الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 07:01

فشل ذريع ومؤكد لصفقة كوشنير/ بقلم: خالد خليفة

خالد خليفة
نُشر: 25/04/19 13:07,  حُتلن: 13:10

خالد خليفة: 

عندما صعد ترامب للحكم صعودا مفاجئا، كان الانجيليين الاصوليين واللوبي اليهودي الصهيوني هم الذين دعموا واداروا معركته الانتخابيّة

تنتظر كافة الدول الاقليميّة المقترحات الامريكية المتعلقة بصفقة القرن، وهنالك اعتقاد ان العديد من الدول العربيّة لا تعلم بالضبط ما هي حقيقة هذه الصفقة، ويحاول الفلسطينيين جاهدين تقصي الحقائق بكل ما يتعلق بهذه الصفقة، وقد صرح العديد من الساسة ومتخذي القرار الفلسطينيين، موقفهم الرافض المتعلق بهذه المقترحات الامريكيّة .
اما القادة العرب والذين يعطون الانطباع الواضح بانهم مع هذه الصفقة فانهم لا ينبسون ببنت شفة ويعطون الانطباع كأنهم ينتظرون المنافع من هذه الصفقة والتي ستعلن على الملأ في قريبا ومباشرة بعد شهر رمضان المبارك، اي في منتصف يونيو 2019.

ويعتبر جيراد كوشنير، وهو صهر الرئيس الامريكي، يهوديّ الاصل، الابّ الروحي لهذه المقترحات، فقد صرح قبل عدة اشهر لسكاي نيوز، بان هذه الصفقة سوف لن ترضي كافة الاطراف لكنها تأخذ بالحسبان بالأساس الاحتياجات الامنيّة لإسرائيل . من الصعب القول والتفكير بان لترامب طاقم استراتيجيّ استطاع وضع اسس ولبنات استراتيجيّة لحل مشكلة مستعصية كمشكلة الشرق الاوسط بشكل عام والمشكلة الفلسطينية بشكل خاص . كما اننا لا نجد اي بصمات لباحثين استراتيجيين لمراكز الابحاث والوزارات المختلفة لها في واشنطن، في تصميم وبناء اسس هذه الصفقة، ولكنها تبقى في واقع الامر مجرد افكار ومقترحات اقترحت وتناقلت في اللوبي الصهيوني الامريكي الذي استطاع انتزاع وخصخصة المسألة الفلسطينية من ايدي ادارة ترامب .

فعندما صعد ترامب للحكم صعودا مفاجئا، كان الانجيليين الاصوليين واللوبي اليهودي الصهيوني هم الذين دعموا واداروا معركته الانتخابيّة، وحدث انعطاف واسع النطاق لتأييد اليهود من الحزب الديموقراطي الى الحزب الجمهوري، حيث دعم الصوت اليهودي ترامب وبشكل مطلق لرئاسة الجمهوريين مقابل مئات الملايين من الدولارات التي زجت في حملته الانتخابيّة .

