الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 16 / أبريل 21:02

ازمة المشتركة ام أزمتنا جميعًا؟/ بقلم: منال شلبي

منال شلبي
نُشر: 21/02/19 16:23,  حُتلن: 20:26

منال شلبي في مقالها: 

تتعنّت الأحزاب العربية وتخلق لنا واقعاً جديداً لم نشهده من قبل يتعلّق بأمور تقنية حول تركيبة القائمة وترتيب المقاعد

على مرأى من أعيننا وادراكنا نحن جميعاً كمجتمع، استمر عمل المشتركة في جو من الشرذمة بما يحمله من عدم اتفاق وخلافات بارزة

 بات من الضروري المشاركة في العمل السياسي وصقله وبنائه من جديد ومواكبة عمل الاحزاب السياسية وتنجيع عملها ومؤازرتها وليس العكس وهذه هي القضية الأهم

الان وبعد الإعلان عن ائتلاف- لبيد جانتس ويعلون وتشكيلّ قوة سياسية يمينة تدّعي بأنها يسارية، يُسأل السؤال الى أين تتجه السياسة العامة في الدولة وأي حكومة ستفرزها الانتخابات الوشيكة؟ الشارع الاسرائيلي يتجّه نحو تبني أجندة وبرنامج عمل يميني متطرف بوجه منمّق وجميل. أسلوب مختلف في عرض الأمور لكن المضمون ذاته بما يحمله؟. ان هذا التحالف ومن يقف على رأسه، بما يحمله من قيم يمينية عنصرية تمييزية، يُبقي على الوضع الأمني والسياسي ومستقبل الشعب الفلسطيني على ما هو عليه.

إزاء هذا الواقع الحالي الذي نتج في ومع اقتناع أوساط عديدة في الشارع اليهودي بضرورة المشاركة في العملية الانتخابية والتصويت تحديداً لهذا التحالف وبضرورة رفع نسبة التصويت لديهم ، تتعنّت الأحزاب العربية وتخلق لنا واقعاً جديداً لم نشهده من قبل يتعلّق بأمور تقنية حول تركيبة القائمة وترتيب المقاعد. مشهد محزن ومؤسف يخلق واقعا جديداً يتجه نحو شخصنة الأمور والتعامل بصغائرها وليس بجوهرها بدلاً من العمل من اجل خلق قائمة مشتركة تستطيع سويّةً ان تُقارع وتقاوم وتخلق خطابا جدياً لمكافحة السياسة اليمينية العنصرية .

منذ ان أقيمت المشتركة في العام 2015، ساد المجتمع العربي جو مليء بالتفاؤل والامل بخلق واقع سياسي جديد من خلال برنامج عمل يجيب على توقعاتنا وطموحتنا كأقلية قومية ومدنية في البلاد. كان هناك شعور بالأمان والتماسك ووحدة الحال التي تجمعنا اكثر مما تفرقنا والتي تشدد على الأمور المشتركة بيننا. لكن سرعان ما اتضحت الصورة وظهرت الخلافات الحادةّ من خلال بعض الممارسات التي تتصّف بعدم وحدة الصف وعدم وضوح رؤية المشتركة وعدم وجود برنامج سياسي مكتمل يهدف الى خدمة حاجيات مجتمعنا وتطلعاته وبرنامجه السياسي. ظهرت الخلافات بأسوأ تجلياتها، ابتداءَ بقضية التناوب بعد أزمة النائب باسل غطاس وحتى اللحظة والتي من خلال هذه الخلافات اهتّم كل حزب بتمثيله وعدد نوابه مغلّباً مصلحته على مصلحة الاحزاب الاخرى وضارباً بعرض الحائط نداء الجمهور والمجتمع بالعودة الى التمحور بالعمل السياسي المجدي والمترفعّ عن كل الصغائر، لكن دون جدوى!

