشاطرتها حزن اسرتها. موضحة ان اية شاركت في مساق اكاديمي في مدينة ميكيل في اثيوبيا مع مجموعة طلاب من التخنيون ومن جامعة يورك الكندية وجامعة إم يو الاثيوبية.
وقال مساعد نائب رئيس " التخنيون " لأمور طلاب العرب بالتخنيون بروفيسور حسام حايك إن المساق دام أربعة أسابيع وانتهى يوم الأربعاء الماضي 14 اغسطس الجاري واضاف " لكن ستة طلاب واية منهم قرروا البقاء في رحلة خاصة وجدت اية خلالها حتفها. ردا على سؤال قال حايك " يبدو ان اية لقيت حتفها بعد سقوط عن علو في تلك المنطقة الصحراوية والتخنيون باتصال مباشر مع العائلة ويسعى لمساعدتها بكل شيء ".
من جهته اوضح رئيس بلدية عرابة عمر واكد نصار مساء هذا اليوم الاحد ان موعد الجنازة لم يتحدد لأن ترتيبات نقل الجثمان لم تتحدد بعد وتابع "نحن على اتصال مع وزارة الخارجية والسفارة في أديس أبابا وننتظر انتهاء الاجراءات علما ان السفارة الفلسطينية هناك قد استنفرت وساعدت.

اية( 22) طالبة هندسة مدنية - بيئية متفوقة سنة رابعة في معهد العلوم التطبيقية( التخنيون) شاركت في هذا المساق التعليمي السامي الهادف لتوفير حلول هندسية للمناطق المنكوبة والفقيرة في العالم.
تركت أربع شقيقات وشقيقين وأب وام ومجتمع كامل مفجوع باكيا على رحيلها... وكم هو مسرع وعجول وقاهر هذا الموت...فلم نبرأ بعد من جرح فقدان اية اخرى.. اية مصاروة من باقة الغربية التي كمن لها الموت هي الأخرى في زاوية معتمة في طريق عودتها من الجامعة في استراليا قبل شهور..حتى اختطف اية اخرى من اياتنا الواعدات...تمهل ايها الموت تمهل ولماذا كل هءه القسوة مع النساء !
رغم مرارة هذا الموت...موت الايتين ربما ربما يكون اخف مضاضة من موت سببه خنجر بالظهر من ذوي القربى كما حصل مع السيدة امنة ياسين من المكر امس..والله يرحمهن.

وكتب الشاعر جريس دبيات من كفركنا مرثية موجعة في اية التي هزت وجدان شعبها كله ربما لكونها شهيدة العلم وفي غربتها ولكونها نجيبة وترمز لقوة نسائنا العربيات في تجاوز حدود الياس والحواجز فقال فيها :

سَاَلْنا اللهَ يَوْمَ البُؤْسِ آيَةْ .... فَكانَ المَوْتُ أَسْرَعَ نَحْوَ "آيَةْ"
وأَمْسَى الحُلْمُ في البَيْدا سَرابًا ... وكانَتْ فيهِ بَيْنَ النَّاسِ آيَةْ
لَنَا في المَوْتِ آيَتُهُ ، ولكِنْ .. أَتُوجَدُ في الصِّبا لِلْمَوْتِ آيَةْ؟!
شَهادَتُكِ الشّهَادَةُ ، كُلُّ حَرْفٍ.... سَتَجْزيهِ السَّماءُ بِأَلْفِ آيَةْ

لروحها السلام

مقالات متعلقة