وقد اشطرت هذا اللوبي على ترامب ان يكون المقرر الاساسي بالنسبة للقضية الفسلطينية وكل ما يتعلق في اسرائيل وامنها وهذا ما حققه. وقد وافق ترامب كرجل اعمال غنيّ على صفقة التاييد هذه والتي سميت فيها مقترحات حل القضية الفسطينية لاحقا ك صفقة القرن والتي ضخت مقابلها مئات الملايين من الدولارات في معركته الانتخابية وسيطرة صهره كوشنر ومساعدة جيسون جرينبلاد والسفير الامريكي في اسرائيل دايفد فريدمان على مسألة الشرق الاوسط بالكامل.
لقد باع ترامب القضية الفسلطينية لصهرة وحلفائه في اللوبي الصهيوني مقابل المئات من ملايين الدولارات .واليوم وبعد سنتين من انتخابه فإننا نرى القرارات الصهيونيّة للادارة الامريكية التي تنهال علينا كشعب فلسطيني كرذاذ المطر .
فخلال ادارة ترامب اعترف بالقدس كعاصمة اسرائيل ونقل السفارة الامريكيّة اليها، كما اعترف في الجولان كأراض سيادية لاسرائيل وليست اراضي سورية محتلّة، كما فرض العقوبات على ايران واغلق السفارة الفلسطينيّة في واشنطن، والغى المساعدات للارنوا، وايضا الغى المساعدات للسلطة الفلسطينيّة . وكل ذلك قرارات تؤتي بثمارها لمصالح اسرائيل ولسياسة الهيمنة التي يديرها نتانياهو محليّا واقليميا في المنطقة . وقد تبين وبشكل واضح المعالم ان ادارة ترامب تأخذ بالحسبان فقط وفقط مصالح وامن اسرائيل وتتجاهل الجانب الفلسطيني كالغائب الغير موجود .
وفي خضم المعركة الانتخابية قالها نتانياهو وبالحرف الواضح انه ينوي بفرض السيادة الاسرائيلية على المستوطنات في الضفة الغربيّة، الامر الذي سوف لن يبقي اي اوراق بأيد الفلسطينيين للتفاوض عليها .
ويقول المحللين ان صفقة كوشنير هذه، والتي ستأخذ بالحسبان نصالح اسرائيل الامنيّة سوف توافق ضمن هذه الصفقة على هذا الضم القصري للأراضي الفلسطينية ليتحول الاحتلال الاسرائيلية لتواجد اسرائيلي شرعي في تلك المناطق اضافة الى السيطرة على غور الاردن واعطاء الفلسطينيين ممر تحت سيطرة اسرائيل الى الضفة الغربية الامر الذي يشجع تفريغ الاراضي الفلسطينية في اتجاه واحد ويضع الاسس لنظام الابرتهايد .
ان صفقة القرن ستؤكد ثوابت اسرائيل الامنية لاستمرار السيطرة على الفلسطينيين وابعاد الخطر الاستراتيجي عن اسرائيل والذي يتمثل باللاجئين الفلسطينيين الذي يعيشون في الدول القريبة من اسرائيل، فهي لا تؤخذ بالحسبان موقف الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، بل ستحاول اغراء الانظمة العربية المجاورة الذي يسكنها فلسطينيين بالأموال لتوطين ملايين الفلسطينيين واسكانهم في هذه البلاد كالاردن ولبنان ومصر، حيث سيقوم النظام السعودي، وليس الولايات المتحدة واسرائيل، بدفع مستحقات هذا التوطين. ولا نعرف بالضبط الموقف المبهم لتلك الدول ولكن الاجتماعات التي جمعت بين ترامب وعدد من القادة العرب في الاونة الاخيرة تعطي الانطباع بانه عرض عليهم افكار واركان هذه الصفقة مسبقا، ولكنه كان من الصعب عليهم ان يشرحوا لشعوبهم ماهيّة المخططات الامريكيّة المقبلة لجيراد كوشنير واللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة والذي ينسق وبشكل كامل مقترحاته مع ادارة نتانياهو الجديدة .
اما السياسية الفلسطينية التي اتسمت بالكثير من الاحيان بالتأتأة والتباطؤ لكنها هذه المرة كانت واضحة وحادة من حيث الرد الرافض المطلق والسلبي لهذه الافكار وهذه الصفقة، ويشبه هذا التعامل الفلسطيني بنفس الموقف المكسيكي الذي يتجاهل سياسة ترامب بكل ما يتعلق ببناء جدار مع المكسيك و الامر الذي اغضب ترامب غضبا قويا في سياسته تجاه المكسيك املين ان يغضب بنفس الحده من الجانب الفلسطيني، مهما يكن فان ترامب والذي فشل في كل سياساته اتجاه كوريا الشمالية، الصين وحربه التجارية معها، روسيا، اوروبا وغيرها داخليا، فانه سوف يفشل بطبيعة الحل فشلا ذريعا في فرض وسياسية الهيمنة على الفلسطينيين وسيكون حكمه بعد سنه ونصف في مهب الريح.
 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com 

مقالات متعلقة