على مرأى من أعيننا وادراكنا نحن جميعاً كمجتمع، استمر عمل المشتركة في جو من الشرذمة بما يحمله من عدم اتفاق وخلافات بارزة وبالرغم من أصوات النقد اللاذعة والكتابات النقدية المتعددة لما تضمنته القائمة المشتركة من احداث وصراعات داخلية. نحن كمجتمع لم نأخذ دوراً ولم نعرض حلولاً ولم نخلق بديلاً لها وبات تعاملنا معها وكأنها افضل ما حصل لشعبنا، عليها نعوّل ونعتمد بثقة بالغة، دون محاولة التدخلّ سواء على المستوى الجماهيري او على مستوى القيادات الاكاديمية والثقافية والشخصيات الناشطة في العمل الأهلي، سوى محاولة هنا او هناك والتي كانت بمثابة تعاون معها والعمل من خلالها. كيف اصبحنا غير مباليين الى هذا الحد؟ كيف تمرّ الأمور مرّ الكرام خلال الأربع سنوات السابقة؟ كيف ماتت بنا روح المبادرة والعمل الميداني الموازي والمقابل للعمل البرلماني؟، دون الانتقاص من أهميته، كيف لم نتفاعل مع ما استجدّ من واقع سياسي واجتماعي كبير ومعقدّ تكاد المشتركة لا تستطيع مواجهته لوحدها؟ هناك العديد من التساؤلات والمساءلة التي يجب ان نوجهها لانفسنا كمجتمع وكشعب، اين نحن من هذا كله؟

لقد بتنا شعب ملقّن على جميع المستويات، تحركاتنا ونشاطاتنا هي ردة فعل للأحداث السياسية والاجتماعية اليومية الكبيرة منها والصغيرة، وما لا نعيه في هذا السياق بأن دورنا كمجتمع اكبر واشمل من دور المشتركة وهو لا يقتصر عليها ولا يُختزل بها، نحن من افرز هذه القيادة ونحن من يتحمّل مسؤولية عملها ومواكبة نشاطها وحراكها وليس العكس. هذا نوع من التداخل الذي يحتّم علينا المشاركة واخذ دور في قضايانا ما اذا حصل ذلك سيكون حتماً عملنا السياسي والاجتماعي ناجعاً وناجحاً وناجزاً.
مهمتنا ومسؤوليتنا اكبر بكثير من الذهاب الى الصندوق في يوم الانتخابات والادلاء بصوتنا لنكون بعد ذلك في دور الرقيب والمتربّص لنجاح او فشل المشتركة. ما يعني بالضرورة باننا ومنذ اليوم ومن هذه الأزمة، علينا كمجتمع العمل، وكلٌ من مكانه ومكانها، على إعادة بناء مجتمعنا والنهوض بأجيالنا الشابة وخلق قيادات واعية وخلق حراك سياسي وشعبي وجماهيري واجتماعي، يأخذ كل شخص به دوراً ويشعر بالمسؤولية تجاهه وليس الانتظار لما "تلقنّه" لنا المشتركة من برنامج عمل سياسي واجتماعي. ومن دون الانتقاص من اهمية توجيه النقد للأحزاب والقيادات السياسية والعمل على تصليح تجربة المشتركة ، علينا ان تتذكر دائماً بان المشتركة هي وليدة حاجتنا كمجتمع ، هي جزء منا وتعكس حالتنا ووضعيتنا، هي نجاحنا واخفاقنا والتي كثيرا ما تلتقي فيها المتناقضات.

ومع التحديّات الكبيرة القديمة والمستّجدة التي افرزتها السياسية الإسرائيلية اليمينة المنمّقة التي تتجلّى بأبهى صورها القبيحة – "الجميلة" من خلال جانتس- لبيد ويعلون ولان العمل السياسي لا يبدأ ولا ينتهي بالمشتركة، بات من الضروري المشاركة في العمل السياسي وصقله وبنائه من جديد ومواكبة عمل الاحزاب السياسية وتنجيع عملها ومؤازرتها وليس العكس وهذه هي القضية الأهم.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com

مقالات متعلقة