الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 20 / أبريل 02:01

مشروع دويلة سيناء...المطلوب موقف رسمي واضح/ بقلم: مهند إبراهيم أبو لطيفة

مهند إبراهيم أبو
نُشر: 12/07/19 12:43,  حُتلن: 12:12

منذ عقود طويلة ، وتحديدا منذ العام 1902، يتكرر الحديث عن شبه جزيرة سيناء ، ومشاريع التوطين لتكون جزءا من حكم ذاتي ضمن مخطط الحركة الصهيونية، إما كقاعدة تنطلق منها لإقامة ( الوطن القومي ) أو لاحقا لإستيعاب اللاجئين الفلسطينيين.

في عام 1902 حاولت الحركة الصهيونية ، إقناع الحكومة الإنجليزية ( دولة الإحتلال في تلك المرحلة ) بالموافقة على منحها جزءا من شبه جزيرة سيناء لتقيم عليها مستوطنات للاجئين اليهود بسبب قربها من فلسطين .

وفي إطار مساعيه لتحقيق هذا الهدف ، إلتقى تيدور هرتزل مع جوزيف تشمبرلن ، وزير المستعمرات واللورد لانسيدن وزير الخارجية وتم الإتفاق على " مشروع العريش " ، وأن تحصل الحركة الصهيونية على حق الإمتياز على أراضي تقع في شبه جزيرة سيناء.

وصلت إلى مصر في تلك المرحلة ، لجنة ‘عُرفت بإسم " اللجنة الصهيونية" وكان هرتزل من ضمن أعضائها ، وقابلت اللورد كرومر، المندوب السامي البريطاني في مصر. وبالرغم من الموافقة المبدئية للخديوي (عباس حلمي) الثاني على المشروع ، إلا أنه تراجع فيما بعد.

كان من المخطط أن تحصل الحركة الصهيونية على إمتياز إدارة هذه المناطق المخصصة لها ، لتقيم عليها ما يُشبه الحكم الذاتي، تحت رعاية السلطات البريطانية لمدة 99 عاما.

سجل هيرتزل ما جرى من مباحثات بهذا الخصوص في مذكراته، ومما جاء فيها :

" القاهرة في 2 نيسان، كان أمس يوما خاويا ، لا أدري إذا كان ذلك اليوم طيبا أم سيئا بالنسبة لنا ، فمشروعي عن حق الإمتياز في منطقة العريش ، كان جاهزا وموافقا عليه ، ولكن ماذا سيكون تأثيره على الحكومة المصرية..." ، وكتب في اليوم الثاني : " إن إتساع رقعة الإقليم الذي طالبنا به ، هي نقطة الإعتراض الأساسية، إنهم يريدون إعطائنا إقليما...ولكننا لا نقبل إلا الحصول على إقليم موحد...إننا لسنا من المضاربين العقاريين ، مثل الذين تجدونهم في مصر...".

إنتهت المباحثات مع الحكومة المصرية وقتها بالفشل ، ثم في عام 1953، تم طرح مشروع لتوطين الفلسطينيين في شمال سيناء، وكان الإقتراح يشمل منحهم نوعا من الحكم الذاتي، ولكن الشعب الفلسطيني رفض هذا المشروع، وخرجت جماهير القطاع منتفضة في شهر مارس عام 1955، في مظاهرات عارمة للتأكيد على حق العودة ، جوبهت وقتها بالقمع الشديد ، وتم لاحقا إلغاء المشروع.

إستمرت المشاريع المتعلقة بتوطين الفلسطينيين ، تُطرح من فترة لأخرى، ففي آواخر عام 1967 طُرح مشروع بيجال آلون، ومن ثم مشروع غيون إيلاند ، مدير الأمن القومي الإسرائيلي عام 2004، والذي يتم بموجبه تخصيص مساحة 600 كيلومتر لتوطين اللاجئين مقابل تنازل " إسرائيل "عن 200 كيلومتر من أراضي صحراء النقب في شمال غرب مدينة إيلات.

