الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / مارس 12:02

مجموعة أشعار/ بقلم: الشَّاعر محمود مرعي

محمود مرعي
نُشر: 11/11/18 08:54,  حُتلن: 15:23

قَيْدُ الـمَجازِ اسْتِعارَتي

تَميلُ إِلى بَعْضِ الكَلامِ وَتُعْرِضُ.. عَنِ البَعْضِ تُغْري شَكَّنا وَتُحَرِّضُ

تَزيدُ عَلى رَغْمِ اليَقينِ شُكوكَنا.. فَنُنْطِقُ مَكْنونَ الـمَجازِ وَنَعْرِضُ

تَظَلُّ عَلى قَيْدِ القُدومِ وَنَجْتَني.. ثِمارَ قَصيدٍ في الجَمالِ وَنَقْرِضُ

وَتَحْسَبُ أَنَّا في سِواها قَصيدُنا.. وَما كانَ إِلَّاها وَلا جازَ يَنْهَضُ

وَإِنَّ وَفاءَ الشِّعْرِ طِينَةُ شاعِرٍ.. فَكَيْفَ تُجيزُ الصَّمْتَ بَلْ كَيْفَ تُعْرِضُ؟

وَتَعْلمُ أَنَّا ما شُغِلْنا بِغَيْرِها.. وَتُوغِلُ في الإِعْراضِ وَالقُرْبَ تَرْفُضُ

إِذا جِئْتُها أَبْغي قِراءَةَ طالِعي.. لَدَيْها وَجَدْتُ الأُمْنِياتِ تَقَوَّضُ

وَكُلَّ الَّذي أَمَّلْتُ أَحْلامَ نائِمٍ.. حَبالى لَدى نَوْمٍ وَفي الصَّحَوِ تُجْهَضُ

تَظَلُّ عَلى قَيْدِ الـمَجازِ اسْتِعارَتي.. وَتَوْرِيَةُ الـمَعْنى الكِنايَةُ تَفْرِضُ
***

تُطِلُّ عَلى حَياءٍ

وَكَمْ سَطَّرْتُ في سَلْمى قَصيدًا.. وَسَلْمى خَلْفَ أَسْتارِ الدُّهورِ

تُطِلُّ مِنَ الغُيوبِ عَلى حُروفي.. وَتَرْجِعُ لِلْبَرازِخِ وَالقُبورِ

تُطِلُّ عَلى حَياءٍ ثُمَّ تَمْضي.. كَمَذْعورِ الظِّباءِ لَدى النُّفورِ

لَها طَيْفٌ يُواعِدُني لِقاءً.. وَيُخْلِفُ في اللِّقاءِ وَفي الحُضورِ

وَأَرْقُصُ كُلَّما أَبْدى قَبولًا.. وَأَنْصَبُ في الوُرودِ وَفي الصُّدورِ

وَأَرْهَقَني الرَّواحُ بِلا نَوالٍ.. وَأَعْياني انْطِلاقي في البُكورِ

وَسَلْمى طَيُّ لَحْدٍ جَوْفَ لَحْدٍ.. وَلكِنَّ الهَوى قَدَرُ القَديرِ
***

لا يَكْتُمُ الشِّعْرُ سِرًا

وَكُلَّما جِئْتُها صاحَتْ مَهابَتُها.. لا تَهْتِكِ السِّتْرَ وَاحْفَظْ عِشْقَنا سِرَّا

فَقُلْتُ هاتي وَقولي، بادِري، انْفَجِري... عَيِيتُ بِالصَّمْتِ إِذْ جَرَّ الَّذي جَرَّا

فَالشِّعْرُ مِثْلِيَ أَمْسى عاشِقًا دَنِفًا.. وَالشِّعْرُ لا يَكْتُمُ الأَسْرارَ إِذْ يَطْرَا

وَالشِّعْرِ سَلْمى، وَسَلْمى عَنْهُ غافِلَةٌ.. وَقَدْ يَجِنُّ فَيَغْدو سِرُّهُ جَهْرَا
***

