الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 19 / أبريل 18:01

لغتي وطني/ بقلم: يوسف حمدان

يوسف حمدان
نُشر: 15/06/19 07:51,  حُتلن: 14:19

عبثاً تبذلُ غايةَ جَهدكَ
في القولِ وفي الأفعالِ
كي تنفيني من بُستاني العاشقِ
والمعشوقِ لكلِّ جمالِ..
قد تنزعُ من أرضي جَسدي
لكنّكَ لن تردمَ نبعَ حروفٍ
تنسابُ على شَفتي
فأنا أسكنُ في لُغتي
وحروفُ كلامي بَذرُ عواصفَ
تُزهرُ بين هبوب الريحِ
وألسنةِ النارِ
قد تحرمني من عذْبِ شرابي
وثمارِ جِناني
قد أبحثُ عن قُوتي
في أرصفةِ الوطن الثاني
لكنّ الوطنَ الأولَ
يبقى النَبْرَ بِنُطقِ لساني
عبثاً تقطعُ أغصاني
فحروفي تنمو في أرضي
كجذورِ الأشجارِ..
عبثاً تمحو أسماءَ شوارعنا
المحفورةِ في صدر جدارِ
فأنا مهما بدَّلتُ منازلَ
في بلدانِ الدنيا
سيظلُّ المتنبي علَماً يخفقُ
تحتَ سماء الدارِ
وسيبقى قلمُ الكرميّ "أبو سلمى"
ينفخُ في موقد جاري
بلدي لم يُصلبْ
إلا كي يُبعثَ في يوم قِيامهْ
عبثا تسحبُ
من تحت الأقدامِ
مكانَ صلاتي
تأبى أن ترحلَ
أحجارُ قُرانا المهدومهْ
يأبى أن يفنى فيها الصبارُ..
تأبى كلماتي المحفورةُ
في صخرةِ ذاكرتي
أن تأكلَها النارُ..
لن تفلحَ بالجبروتِ الفظَّةِ
أن تخفي خلفَ جدار القوةِ
أنسامَ الأشعارِ
عبثا تطردُ نحلي
عن شهد الطيب على أزهاري
وتُشَرِّدُ غُزلاني من أشجارِ روابينا
وسهولِ الشمسِ بأغواري..
كن، إن شئتَ، صديقي
أو كن جاري
فأنا كل الناس لدي سواسيةٌ
والحب طريقي وخياري
هذا العالم أصغرُ
من أن يتحولَ سجناً
فتعال نُحَوِّلهُ للناسِ حديقهْ
وتعال تعلم مني
أن لا تخشى الأغيارِ
هل تعلمُ أن الأرضَ
ستلفظُ من أحضان خمائلها
من يقتلُ فيها زيتونهْ؟
لا تخشَ العيشَ سوياً
فسأدفع عنك أذى الأشرارِ
إن كنتَ تريدُ العيشَ بلا خوفٍ
فلماذا تتوحش في أرضٍ
أهدت للعالمِ
أول نبراس حضارتها؟
ولماذا تطلبُ إسكاتي؟
ولماذا لا تتعلمُ لغتي؟
كلماتي أوراقُ خريفٍ
تحملها الريحُ وتنثرها
في الحاراتِ
كلماتي سطعت في الماضي
ليعمَّ النورُ على أرض النيلِ
وبقعة ما بين النَهرينْ ..
وستبقى كلماتي نوراً
يتوهج بين النارَينْ
كلماتي ترسمُ لي الدربَ
إلى غاياتي ..
ذهبٌ تحت رمادي لغتي
وستزهو لامعةً
تحت أشعةِ فجري الآتي.

- نيويورك - 

  موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.com

مقالات متعلقة