الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 18:01

لن يرحل هذا الصبار‎

بقلم: يوسف حمدان

يوسف حمدان
نُشر: 09/08/19 21:55,  حُتلن: 16:42

كان الليل وديعاً،
كان سريرَ النومِ
وحاضنةَ الأحلامْ..
صار الليلُ نهاراً
لا تشرقُ فيه الشمسُ
وأصبح فجرُ اليومِ التالي
حلقةَ وصلٍ
بين زُحامٍ وزُحامْ
كان النجمُ منارةَ ليلٍ
والبدرُ يطرّز باللون الذهبيِّ
جلابيب ظلامْ
صار البدرُ الساطعُ منفياً
خلفَ نواطحَ غيمٍ
تعلو في كل فضاءْ..
كان الماءُ نقياً في الأنهارِ
وفي الوديانِ،
وما أعذب ذاك الماءْ!
كانت كل الأرض بساطاً أخضرَ
طوَّق أبنيةً من حجرٍ
وسقوفاً حمراءْ..
كان الراعي مُنشرِحَ الصدرِ،
قرير العينِ، فيسرحُ، يمرحُ،
ينفخُ روحاً في بَوْح المزمارِ
بدون عناءْ
صار الراعي عبثاً يبحثُ
عن بقعة عُشبٍ خضراءْ
كانت في سهل الساحلِ بياراتٌ
تتمنطقُ بالبياراتْ
صارت أرضُ البياراتِ مبانٍ عاليةً
تتقاطع فيها طرقاتٌ تتضوّرُ
تحت صرير العجلاتْ..
كان الحسّونُ يغازلُ
سنبلةَ القمحِ ويقفزُ في مرجٍ
تتماوجُ فيه شقائقُ نعمانٍ
حمراءَ وبيضاءْ.
***
مذ جاء إلينا كولومبوس
شاهد فينا أشواكاً بريَّةْ
فعلينا أن نُخلي الأرضَ
لهجراتِ نباتاتٍ
تأتي من أصقاع الحربِ
الغربيةِ والشرقيةْ
ولكي تُزهقُ أو تَرحَلُ
كل نباتات الأرض الأصليةْ
لا بد لنا من إخلاء سبيلٍ
للموت بآلات راقيةٍ
أو بكوارث بيئيةْ..
هدموا الأثارَ
وجدران الدارْ
وبنوا آثاراً
تتواءمُ مع أسطورةِ
تاريخ الأبرارْ..
قطعوا الأشجارَ الأصليةْ
واجتلبوا أشجاراً
من أحراش غربيةْ
***
قالوا:
لك أن تختار:
إرحلْ!
أو كن عبداً
فتعيشُ حياةً أفضلْ!
قُلتُ لهم:
مهما صنعت أيديكم
لن يرحلَ هذا الصبّارْ!
لن تتزحزح أقدامي
عن درب الأحرارْ!
أقدامي قُدّت
من ساق البلوطِ
ومن جذع الدردارْ
وسيبقى وطني
بلد الزعترِ والمُرارْ.
يوسف حمدان - نيويورك

نيويورك

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.com   

مقالات متعلقة