يا دارَ سَلْمى

يا دارَ سَلْمى بِالسَّلامِ بَدَأْتُها.. وَبَعَثْتُ شَوْقي نَحْوَها لِغَلاهَا

عِشْقُ الـمَنازِلِ بَعْضُ عِشْقِ نَزيلِها.. وَهَوى الدِّيارِ مُعَلَّقٌ بِهَواهَا

وَسَأَلْتُ قَيْسًا كَيْفَ يَلْثُمُ عابِرًا.. وَيُقَبِّلُ الجُدْرانَ دونَ سِواهَا؟

فَأَجابَ مَنْطِقُهُ الفَصيحُ لَرُبَّما.. مَرَّتْ عَلى أَحْجارِها كَفَّاهَا

فَلَثَمْتُ آثارَ الكُفوفِ فَأَسْكَنَتْ.. جَمْرًا تَلَظَّى مِنْ هَوى لَيْلاهَا
***

الحَدْسُ لا يَكْذِبُني

هَلْ كانَ حُبُّكِ شَرًّا سَوْفَ يُدْرِكُني.. أَمْ كانَ خَيْرًا بِدَرْبي سَوْفَ أُدْرِكُهُ؟

أَرى هَواكِ هُدوءًا قَبْلَ عاصِفَةٍ.. إِمَّا يَعيشُ وَإِمَّا الـمَوْتُ يُهْلِكُهُ

وَالحَدْسُ عِنْدي خَليلٌ لَيْسَ يَكْذِبُني.. وَالنُّصْحُ مِنْهُ سَبيلٌ لَسْتُ أَتْرُكُهُ

وَنُصْحُهُ الآنَ شَكْمَ القَلْبِ عَوْدَتَهُ.. إِلى اليَقينِ فَهذا الوَهْمُ يُرْبِكُهُ
***

طَبْعُ الهَوى غَلَّابُ

صِفَةُ الـمُحِبِّ مَلامَةٌ وَعِتابُ.. مِنْ غَيْرِ أَسْبابٍ، هَمَتْ أَسْبابُ

صِفَةُ الـمُحِبِّ تَغَضُّبٌ وَتَناحَةٌ.. ثُمَّ الرِّضى، طَبْعُ الهَوى غَلَّابُ

أَتُراهُ يَرْضى إِنْ أَتاهُ سَلامُنا.. أَمْ عَزَّ في بابِ الرِّضى الإِيجابُ؟

وَهْوَ الـمَلومُ يَقُدُّ قَلْبي صَمْتُهُ.. إِنْ قُلْتُ كُنْ، نَسَفَ الحُضورَ غِيابُ

يَدْري كَما أَدْري انْصِهارَ قُلوبِنا.. هَلَّا أَطَعْنا ما تَرى الأَلْبابُ؟

أَتُرى نَظَلُّ مُحَدِّقينَ بِصَمْتِنا.. أَمْ يَكْسِرُ الصَّمْتَ البَغيضَ جَوابُ؟
***

تَحَوُّل

ما عادَ يَطْرَبُ لِلْحُروفِ وَلِلْمَعاني وَالقَصيدْ

ما عادَ يُعْجِبُهُ الكَلامُ العَذْبِ وَالقَوْلُ السَّديدْ

ما عادَ يَسْأَلُ ما الهُيامُ وَما الغَرامُ وَما الشُّرودْ

يَزْوَرُّ إِنْ لَـمَحَ القَصيدَ يَطوفُ بِالثَّغْرِ النَّضيدْ

وَغَدا السَّلامُ مَعَ التَّحِيَّةِ إِرْثَ عادٍ أَوْ ثَمودْ

وَيَرى القَديمَ مِنَ الحَضارَةِ جَنْبَ حاضِرِنا بَعيدْ

وَسِوى الطَّبايِخِ وَالـمَشاوي وَالكُنافَةِ لا يُريدْ
***

سَبَّحْتُ خالِقي

سَبَّحْتُ مَنْ خَلَقَ الجَمالَ وَأَبْدَعَا.. وَجَلاكِ في عَيْني رُقِيًّا مُشْرَعا

