الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 19:01

نعم للسلام والمحبة والحرية!/ بقلم: د. ليون أردكيان

د. ليون أردكيان
نُشر: 13/01/19 15:54,  حُتلن: 21:16

د. ليون أردكيان في مقاله:

الشرق كان وما زال، وبالرغم من كل ما يجري، صرحاً للمسيحيين والمسيحية؛ فانظر إلى أرض العراق ولبنان وفلسطين التي تمتلئ بكل آثار ورموز المسيحية، من دير الزور إلى أماكن أخر

نعم يحاولون تغيير معالمنا، لكننا نعلم أن التاريخ لا يتغير، وأن أغلب ثورات الشرق قادها واشترك فيها مسيحيون، مثل ميشيل عفلق والياس حاوي وغيرهما

يا متحف حيفا، لن تمس بمشاعرنا ولن تضعف من إيماننا ولن تفرقنا عن بعضنا في هذه الأرض

نحن في زمن الميلاد، ميلاد المجد، ميلاد التواضع، ميلاد المحبة، ميلاد السلام. أتدرون من هم شخصيات الميلاد؟ إنهم الرعاة الكادحون، المجوس المثقفون، يوسف النجار من الناصرة. إنهم أبناء شعبنا بكل فسيفسائيته، كل فِرَقه وتنوعاته وكل اختلافاته وخلافاته. إنهم، أيضاً، ما يوحد فينا وما يبثّ من داخلنا، ألا وهو السلام ومحبة الغير والحق في تقرير المصير وحرية العبادة والتعبير. نعم، نحن مع التعبير بالفن وبأي صورة أخرى، ولكن بشرط أن لا تمسّ بكرامة العبادة والإيمان. فالفارق بين الفن وعرض المسيح، رسول السلام، بصورة بذيئة مشينة، هو نفس الفرق بين "قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته" والحق أن نأخذ حرية أي شخص يطلب انتزاع حياة إنسان آخر أو الإضرار بممتلكاته.

لدينا، كجزء من شعب في هذه الأرض، القوة والقدرة على البقاء والتطور وبناء مستقبل أفضل. لكن القدرة نفسها، التي تمثل استحقاق الحياة على هذه الأرض، هي التي تعطينا القوة لنقول: كفى استهزاءً بنا وبرموزنا الدينية! كفى استهتاراً بشعبنا الصامد هنا، مع كل خلافاته ووجهات نظره! كفى إساءة إلينا باسم الفن! عن أي فن تتحدثون؟ أي فن يوهمون به ذاتهم؟ ألم يلبس هذا الفن صوراً أخرى عندما تم إحراق الكنيسة في كفار ناحوم؟ ألم يلبس الفن لباساً آخر عندما تم الاعتداء على كنيسة في يافا؟ ألا تدرون أن الكلمة قد تؤدي إلى استعمال العنف وأن الرسم قد يحرّض الآخرين على المس بكرامتنا وبممتلكاتنا ورموزنا الدينية أكثر، بسبب الاستهتار المشين بعقيدتنا من قبل من هم مسؤولون عن أمننا وحمايتنا؟ لو وقع هذا الحدث في أية دولة أوروبية وكان فيه أمر مسيء للشعب اليهودي، لكان الردّ مغايراً وكنا سمعنا استنكار زعماء هذه الدولة في كل مكان والادعاء بأنّ اللاسامية قد رفعت رأسها من جديد. لكن نحن لن نستعمل العنف، بل نشجب العنف، لأن رسول السلام أتى من أجل السلام، من أجل الإنسان، من أجل الحياة الشريفة، المحبّة للغير، الحياه التي لنا الحق فيها، بإيماننا الذي هو أحد عناصر وجودنا في هذه الديار.

لقد أتى المسيح ليحل السلام ويلعن العنف؛ لقد أتى المسيح ليقدس الحياة ويعطي الفقير ويشفي المريض؛ لقد أتى إلى هنا قبل ألفيّ عام، أتى إلى هذه الأرض، إلى هذه الديار. وفي هذه الأيام المجيدة، نعود ونقول إنهم قد سمحوا لأنسفهم بالمس بإيماننا وبمحاولة تقسيمنا إلى أجزاء، باسم الفن وباسم متحف حيفا. ولكن، نحن أبناء هذه الأرض، نقول: نعم للسلام والمحبة والحرية ولن تنال أعمالهم هذه منّا ومن إيماننا.
الشرق كان وما زال، وبالرغم من كل ما يجري، صرحاً للمسيحيين والمسيحية؛ فانظر إلى أرض العراق ولبنان وفلسطين التي تمتلئ بكل آثار ورموز المسيحية، من دير الزور إلى أماكن أخرى. نعم يحاولون تغيير معالمنا، لكننا نعلم أن التاريخ لا يتغير، وأن أغلب ثورات الشرق قادها واشترك فيها مسيحيون، مثل ميشيل عفلق والياس حاوي وغيرهما، وأدب الشرق الذي كان للمسيحيين دور كبير في قيادته وتوحيده وترسيخه، والتعبير عن هموم الشعب وأفراحه وأحزانه، فكتب جبران عن المحبة وعن العدل وترجم أنطوان شماس من اللغة العربية إلى العبرية بعضاً من الأدب الفلسطيني، وغنت فيروز للسلام، وألّف عاصي ومنصور للقدس وغنى مرسيل خليفة لأحمد الزعتر .
فيا متحف حيفا، لن تمس بمشاعرنا ولن تضعف من إيماننا ولن تفرقنا عن بعضنا في هذه الأرض.

• د. ليون أردكيان ـ أخصائي جراحة الفم والفكّين ورئيس جمعية أخصائي الفم والفكّين سابقاً.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com 

مقالات متعلقة