الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 23 / أبريل 23:02

السودان الثورة والدولة/ بقلم: سميح خلف

سميح خلف
نُشر: 11/04/19 17:15,  حُتلن: 11:16

تصنيفات الطاغية المستبد مصطلحات عاطفية تطلقها مفاهيم طبقية وبين مستويين المستفيد والغير مستفيد في تعريفات لمصطلح الديموقراطية الزائف فلكل سلطة أو حكم برنامج وأدوات وقائمة من المستفيدين وننتقل من دكتاتورية الحزب الى دكتاتورية النخبة الى دكتاتورية رأس المال ستجد كل الايديولوجيات الفكرية التي قادت المجتمعات فشلت في تحقيق المساواة والعدالة الا الاطروحات الفلسفية لمبدأ العدالة والمساواة والشراكة لا تخضع الا لطبقة واحدة حتى في داخل الحزب الواحد لا توجد العدالة والمساواة وما بالكم اذا كان هذا الحزب هو القائد ومطلوب منه ان يرسي مبادي الفعل العادل على كل طبقات الشعب.

اذا استخدم مصطلح الطاغية والمستبد أن تتحول الظاهرة من حالة الى أخرى بالاستعانة بالمستضعفين للوصول الى الحكم 
ولم تجد نظرية افلاطون الا فكرًا مثاليًا لا يوجد في الحياة العملية وصراعات المجتمعات السياسية على الحكم

ما بعد الحرب العالمية الثانية افرزت تقسيمات القوى المنتصرة و موازين قواها و معادلاتها واقعا جديدا على المنطقة العربية برغم انها كانت تعج بعدة احزاب بين اليسار بكافة انواعه و اليمين و الراديكاليين و البراغماتيين الا ان هناك اختلاف في التعريفات لظاهرة التغيير في الوطن العربي منهم من سماها ثورة و منهم من سماها انقلابا في كل الاحوال ظهرت الدولة الوطنية التي قادها الضباط الاحرار في تلك الدول كنظام شمولي ذو التوجه الواحد و الحزب الواحد هو حزب الدولة مع الاستعانة ببعض الاحزاب بشكل مرحلي و متغير .

ما يحدث في السودان ليس بجديد على واقع سيناريوهات الدولة العميقة الذي اذا احست بمظاهر الشيخوخة فالشعوب لا تتحرك بتلقاء نفسها ولكن هناك محرك وطلائع لكل عملية تحرك في اطار الدولة العميقة و اطار الصراع على السلطة من الاحزاب الاخرى ، وبالتالي تتولد حركة الجماهير التي هي محقة في مطالبها و تخرج التظاهرات فلا ننتظر احدا مثلا مثل ماركس او غاندي ليتنازل عن طبقته وثروته لصالح مطالب الفقراء والذين لم يجدوا عدالة في التوزيع و تقاسم ثروات البلاد .

أسست تلك الثورات منذ انطلاقة ثورة يوليو وبواجهة اللواء محمد نجيب و نقطة الارتكاز و الفعل جمال عبد الناصر الذي وجد ان مسيرة الضباط الاحرار هي التي قد تفرض التنمية والتغيير على واقع البلاد وبالتالي حدث التنافر بين عبد الناصر اللاحزبي و الوطني مع خلفية محمد نجيب التي مرجعيتها الاخوان المسلمين و حدث بعد ذلك تواكب الثورات العربية والتحررية في سوريا واليمن والجزائر وليبيا حتى على نظام بورقيبة .

أسست تلك الدول الدولة العميقة وهي مدرسة توالدت كما قلت مع نشوء الثورات العربية او الانقلابات او كما تسموها سموها.

