الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 23:01

بكرعواودة – قامة وطنية تشكل قدوة للأخرين/بقلم: بروفيسور اسعد غانم

بروفيسور اسعد غانم
نُشر: 27/02/19 07:40,  حُتلن: 14:50

بروفيسور اسعد غانم:

بكر عواودة، ومنذ عرفته، شكل مدرسة قدوة في الالتزام بالعمل الوطني، الانفتاح على الاخرين، تقديم مصالح مجتمعه على مصالحه، الالتزام بالنشاطات الوطنية، دعم مشاريع اهلية من جيبه الخاص

مع نهاية شباط ينهى بكرعواودة مهامه كمدير عام لجمعية الجليل ويفسح المجال لاختيار جيل جديد لإدارة هذا الصرح الوطني العريق، الذي يعتبر منذ تأسيسه قبل حوالي اربعة عقود، مركزا وطنيا جامعا لنشاط علمي، اجتماعي، اقتصادي، صحي غير مسبوق في تجربتنا في هذه المجالات وغيرها.

تعرفت على بكر عواودة قبل اكثر من عقدين، عندها كنت اعمل مديرا ل"جمعية سيكوي"، وهي مؤسسة اهلية ثنائية القومية، كانت المؤسسة المبادرة في عمل منهجي لإبراز السياسات المميزة للمواطنين العرب في اسرائيل، وعملت على عمل مبني على اجراء مراجعة منهجية للتمييز ووضع تقارير بذلك من جهة، ومتابعة التغييرات المطلوبة من خلال التواصل مع اعضاء الكنيست والوزارات والمؤسسات الرسمية، لأجل احداث التغييرات المطلوبة، وهي كثيرة. كانت سيكوي اول من أسس آلية منهجية لمتابعة التمييز من خلال وضع تقارير دورية حول التمييز، ومن بعدها نهجت مؤسسات المجتمع المدني العربية والمشتركة اليهودية-العربية على هذا النهج.
لقد انضم بكرعواودة لطاقم الذي عمل على بناء "موديل تدخل" في السلطات المحلية العربية لكي تحسن عملها بما يتلاءم مع متطلبات العصرنة وتفعيلها بما يجاوب على تطلعات الناس. وقد نجحنا آنذاك في وضع برنامج منهجي تحول الى مشروع تغيير استراتيجي في السلطات المحلية التي طبق بها، واسس لنهج غير مسبوق في هذا المجال، ومن ثم تبنت مؤسسات رسمية مثل وزارة الداخلية وسلطات محلية، كما مؤسسات مجتمع مدني عربية عملت في مجال السلطات المحلية، اسس الموديل لكي تقوم بعمليات تدخل في السلطات المحلية، اليهودية والعربية.

بالإضافة لبكر عواودة عمل معنا في سيكوي حوالي عشرة رواد من الوجوه الشابة، وشكلنا مع بعض طاقما مبادرا وخلية تفكير في القضايا اليومية والاستراتيجية لمجتمعنا، بشكل غير مسبوق في مجتمعنا هنا. تحولت هذه المجموعة تدريجيا الى رائدة في المجتمع المدني العربي والعربي-اليهودي في البلاد. كلهم تبوؤوا بعد ذلك مناصب قيادية في مجالات عملهم وأصبح تأثيرهم في هذه المجالات مبادرا ورائدا في اقل وصف له. وقد بنينا عملنا آنذاك على مبادئ الالتزام بقضايا مجتمعنا، وتحويل المعرفة النظرية الى ادوات للتغيير المجتمعي ، والانفتاح والشفافية امام مجتمعنا وأمام اعضاء الطاقم، والتزام بفسح المجال لطاقات شابة وقدرات شابة لكل يكون لها دور في عمليات التغيير عموما، وفي المجتمع المدني بشكل خاص.

انا شخصيا، كمدير للمؤسسة آنذاك، تعلمت من كل واحد منهم، من اخلاق العمل، من المهنية، الصدق في التعامل مع قضايا شعبنا والتزام بنهج من التواصل، الانفتاح وتقديم المصلحة العامة على المصالح الخاصة والمنافع.
بكر عواودة، ومنذ عرفته، شكل مدرسة قدوة في الالتزام بالعمل الوطني، الانفتاح على الاخرين، تقديم مصالح مجتمعه على مصالحه، الالتزام بالنشاطات الوطنية، دعم مشاريع اهلية من جيبه الخاص، واستعداد غير محدود لدعم الاجيال الصاعدة من قدرات شعبنا. شاركت معه في تطوير "موديل التغيير الاستراتيجي في الحكم المحلي"، وفي مشروع "المصطلحات البديلة" المشروع الرائد في تحدي مشاريع الأسرلة لوزارة المعارف والانجح تاريخيا من بين المشاريع التي تقدم بها المجتمع المدني في مجال تحدي مشاريع وزارة التعليم الاسرائيلية. كان شريكا في استحداث "يوم النقب" عام 2004 والذي دعم بقرار من لجنة المتابعة بقيادة شوقي خطيب، كما كان شريكا مركزيا في كتابة وتسويق مشروع "التصور المستقبلي للعرب في اسرائيل" بقيادة لجنة الرؤساء والذي نشر عام 2006، وفي التصدي لما حصل قبل عقد ونصف في كلية دار المعلمين العرب في حيفا، وفي دعم اللاجئين السوريين، ودعم صمود اهل النقب، وكما في التفكير في ضرورة تحسين اداء لجنة المتابعة من خلال افكار ومشاريع عدة، والبدء في التفكير بإقامة صندوق وطني ملتزم بدعم قضايانا الوطنية الجماعية، وقائمة طويلة من المشاريع الاخرى، التي تضيق المساحة هنا لذكرها.
مقابل النشاطات الذي شاركني بها بكر عواودة، فقد كنت على اطلاع على نشاطات مركز مكافحة العنصرية الذي قاده بكر مع زملاء له وقدموا مثالا لعمل تطوعي غير مسبوق لم يدم طويلا بسبب عداء المؤسسات الداعمة، التي لم يرق لها اتهام اسرائيل منهجيا بالعنصرية. وبعد ذلك كنت على دراية بنجاحات بكر عواودة في جمعية الجليل، بعد ان استلمها مثقلة بالديون، وحوّلها الى قصة نجاح غير مسبوقة والى مؤسسة وطنية جماعية منفتحة ومفتوحة امام كل قدرات شعبنا وطاقاته وتياراته السياسية والاجتماعية. كما نشاطه الرائد في اللجنة الشعبية في كفر كنا وفي عضوية التجمع الوطني الديمقراطي.
يضيق المجال في مقال قصير في توصيف عطاءات بكر عواودة، لكنه باختصار قامة وطنية وقدرة فريدة حظي بها شعبنا، ولا زال في اوج عطاءه، وفتحه المجال لتقديم قدرات شابة لمناصب قيادية في جمعية الجليل هو من اهم انجازاته، التي تؤكد التزامه الرفيع بقضايا شعبنا ومستقبل الاجيال الصاعدة.
 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com


مقالات متعلقة