الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 20 / أبريل 11:01

الطيبي بمشاركة ناصرتي امام تجربة سياسية رائدة وهامة/بقلم: نبيل عودة

نبيل عودة
نُشر: 13/02/19 12:35,  حُتلن: 16:09

نبيل عودة في مقاله: 

لا ارى ان انتخابات الكنيست والقوائم المتنافسة، تطرح حلولا يمكن اعتبارها مفتاح لشرق اوسط جديد

تعتبر تجربة ناصرتي السياسية والبلدية معيارا هاما قد يقود الى احداث نقلة في مجمل التوجه الانتخابي للسلطات المحلية

من الطبيعي ان تستحوذ انتخابات الكنيست على اهتمام الجمهور الواسع. لكن المستهجن ان الجمهور الاسرائيلي، بشقيه اليهودي والعربي، مصاب بعضه بالتصحر الفكري، وبالعجز البارز عن فهم الحقائق السياسية لواقعه، ومدى تأثير الواقع الشرق أوسطي على مسقبله، وعلى تحول اسرائيل الى دولة شرق اوسطية، ليس بأساليب القوة التي تفرض نفسها بها، لأنها لن تغير من حقائق الشرق الأوسط ومسار التطور التاريخي لشرقنا الأوسط. بل ستقود حتما الى حالات العنف والحرب. ان قضية الشعب الفلسطيني لن تقوى أي حكومة على تصفيتها، مهما كانت يمينية، متطرفة، داعمة للاستيطان وترفض الاعتراف بحقوق جزئية للشعب الفلسطيني، كإقامة دولته المستقلة في مناطق 1967، كحل لا مفر منه، يمهد الطريق لتتحول اسرائيل الى دولة شرق اوسطية معترف بها من محيطها الشرق اوسطي. بالتالي، كل واقع الحياة الشرق اوسطية سيتغير لصالح شعوب الشرق الأوسط، بما في ذلك الشعب الاسرائيلي أيضا، وهذا سيحرر المجتمع الاسرائيلي من ظواهر التطرف، والتسارع البارز جدا نحو العنصرية والتمييز وعدم المساواة، وما يتبع ذلك من اشكاليات سياسية وقانونية. اكثر من ذلك ستكون اسرائيل ومواطنيها الاكثر استفادة اقتصاديا وتطورا.
لا ارى ان انتخابات الكنيست والقوائم المتنافسة، تطرح حلولا يمكن اعتبارها مفتاح لشرق اوسط جديد. اليمين الاسرائيلي المتطرف يفرض اجندته على المنافسة الانتخابية، وبالتالي يقودون شعبهم الى المزيد من التطرف والانعزال عن محيطه الجغرافي، وعن رؤية الضوء في آخر النفق.

لا شك لدي ان النواب العرب في الكنيست، بغض النظر عن تنظيمهم السياسي، طرحوا ويطرحون رؤية مستقبلية لصالح جميع مواطني اسرائيل، ربما نختلف معهم في تركيبة الخطاب السياسي ، وضرورة اختراق المجتمع اليهودي بخطاب سياسي قادر على جذب اهتمامهم، وانا ادعي ان هذا كان ضمن العجر الذي ميز النشاط البرلماني للنواب العرب.
من هنا أجيء لنهاية طريق القائمة المشتركة. واصرار الدكتور احمد طيبي على خوض الانتخابات بقائمة مستقلة.
طبعا هناك اسباب مختلفة لخطوة الطيبي. رؤيتي كانت وما زالت ان التنظيمات السياسية العربية فقدت منذ وقت طويل قدرتها على صياغة خطاب سياسي اكثر مرونة، وفقدت قدرتها على تجنيد الجماهير العربية في النضال الجماهيري. هناك فقدان للثقة بالأحزاب العربية. وهناك عجز فكري بارز في اعلامها وقدرتها على تجنيد كوادرها، وليس الجمهور الواسع فقط.
جهاز هذه الأحزاب الاعلامي مصاب بقصور بحيث يمكن القول ان صحفه ونشراته الاعلامية تكاد تكون نشرات داخلية لشؤون التنظيم وقياداته فقط. الأبرز هنا صحيفة "الاتحاد" التي كانت بحق جريدة الشعب، اين هي اليوم وكم قارئ يهتم بالاطلاع على ما تنشره؟ لا اتكلم عن كون اعلامهم اعلام مغلق الا امام نصوص مملة وتكرار شعارات فات موعد تسويقها. ومضامينها لا تجذب الا القليل من القراء.
لم اتفاجأ ان القائمة المشتركة قد وصلت لنهاية طريقها. الحزب الشيوعي وحزب التجمع وصلا ايضا لأزمة طريق وتنظيم، بثقة اقول ان التجمع وصل للكنيست فقط بفضل دخوله للقائمة المشتركة . الحركة الاسلامية منشقة على بعضها، ولا تشكل قوة سياسية واشك بقرتها على الوصول للكنيست، ما عدا الحزب الشيوعي الذي يحافظ على نفوذ انتخابي تاريخي، يتقلص ايضا بالتدريج، لا ارى انه قادر على البقاء لوحده بدون شركاء.

هذا ما حسم بتشكيل القائمة المشتركة.
توقعت ان يجري تطوير في الخطاب السياسي، طرح شعارات اكثر مجندة للجماهير العربية، طرح رؤية سياسي تثير انتباه اوساط من الجمهور اليهودي، وجود عضو كنيست يهودي كان ايجابيا، لكنه لم يكن بالمستوى المطلوب لاقناع قوى من المجتمع اليهودي على عبث سياسة اليمين المتطرف غي اسرائيل.
اعتقد ان دوافع الدكتور الطيبي لترك المشتركة، هي من رؤيته ان تشكيل القائمة لم يعط الاجابة الصحيحة للواقع السياسي العربي. والخلل في توزيع صادق لممثلي الأحزاب في البرلمان. سياسيا لا خلاف حول الجوهر. لكن من الخطأ الظن ان التمثيل البرلماني مجرد مواقف سياسية معلنة. الطيبي كان الأبرز بين النواب العرب في الطرح السياسي المؤثر والمثير للإهتمام. والقادر على لفت انتباه مجمل المواطنين في اسرائيل، حتى العنصريين الذي لا يمكن تغيير خللهم الدماغي.
من هنا لم يفاجئني قراره بخوض انتخابات الكنيست بقائمة مستقلة، مع حلفاء من الوسط العربي وعلى رأسهم قائمة ناصرتي بقيادة رئيس بلدية الناصرة علي سلام.

ناصرتي كما يعلم الجميع اكتسبت خبرة سياسية وتنظيمية واعلامية لا يستهان بها. وخاضت معركة انتخابية ضد اقوى جسم سياسي في الوسط العربي وفي اكبر مدينة عربية كانت تعتبر قاعدة سياسية للحزب الشيوعي. تعتبر تجربة ناصرتي السياسية والبلدية معيارا هاما قد يقود الى احداث نقلة في مجمل التوجه الانتخابي للسلطات المحلية. واليوم تخوض تجربة سياسية جديدة. قد تقود أيضا الى تغيير كبير في المبنى الفكري، السياسي والاجتماعي للوسط العربي.
من هنا انا ارى اهمية هذه التجربة التي أخذها على مسؤوليته احمد الطيبي بمشاركة ناصرتي.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com 

مقالات متعلقة