الربيع العربي حاول تغيير القاعدة وحاول تفكيك الدولة العميقة وهذا هو الخطأ الذي ارتكبه الربيع العربي واصحابه وقواه المساندة، اي تأسيس الدولة على قاعدة حزبية و ليست قاعدة وطنية شمولية، يقودها برنامج واحد وانصهار كافة الشعب في تحقيق تطبيق هذا البرنامج وهنا حدث تفاوتات في التطبيق ولذلك ظهرت مصطلحات (الطاغية، المستبد، الدكتاتور) في حين أنّ الدكتاتورية كظاهرة هي موجودة من بداية الأسرة الى بداية المكون الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في الدولة.

منذ بداية السيناريو ومحاولات تفكيك الدولة الوطنية وعمقها بوسائط حزبية تتماشى طموحاتها مع متغيرات دولية واقليمية أيضًا تحركت الدولة العميقة التي رمزها ويمثلها الجيش في احباط كل المحاولات التي حاولت تغيير وجه الدولة بصرف النظر والتفاوت عن برامجها الياسية والأمنية والاقتصادية فالبتأكيد أنّ الدولة العميقة وبمركباتها وعمقها في المجتمع وثقافتها أقوى بكثير من كل المحاولات الحزبية لتغيير هويتها السياسية والتركيبة الاجتماعية. 

نفس السيناريو الذي حدث في مصر و حدث الان في الجزائر في التسعينات وفي 2019، تتحرك الدولة العميقة للحفاظ على وجودها من خلال احتواء الجماهير الزاحفة للتعبير عن مصالحها وحاجياتها والتي يمكن أن تستغل بأهداف حزبية وتغييرية في المجتمع وهذا ما يحدث في السودان ومازالت الدولة العميقة في سوريا تحافظ على وجودها وفي اليمن اما في العراق فلقد تغيرت هوية الدولة لسبب خاص جدًا وهو التوازن الطائفي ومعادلاته في العراق.

تدخل الجيش لحسم الأمور وتنحية البشير هو احتواء للازمة، فما زالت هوية السودان للدولة العميقة هي هوية الجيش اي الضباط الاحرار، يعتقد الكثيرون أنّ البشير هو اخوان مسلمين في حين انه قمع الترابي واستخدم الاخوان لمرحلة ما، فهو أيضًا يخضع لثقافة وهوية الضباط الأحرار على طريق أول ثورة وعلى طريق أول انقلاب كما يسميه البعض قاده النوميري، فحين تخلى سوارؤ الذهب عن الحكم لصالح دولة مدنية تميل الى الاسلام السياسي وتطبيقاته لم يصمد هذا النظام، فالدولة العميقة لم تتخلى عن مسؤولياتها وعن وجودها أيضًا، يقال الآن أنّ المهدي يقود أكبر حركة معارضة في السودان، الشيخ المهدي هو من أسرة الامامة المهدية التي تجنح لتطبيق الشريعة الاسلامية في المجتمع وهي تعلن عن عدم رضاها عن بيان الجيش أي الدولة العميقة في مسيرة رغبات الحول للنظام المهدي من هنا خطورة دخول الدولة العميقة في صراع مع الحركة والمعارضة المهدية، ولكن في اعتقادي أنّ الدولة العميقة لها من الأسلحة والأدوات ما تستطيع فرض وجودها وقوتها.

الشعب السوداني شعب مثقف جدًا ومنضبط جدًا وتقوده حركات اسلام سياسي وحزب شيوعي قوي وباختلاف المسميات الموجودة الآن بالاضافة الى أنّ كل ما يمكن أن يخشاه الانسان هي التجاذبات الاقليمية والدولية التي يمكن أن تلعب دورًا في السودان المجلس العسكري المشكل من عشر ضباط أعلن وصايته على السودان لمدة عامين ليسلم السلطة لنظام مدني في تلك الفترة وهي سيناريوهات قديمة جديدة قد يقوم العسكر بوضع ترتيبات لقيادة الشعب السوداني والتي لن تخرج أيضًا من داخل القوات المسلحة السودانية.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.com   

مقالات متعلقة