وَأَحَلَّكِ الشَّغَفاتِ حِلَّ تَأَبُّدٍ.. وَجَمالُ ذاكَ الحِلِّ قَلْبي قَدْ وَعى

وَطَفِقْتُ أَرْسُمُ بِالحُروفِ مَعالِـمًا.. لاحَتْ لِعَيْني حَيِّزًا مُتَرَفِّعَا

حاوَلْتُ أَحْكي الأَصْلَ لكِنْ فاتَني.. لا يَبْلُغُ التَّقْليدُ أَصْلًا مُقْنِعَا

وَالأَصْلُ صَنْعَةُ خالِقٍ مُتَفَرِّدٍ.. ما كانَ لِلْمَخْلوقِ ذا مَهْما ادَّعى

وَحَمَدْتُ رَبًّا في سَوابِغِ أَنْعُمٍ.. عَجْزي عَنِ الإِدْراكِ داعٍ لِلدُّعَا

سُبْحانَ هادي الخَلْقِ في آثارِهِ.. وَالكَوْنُ في الإِعْجازِ مِمَّا أَبْدَعَا
***

قَمَري يُطِلُّ عَلى دَمي

هذا السُّكوتُ عَدُوُّ روحي فَافْهَمي.. في طَيِّهِ كَمَنَ الرَّدى فَتَكَلَّمي

وَانْضي حَياءً في الغَرامِ فَكَمْ نَفى.. طِيبَ الوِصالِ وَحالَ دونَ الـمَبْسَمِ

وَاهْدي الحَياةَ لِـمَنْ مَلَكْتِ حَياتَهُ.. وَامْضي بِنا لِعِناقِ رُوحٍ وَالفَمِ

في حَضْرَةِ العَيْنَيْنِ وَالخَدَّيْنِ وَالشَّفَتَيْنِ وَالرُّمَّانِ حُبًّا فَاقْدِمي

فَحَضارَةُ التَّأْنيثِ أَعْمِدَةٌ رَسَتْ.. أَرْقى مَعالِـمِها وُضوحُ الـمَـعْلَمِ

وَأَراكِ شِرْيانَ الحَضارَةِ في دَمي.. وَأَراكِ بوصَلَةَ الزَّمانِ الـمُنْعِمِ

رَيَّانَةَ العودِ الطَّرِيِّ مُبَرْعِمًا.. ثَمَرَ انْعِتاقي وَانْطِلاقي الأَعْظَمِ

خَلْفَ الزَّمانِ مَعَ الـمَكانِ لِحَيِّزٍ.. لَمْ يَحْوِ إِلَّانا وَخَفْقَ الأَنْجُمِ

لا تُمْعِني بِقِراءَتي في حَضْرَتي.. إِنَّ القِراءَةَ كَبْوَةُ الـمُتَوَسِّمِ

وَانْضي السُّكوتَ مَعَ السُّكونِ وَقَدِّمي.. ثَمَرَ الغِوايَة مُجْتَنًى وَتَقَدَّمي

حَضَرَ الـمَساءُ بِزينَةٍ لِحُضورِنا.. فَتَوَسَّدي جَسَدَ القَصيدَةِ وَاسْلَمي

وَاسْتَأْثِري بِالعَرْشِ قَدْ أَعْدَدْتُهُ.. لِيَليقَ بِالقَمَرِ الـمُطِلِّ عَلى دَمي
***