وبعدها وفي عام 2013 ، طرح البروفيسور هيوشع بن آريه ، الرئيس السابق للجامعة العبرية، مشروعا لتبادل الأراضي بين مصر وفلسطين وإسرائيل، في إطار حل شامل للصراع العربي- الإسرائيلي، على أن يتم إقامة دولة فلسطينية في قطاع غزة، وتُخصص لها مساحة إضافية من الأراضي في سيناء، مقابل التنازل عن مطالب إقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967 ، وإسقاط حق العودة ، وحصول السلطة الفلسطينية على حكم ذاتي في المدن الفلسطينية وبعض أجزاء من القدس.

ومنذ بدأ الحديث عن " صفقة القرن " ، عادة فكرة تبادل الأراضي ، وضم أجزاء من سيناء إداريا ، لتكون ضمن مشروع الحل للمشكلة الفلسطينية، وتسربت أخبار عن بدأ تنفيذ عدد من الإنشاءات لفصل المنطقة التي يراد أن تقام عليها مشاريع ضمن خطة الإدارة الأمريكية التي يتابعها مستشاره ومبعوثه إلى المنطقة جاريد كوشنر، عن باقي المناطق في سيناء، وإخلائها من سكانها، وإقامة جدار عازل حول تلك المنطقة تشمل مطار العريش والمنطقة الصناعية القديمة، إضافة إلى بعض القرى من بينها " السلام " و " الحبارين "، وأن المخطط يقضي بإقامة منطقة تجارية وصناعية حرة، يقام عليها عدد من المشاريع الصناعية والتجارية، الغرض منها خدمة قطاع غزة، في إطار خطة أوسع لقيام دولة فلسطينية على حدود غزة، والأراضي التي لا توجد عليها مستوطنات في الضفة الغربية وأجزاء من مدينة القدس.

تقوم الخطة على ترتيب الأوضاع الإقتصادية والسياسية والأمنية في القطاع أولا ، شريطة التوصل إلى هدنة طويلة الأمد مع قطاع غزة ، وأن تدعم هذه المشاريع كل من السعودية والإمارات ومصر والأردن، ثم يتم إقامة مشاريع ضخمة لتحسين البنية التحتية، وسيخصص للمشروع ميزانية مالية كبيرة.

وذكرت التسريبات ، أنه سيتم تخصيص ميناء على شواطيء قبرص، مخصصة للإستيراد والتصدير للقطاع ، تحت مراقبة أمنية شديدة.

بعيدا عن كل هذه التسريبات والأفكار المتداخلة حول تفاصيل المشروع المطروح والذي يتم الترويج له ، وكأنه الُحلم الجديد للفلسطينيين، وهو في جوهره حلم إسرائيلي بإمتياز، المطلوب موقف سياسي رسمي، علني وواضح من قبل الحكومة المصرية ، وعلى لسان رئيسها مباشرة، لقطع الشك باليقين ، لا سيما وأن موقف الشعب الفلسطيني واضح تماما، والرافض لكل هذه المشاريع التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، وإسقاط حق العودة، وكذلك موقف الشعب المصري التاريخي من أرض سيناء وما تعنيه بالنسبة لإنتمائه وشعوره القومي.

وربما سيكون من الأجدى، أن يصدر موقف رسمي فلسطيني من رأس السلطة ، ومن القاهرة مباشرة، يؤكد على ثوابت الموقف الفسطيني، خصوصا أن هناك أخبار تروج لمباحثات غير معلنة وإتصالات تتم، هدفها مناقشة مثل هذه الأفكار.

تكمن خطورة عدم إتخاذ موقف واضح وصارم، في فتح شهية الإحتلال الإسرائيلي، على مشاريع تهجير جماعي جديدة ما زالت تلوح في الأفق ، نحو حل جذري لمشكلة الوجود الفلسطيني في مناطق 48 وما تبقى من وجود في الضفة الغربية، وإحياء مشروع الوطن البديل في الأردن، حين تسنح الفرصة، وما حدث للجولان السوري هو المقدمة فقط.

يُعتبر إسقاط مشاريع التوطين وتبادل الأراضي ، حائط الصد الإستراتيجي في هذه المرحلة ، أمام مزيد من التوسع، ويجب التعاطي معها بكل حزم ، طالما بقيت حدود سايكس- بيكو تقطع أشلاء الوطن الواحد . 

 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com

مقالات متعلقة