الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 07:01

محمود القذافي ومعمر عباس في خربشات وهلوسات مشتركة/ أحمد حازم

أحمد حازم
نُشر: 13/05/19 11:01,  حُتلن: 13:44

الإعلامي أحمد حازم في مقاله: 

أمر القذافي وقتها باعتماد الكتاب في مناهج التعليم في ليبيا بحيث يكون أساس النظام الجماهيري الذي ابتدعه معمر القذافي، بمعنى أنه الدستور الجديد للدولة الليبية

أصابتني الصدمة عندما قرأت بعض ما جاء في الكتاب من "خزعبلات و هلوسات" وكان بودي لو كان الكتاب يحمل اسم "إضحك مع القذافي"

إذا كان كتاب القذافي يستخف بعقول الناس، فإن كتاب عباس له أبعاد سياسية تستهدف زرع أفكار في الجيل الجديد حسب رؤية عباس

اعتقد سياسيو عباس بأن إدخال الكتيب في المنهج التعليمي هو أمر سهل، لكن الرياح لم تجر كما اشتهت سفن عباس ومن حوله. فقد هب الناس هبة قوية مطالبين بسحب الكتاب فوراً

في العام 1975 أي بعد ست سنوات على تسلمه الحكم في ليبيا، أصدر معمر القذافي كتابه المعروف باسم "الكتاب الأخضر"، وصفه القذافي بأنه عرض لأفكاره (؟!) وانطباعاته حول الإشتراكية والديمقراطية، وأمر القذافي وقتها باعتماد الكتاب في مناهج التعليم في ليبيا بحيث يكون أساس النظام الجماهيري الذي ابتدعه معمر القذافي، بمعنى أنه الدستور الجديد للدولة الليبية. وأنا شخصياً أصابتني الصدمة عندما قرأت بعض ما جاء في الكتاب من "خزعبلات و هلوسات" وكان بودي لو كان الكتاب يحمل اسم "إضحك مع القذافي".
والآن، جاء دور الرئيس الفلسطيني محمود عباس في إصدار ما هو أخطر من "خربشات" القذافي، حيث صدر له كتيباً يحمل اسم "رئيسنا قدوتنا". ويريد عباس من خلال "ازلامه والمستفيدين من حكمه" اعتماد الكتاب في المناهج التعليمية في السلطة الفلسطينية تماماً كما فعل القذافي، ولكن بطريقة أخرى. وإذا كان كتاب القذافي يستخف بعقول الناس، فإن كتاب عباس له أبعاد سياسية تستهدف زرع أفكار في الجيل الجديد حسب رؤية عباس. وليس من المستبعد أن يفاجئنا عباس بإصدار كتاب عن بطولاته(!؟) السياسية، قد يسميه (كفاحي) أو (نضالي)
الغريب في الأمر أن عباس الذي يمارس سلطته بصورة غير شرعية منذ عام 2009 بسبب انتهاء ولايته، صدر كتابه بالضبط في الوقت الذي كشف فيه جهاز المخابرات الإسرئيلية "الموساد" عن تفاصيل اغتيال ثلاثة قادة من حركة "فتح" في العاصمة اللبنانية بيروت، وهم كمال عدوان، كمال ناصر، وأبو يوسف النجار وذلك بعد 46 عاماً على اغتيالهم في العام 1973. فهل هذا محض صدفة؟؟
الكتيب الذي أطلقته وزارة التربية والتعليم في السلطة الفلسطينية يتضمن اقتباسات من كتب الرئيس عباس، ضمن مبادرةٍ بعنوان "لأجل فلسطين نتعلم". والمبادرة جاءت من أجل تدريس طلبة المدارس في فلسطين هذه الاقتباسات.
ولكن ما هذه الإقتباسات التي يريد أبو مازن تلقينها لطلاب المدارس؟ على هذا السؤال يرد أحدهم على مواقع التواصل الإجتماعي من باب التهكم بالقول ان الدرس الأول في الكتيب: التنسيق الأمني مقدس، والدرس الثاني: كيف ترضى عليك اسرائيل والدرس الثالث كيف تعمل لتحوز على ثقة الإسرائيليين".
المعروف في كافة وزارات التعليم أن اختيار أي كتاب لإدخاله في المنهج التعليمي، يتم عن طريق لجنة مختصة أفرادها أكاديميون. لكن كتاب "رئيسنا قدوتنا" له حالة استثنائية لأنه ليس نتاج اختيار لجنة، بل اختيار مجموعة فتيات في الصف العاشر والحادي عشر كما قال صائب عريقات.
تصوروا أن هؤلاء الفتيات اللواتي بالكاد بلغن سن السابعة عشر، تم تكليفهم بقراءة مجموعة كتب للرئيس عباس، وصنعوا منها الكتاب المعجزة "رئيسنا قدوتنا".هكذا قال لنا صائب عريقات. أليس هذا استهتاراً بعقول الفلسطينيين؟
السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا طلب من بنات صغار لم يبلغن سن الرشد أي 18 عاماً، ولا يفهمن بأمور الثقافة والتعليم بالشكل الصحيح، بإنجاز هذا العمل الذي هو من الناحية المهنية من اختصاص لجنة خبراء، وليس "لجنة قاصرات".
على أي حال، اعتقد سياسيو عباس بأن إدخال الكتيب في المنهج التعليمي هو أمر سهل، لكن الرياح لم تجر كما اشتهت سفن عباس ومن حوله. فقد هب الناس هبة قوية مطالبين بسحب الكتاب فوراً، ووقع العشرات من المثقفين والسياسيين والنشطاء على نداء بعنوان: " نعم لسحب كتاب ( رئيسنا قدوتنا) من المنهاج الفلسطيني".
يقول صائب عريقات عن الكتاب، انه "من أجل التمسك بحقوقنا التاريخية والوطنية والدينية والحضارية والثقافية" أمر مضحك فعلاً يا صائب لأن كلامك غير صائب. عن أي تمسك وعن أي حقوق يتحدث عريقات؟ أليس أبو مازن الذي رفض حق العودة في لقاء له مع صحفيين إسرائيليين؟ أليس أبو مازن الذي صرح بأن التنسيق الأمني هو أمر مقدس؟ (والتنسيق الأمني يندرج في إطاره أيضاً تسليم مطلوبين فلسطينيين لإسرائيل) ؟
كان من المفترض، أن يتم إدخال كتيب في المنهج التعليمي الفلسطيني لتعليم الطلاب تاريخ الثورة الفلسطينية وقادنها وأبطالها، لخلق جيل يكون على اطلاع بتاريخ أجداده، وليس كتيباً يتحدث عن أعمال شخص فقط يحمل اسم محمود عباس.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com 

مقالات متعلقة