لا إِلَّاكَ لَك

راهِنْ عَلى نَفْسِكَ لا غَيْرِهَا.. فَغَيْرُها لَيْسَ سِوى غَيْرِهَا

لا مُسْعِفٌ لَوْ جِئْتَهُ مُسْعِفٌ.. وَلا مُعينٌ في دُجى سَيْرِهَا

وَكُلُّ مَنْ تَرْجو سَيَمْضي وَلا.. يَبْقى سِواكَ لَكَ في نَصْرِهَا

دَعِ الـمَخاليقَ فَلا طائِلٌ.. مِنْهُمْ وَشُدَّ العُمْرَ مِنْ أَزْرِهَا

وَنَفْسُ داعي العَوْنِ إِنْ تَبْلُها.. تُنِلْكَ بَعْضَ السُّؤْرِ مِنْ سُؤْرِهَا

وَمَنْ هَوَيْتَ فَالـمَدى دونَهُ.. جَرَّتْهُ أَوْهامٌ إِلى وِزْرِهَا

وَالصُّبْحُ رَكْضُ اللَّيْلِ في إِثْرِهِ.. وَالشَّمْسُ يَسْري البَدْرُ في إِثْرِهَا

وَالعَيْشُ حُلْوٌ طَيُّهُ مُرُّهُ.. لكِنَّهُ كَالسُّحْبِ في مَرِّهَا

وَالخَلْقُ شَتَّى في الـمُنى وَالهَوى.. حَتَّى يَزولَ الكُلُّ عَنْ ظَهْرِهَا

إِذْ ذاكَ يَسْتَوونَ في رَقْدَةٍ.. حَتَّى يَحينَ الأَمْرُ في نَشْرِهَا
***

تُغَرْبِلُني وَتُسْكِرُني

وَما زِلْنا نُراهِنُ أَنْ سَنَأْتي.. وَنُمْعِنُ في التَّباعُدِ وَالجَفاءِ

إِذا قَرَّبْتُ أَقْصَتْها ظُنونٌ.. وَإِنْ أَبْعَدْتُ تُغْرِقُ في النِّداءِ

وَلا أَدْري أَتَأْتي أَمْ سَتَبْقى.. عَلى جَمْعِ الصَّباحِ مَعَ الـمَساءِ

وَتَخْدَعُني بِحالٍ ضِدِّ حالٍ.. وَعَكْسِ العَكْسِ مِنْ نَفْيِ اللِّقاءِ

يُعشِّشُ في دِماغي أَلْفُ جِنٍّ.. وَقَدْ أَرْجا تَناقُضُها شِفائي

أَراها تَشْتَكي في كُلِّ حالٍ.. وَتُبْدي اليَأْسَ في بابِ الرَّجاءِ

تُغَرْبِلُني إِذا وَهِمَتْ زُؤانًا.. بِلَفْظي، ثُمَّ تُسْهِبُ في الثَّناءِ

تُنَخِّلُني، تَقولُ: أَرى سُعادًا.. عَلى سَطْحِ الـمَعاني كَاسْتِوائي

عَلى عَرْشي وَلا أَرْضى شَريكًا.. بِقَلْبٍ قَدْ مَنَحْتُ عُرى وَفائي

أُزيلُ غِشاوَةً حَجَبَتْ رُؤاها.. فَتَبْسِمُ، وَالتَّغابي بَعْضُ دائي

وَتُبْدي العُذْرَ غُمِّسَ في دَلالٍ.. وَتُقبِلُ وَالعُيونُ بِلا غِشاءِ

وَتُسْكِرُني بِخَمْرٍ مِنْ شِفاهٍ.. وَتَرْفَعُني مَقامَ الأَنْبِياءِ

يُغَيِّبها خُمارٌ في حُضوري.. وَتَذْبَحُني غِيابًا ذَبْحَ شاءِ

أُرَقِّيها بِياسينٍ وَطهَ.. وَأَنْضَحُها بِشافٍ مِنْ إِنائي

فَتَصْحو بَعْدَ لَأْيٍ مِنْ غِيابٍ.. وَيَشْتَعِلُ الرَّواءُ بِلا انْطِفاءِ

فَلَوْ بَصُرَتْ عُيوني ما سِواها.. يُدانيها، لَقُلْتُ عَوارُ رائي

وَأَرْقُبُ أَنْ يَفيضَ بِها جُنوني.. يُريني عُذَّلي قَيْدَ اشْتِفائي

فَيَسْري حُسْنُها في النَّبْضِ شَهْدًا.. يُرَوِّي القَلْبَ لا قَلْبَ الرَّواءِ
***
عَنْها النِّساءُ اقْتَبَسْنَ

