الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 19 / أبريل 07:02

أعراسنا أضحت همًّا/ بقلم: زهير دعيم

زهير دعيم
نُشر: 16/05/19 10:29,  حُتلن: 15:03

بمقدورنا ان نُغيّر ونُبدّل ونتوخّى الأفضل والأحسن والأرحم ، فما كانت الحفلة ذات الألف من الحضور بأجمل من الحفلة الحميميّة التي يحضرها الأهل والأقارب والجيران والكلّ يعرف الكلّ

تباهى وتبجّح أحدهم قبل سنوات قائلًا: إنّ عدد الذين حضروا حفلة زواجه في المُتنزّه قارب الألف ، حتّى ضاقت بهم اركان المتنزّه وتأففت زواياه وأصحابه. ومرّت الأيام والاشهر لأصادف هذا المتباهي في احدى الحفلات ، وجاءت جلسته مقابلنا ، فسرعان ما فتح باب الحديث مُتذمّرًا ، شاكيًا ولائمًا المجتمع والعادات ، فقد "استوى" على حدّ تعبيره من الحفلات ، وفرغت جيوبه وجزدانه من النقود ، وعافت نفسه ونفس زوجته السلطات والمقبلّات والشّواء ؛ وكيف لا يعافها وهي تُكلّفه في الحدّ الأدنى 500 شاقل هذا للبعيدين امّا للقريبين فالامر يختلف ، والقريبون كُثر ..
فضحكت وطيّبت خاطره وقلت : اتذكر يوم تباهيت قبل سنوات حين رقص في حلبه زواجك المئات ؟
فضحك ضحكة لا تخلو من المرارة وقال :
" كنتُ غِرًّا يا استاذ ، كنتُ لا أزال في بداية الطريق ، فرجاء لا تتعلّموا منّا.
واستطرد قائلًا : ألا يكفي أن يكون في الحفلة 300 وكلّها عمّك ، خالك، صاحبك وجارك ؟!!! وعندها توفّر على نفسك جهدًا ومالًا وتُوفّر أيضًا على غيرك.
فليس كلّ من القى عليك السلام والتحيّة ملزم أنت بدعوته ، وليس كلّ من تعرفه مجبر أنت بدعوته لحفلتك...أليس كذلك ؟!
ضحكتُ ليلتها وأكلت وجبتي في المُتنزّه بشهية لم اعتدها من قبل أنا الذي "أعمل" ريجيمًا.
" أكلها " المسكين وعدّ عليها ، فكلّ يوم من أيام الاسبوع من أشهر الربيع وحتى اشهر الخريف المتأخّرة يُعبّيء الظرف ب 500 شاقل ويجوب البلاد من متنزّه الى آخَرفلا يعود الّا في منتصف الليل متعبًا من المجاملات والبسمات التي يرسمها عفوية مرّة ومُغتصبة مرّات.
حدّثني أحد العاملين في احد المتنزّهات : كدتّ أبكي يا صديقي وأنا أحد العرسان يتوسّل هو وأبوه الى صاحب المُتنزّه أن يرحمهم ويُخفّف من المبلغ المرقوم بعض مئات الشّواقل ، فالصَّفقة جاءت وكانت خاسرة.
من يُجبرنا على هذا يا ترى ؟
أتراها المظاهر وحبّ الظهور و" شوفونا" يا ناس والتقليد الأعمى .
أظنّها كذلك فهناك من هو على استعداد أن يبيع قطعة الأرض الوحيدة والتي حافظ عليها الآباء والجدود رغم الجوع و" القلّة" ، يبيعها حضرته ليضحيَ بها ثمنًا لليلة رقص وشواء وسلطات تبتلع سوادها الأعظم حاويات القمامة في الهزيع الثالث من الليل.، ناهيك عن " التعاليل" التي تعلّ الجيوب والعيون والأبدان، والتي أضحت عبئًا ثقيلًا يقتعد أكتاف الناس .
أمّا ما يحزّ في نفسي ويقضّها هو ان ترى الكنيسة اثناء مراسيم الاكليل المُقدّس فارغة الا من بعض الحضور ، فالناس إمّا في الخارج يُدخّنون ويتجاذبون أطراف الحديث أو عند الكوافيرة يُهندمون الشَّعر والملابس تحضيرًا لحفلة المُتنزّه المُقدّسة !!!!! ناسين انّ الأكليل في الكنيسة هو بيت القصيد وهو العهد المُقدّس وهو الخيط المثلوث الذي يربط الربّ بالزّوجين الطازجين.
بمقدورنا ان نُغيّر ونُبدّل ونتوخّى الأفضل والأحسن والأرحم ، فما كانت الحفلة ذات الألف من الحضور بأجمل من الحفلة الحميميّة التي يحضرها الأهل والأقارب والجيران والكلّ يعرف الكلّ، والكلّ يفرح من قلبه، حيث لا نُضطر لانتزاع التصفيق فيها انتزاعًا.
 

مقالات متعلقة