تَناهَتْ جَمالًا وَتاهَتْ دَلالْ.. وَطافَتْ خَيالًا، وَقامَتْ غَزالْ

وَشَفَّتْ فَأَشْفَتْ ورَقَّتْ فأرْقَتْ.. وَوافَتْ فَوَفَّتْ مَنالَ النِّوالْ

تُخَمِّرُ خَمْرًا لِغَيْرِ اجْتِنابٍ.. وَحُقَّ لَها فَهْيَ روحُ الجَمالْ

وَعَنْها النِّساءُ اقْتَبَسْنَ فَلَسْنَ.. يُضاهينَها، بَلْ مُحالٌ مُحالْ
***

سَلْمى كَعَنْقاءُ الزَّمانِ

كَعَنْقاءِ الزَّمانِ لَـمَحْتُ سَلْمى.. تَقومُ مِنَ الرَّمادِ وَتَصْطَفيني

فَقُلْتُ: أَراكِ مِنْ مَوْتٍ لِبَعْثٍ.. فَما أَغْراكِ فِيَّ لِتَسْكُنيني؟

فَقالَتْ: قُمْتُ مِنْكَ إِلَيْكَ أُمْلي.. كَشارِدَةِ الأَوابِدِ مِنْ فُتوني

سَكَنْتُكَ قَبْلَ تَدْفِنُها وَكانَتْ.. بَلاءً زادَ قَهْري مَعْ جُنوني

وَلَـمَّا شُيِّعَتْ شَيَّعْتُ صَبْري.. وَجِئْتُكَ قَدْ عَريتُ مِنَ السُّكونِ

فَقُلْتُ: مَنِ الَّتي تَعْنينَ؟ قالَتْ:.. بُثَيْنَةُ، هَلْ سِواها مِنْ لَعينِ

فَقُلْتُ: وَهَلْ يَغيظُ الطَّيْفَ طَيْفٌ.. أَلَيْسَ كِلاكُما نَبْتَ الجُنونِ

فَقالَتْ: هَلْ تَرى حَوَّاءَ إلَّا.. شَبيهَ الطَّيْفِ في بَعْثِ الشُّجونِ

وَإِنْ كُنَّا طُيوفًا أَوْ خَيالًا.. هَلِ اتَّفَقَ الضَّرائِرُ في القَرينِ؟

أَتُطْري بَثْنَ إِنْ ذَكَرَتْكَ سَلْمى؟.. حَذارِ حَذارِ، لا تُخْلِفْ ظُنوني

فَقُلْتُ: دَفَنْتُها مِنْ أَمْسِ، قالَتْ: .. فَعَلْتَ الحَقَّ فَاسْكُنْ في عُيوني
***

سَلْمى الفَرْضُ

كُلُّ النِّساءِ نَوافِلٌ لِـمُريدِها.. وَلَدَيَّ سَلْمى الفَرْضُ يَأْثَمُ تارِكُ

ضُمِّي قِناعَكِ يا رَبابُ وَباعِدي.. إِنِّي إِلى كَسْبِ النَّوافِلِ فارِكُ

فَاقْنَيْ حَياءَكِ وَاعْدِلي لِحَياتِهِ.. إِنِّي سِوى سَلْمى، لَعَمْرُكِ، باتِكُ

فَلَقَدْ وَفَتْ لي في الغَرامِ وَبارَكَتْ.. صِدْقَ الهَوى وَأَنا كَذاكَ أُبارِكُ
***

واسِطَةُ العِقْد

وَلَسْتُ أَقْبَلُ فيكِ الشِّعْرَ زَخْرَفَةً.. لِلَّفْظِ أَوْ لِكَلامٍ جاءَ مَسْبوقَا

لكِنْ لِأَسْبِقَ مَنْ لَمْ يَأْتِ مُنْفَرِدًا.. في الشِّعْرِ فيكِ لِـمَعْنًى لَيْسَ مَطْروقَا

فَالدُّرُّ مُنْتَثِرٌ في كُلِّ مَدْرَجَةٍ.. وَإِنَّما الحُسْنُ نَظْمٌ جَلَّ تَنْسيقَا

وَلَيْسَ كُلُّ كَلامٍ فيكِ أَقْبَلُهُ.. لِأَنَّكِ الجَوْهَرُ الـمَوْسومُ تَحْقيقَا

لا يَسْتَوي جَوْهَرُ الأَشْياءِ مَعْ عَرَضٍ.. وَلا الـمَسالِكُ تَغْريبًا وَتَشْريقَا

وَأَنْتِ واسِطَةُ العِقْدِ الَّتي انْفَرَدَتْ.. رَغْمَ الجَواهِرِ حَوْلَ العُنْقِ، تَزْويقَا

وَأَنْتِ أَسْفارُ خُلْدٍ لا فَناءَ لَها.. شِعْري السُّطورُ بِها، ما كانَ تَلْفيقَا

وَما انْشِغالِيَ فيكِ الدَّهْرَ غَيْرُ شِفا.. لِلرُّوحِ وَالنَّفْسِ وَالنَّبْضِ الَّذي سيقَا

هذا بَياني وَما بَعْدَ البَيانِ سِوى.. إِقْبالِ روحِكِ شَوْقًا طابَ تَحْليقَا
***

أُحِبُّهُ في ذا وَذا

هذا الدَّلالُ يَحِقُّ لَهْ.. لكِنْ يَزيدُ الـمُشْكِلَهْ

فَإِذا طَلَبْتُ كَلامَهُ.. فَسُكوتُهُ ما أَطْوَلَهْ

وَإِذا طَلَبْتُ سُكوتَهُ.. فَإِذاعَةٌ أَوْ زَلْزَلَهْ

في الفِعْلِ عِكْسُ عِكاسَةٍ.. في القَوْلِ يَشْحَذُ مِقْوَلَهْ

وَأُحِبُّهُ في ذا وَذا.. بِدَلالِهِ ما أَجْمَلَهْ
***
وَسَلْمى حَياةٌ

أَجيءُ فَتَمْضي، وَأَمْضي فَتَأْتي.. أَنامُ فَتَصْحو، وَأَصْحو تَنامْ

فَعِكْسُ عِكاسَةِ حالَتُنا.. نَقيضُ وِفاقٍ وَخَلْفٌ أَمامْ

وَرَغْمَ انْتِكاسٍ وَخُلْفِ خِلافٍ.. فَطَقْسُ الخَريفِ زُلالٌ وَسامْ

وَعُمْرُ الخَريفِ مَقيلُ ظِلالٍ.. قَصيرٌ أَبى أَنْ يَطيبَ الـمُقامْ

أَراني وَسَلْمى حَليفَيْ شِقاقٍ.. بِغَيْرِ اتِّفاقٍ وَلَسْنا نُلامْ

فَساعَةُ صَفْوٍ تُعادِلُ دَهْرًا.. وَتَعْدِلُ عُمْرًا جَناهُ الوِئامْ

وَتَطْرَبُ سَلْمى لِحَرْفي وَشِعْري.. وَيَعْلو الـمُحَيَّا رِضًى وَابْتِسامْ

وَتُرْسِلُ عَبْرَ الأَثيرِ شُعاعًا.. فَيَسْكُنُ صَدْري وَيُنْفى الـمَنامْ

وَأَرْقُبُ مِنْها اعْتِناقًا وَضَمًّا.. لِيَبْرَأَ سُقْمٌ وَيُشْفى الكَلامْ

وَعَهْدي بِها مِثْلُ عَهْدي بِنَفْسي.. حَنينًا وَشَوْقًا، وَلَوْلا أُلامْ

لَقُلْتُ حَمامٌ يُعانِقُ شَوْقًا.. حَمامَةَ أَيْكٍ وَيَخْبو الضِّرامْ

غَزَلْتُ لَها الشِّعْرَ بُرْدًا سَتَبْلى.. دُهورٌ وَيَبْقى وَلَيْسَ يُرامْ

فَسَلْمى اصْطِفاقُ الخُلودِ بِروحي.. وَسَلْمى حَياةٌ جَناها الغَرامْ

وَسَلْمى زَماني، وَسَلْمى مَكاني.. وَسَلْمى البِدايَةُ، سَلْمى الخِتامْ
**

عادَة

وَصارَ تَعَوُّدي، وَالخَيْرُ عادَهْ .. سَماعَكِ كُلَّ آنٍ وَاسْتِزادَهْ

وَأَضْحى هَمْسُكِ الأَحْلى شِفاءً .. وَمِشْكاةَ القَصيدَةِ لِلرِّيادَهْ

وَلَسْتُ أَرى جَمالًا بَعْدَ سَلْمى.. وَلا حُبًّا سِواها كَالشَّهادَهْ

فَسَلْمى بَلْسَمي وَهُبوبُ سَعْدي .. وَمِصْباحُ الهِدايَةِ لِلسَّعادَهْ

وَمُخْتَصَرُ الكَلامِ وَما حَواهُ .. أَراكِ فَلا سِواكِ، بِلا زِيادَهْ
***

وَجْهانِ لِلْحَياةِ

لِحَياتِنا وَجْهانِ، شَهْدٌ سائِلُ .. وَكَدارَةٌ تَئِدُ الهَنا يا سائِلُ

في كُلِّ شَأْنٍ ما يَسُرُّ وَضِدُّهُ .. وَلِكُلِّ خَيْرٍ، مانِعٌ أَوْ باذِلُ

فَهُناكَ حُبٌّ لا يَموتُ خَليلُهُ .. وَهُناكَ حُبٌّ- لا أَبا لَكَ- قاتِلُ

وَهُناكَ حُبٌّ بِالوِصالِ خُلودُهُ .. وَهُناكَ وَصْلٌ لِلْمَنِيَّةِ واصِلُ

وَهُناكَ عَيْشٌ بِالـمَحَبَّةِ عامِرٌ .. وَهُناكَ عَيْشٌ لِلْمَحَبَّةِ عازِلُ

وَهُناكَ مَوْتٌ في حَضيضِ كَرامَةٍ .. وَهُناكَ مَوْتٌ بِالكَرامَةِ حافِلُ

تِلْكَ الحَياةُ وَقَدْ تَطيبُ لِـمُعْدَمٍ .. وَلَدى الثَّرِيِّ مَصائِبٌ وَنَوازِلُ

يَشْقى بِها ذو العِلْمِ وَهْوَ مُحَنَّكٌ .. وَيَحوزُ أَنْعُمَها العَقيمُ الجاهِلُ

فَكُنِ الحَكيمَ إِذا دَهَتْكَ صُروفُها .. لا يَأْمَنُ الدُّنْيا الدَّنِيَّةَ عاقِلُ
***

تُريني العَكْس

أُكابِدُ فيكِ الشَّوْقَ وَالشَّوْقُ قاتِلُ.. وَأُكْثِرُ وَصْفَ الحُسْنِ وَالحُسْنُ عاطِلُ

وَأَنْظِمُ فيكِ الشِّعْرَ ما حازَ سابِقٌ.. "فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ" وَمَنْ شا يُفاضِلُ

وَأَزْعُمُ أَنَّ الحُبَّ مالِكُ أَمْرِنا.. وَلكِنْ تُريني العَكْسَ مِنْكِ مَسائِلُ

وَكَيْفَ يَعيشُ الحُبُّ وَالصَّمْتُ سَيِّدٌ.. وَبَعْضُ مَزايا الحُبِّ تُزْجي الرَّسائِلُ

وَكَيْفَ يُجيزُ الصَّمْتَ مَنْ كانَ عاشِقًا.. وَكَيْفَ لَدى الـمِيعادِ تُرْجى البَدائِلُ

وَكَيْفَ أَراكِ الآنَ سَيِّدَةَ العُلا.. وَتَمْنَعُني عَنْكِ السُّدودُ الفَواصِلُ؟

وَكَيْفَ نَظَلُّ الآنَ قَيْدَ سَواتِرٍ.. وَيَأْتيكِ إِقْبالي وَلا نَتَقابَلُ

وَيَحْرِمُنا الصَّدُّ الـمَقيتُ مِنَ الجَنى.. وَنَرْجِعُ وَالخَيْباتِ، لكِنْ نُواصِلُ

وَأَخْشى عَلَيْها القيلَ وَالقالَ وَالقِلى.. وَأَخْشى عَلَيْها ما تَؤُزُّ العَواذِلُ

وَأَعْشَقُها عِشْقًا لَوِ اقْتَسَمَ ابْتِدا.. جَميعُ البَرايا فاضَ، وَالفَضْلُ فاضِلُ

وَتُمْعِنُ في صَمْتٍ يُفَجِّرُ هَدْأَتي.. وَيَتْرُكُني صَدَّ الجُنونِ أُحاوِلُ

إِذا صَحَّ مِنْكِ الوُّدُّ صَحَّ طَريقُنا.. وَإِنْ خابَ تَقْديري، فَمَنْ ذا أُجادِلُ؟

وَتَعْمى عَنِ الشُّبَّاكِ وَهْوَ مَنافِذٌ.. تُضيءُ دُروبًا لِلِّقا، وَتُغافِلُ

وَأُبْصِرُها فَوْقَ البَياضِ تُجيبُني.. وَتَنْسى، سَوادُ الحالِ في ما تُزاوِلُ

وَأَرْقُبُ مِنْها أَنْ تُضيءَ ظَلامَنا.. لِنَجْني غِمارًا ما جَنَتْها الـمَناجِلُ

وَلا يَعْدِمُ الـمَحْبوبُ لِلْوَصْلِ حيلَةً.. إِذا شاءَ جاءَ العَوْنُ قَبْلَ يُسائِلُ

وَلَمْ تَأْتِ مِنْ تِلْقاءِ سَلْمى رِسالَةٌ.. تُطَمْئِنُ قَلْبًا أَنْهَكَتْهُ العَقابِلُ
***
كُلُّ سِواكِ أَسْواءٌ

أُفَجِّرُ كُلَّ آنٍ مِنْ بَديعي.. بَديعًا فيكِ لَمْ يُبْدِعْ مُجيدُ

وَأَرْكَبُ كُلَّ مَعْنًى غَيْرِ مِأْتي.. وَلَمْ يَطْرُقْهُ عَنْتَرُ أَوْ لَبيدُ

فَلا فَضْلٌ إِذا اشْتَبَهَتْ مَعانٍ.. وَلا التَّقْليدُ إِبْداعٌ يَقودُ

وَلَسْتِ سِواكِ خَلْقًا زانَ خُلْقٌ.. وَكُلُّ سِواكِ أَسْواءٌ تَنودُ

أَخُصُّكِ بِانْفِرادٍ وَهْوَ حَقٌّ.. كَما انْفَرَدَتْ عَنِ الدُّنيا الخُلودُ

كَما اشْتَبَهَ الأَنامُ لَدى حَياةٍ.. وَفاقَ الكُلَّ في الشَّرَفِ الشَّهيدُ

وَإِنَّكِ بَعْضُ خَلْقِ اللهِ أَدْري.. وَفينا الحُبُّ يَفْعَلُ ما يُريدُ

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.com


مقالات متعلقة