الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 30 / مارس 04:02

قصص فلسفية قصيرة/ بقلم: نبيــل عــودة

نبيل عودة
نُشر: 04/11/18 11:49,  حُتلن: 11:56

الوقــــــــــــــــــــــت

الوقت مفهوم نسبي. احتل حيزا كبيرا في التفكير الفلسفي، لكن التفكير العربي جعل الوقت بلا معنى، ما لم ينفذ اليوم ينفذ بعد اسبوع .. أو حتى بعد اسبوعين، او شهرين؟ ما الفرق؟ حتى لو صارت المهمة غير ضرورية إطلاقا .. من ينتبه لذلك؟ او بالأحرى من يهتم بذلك؟ لن يشكل التأخير او عدم التنفيذ مشكلة طارئة لجهاز السلطة مهما كان الموضوع ملحا للدولة... والعجلة عند العرب من الشيطان، تفو على الشيطان!!

اذن ما هو الوقت، وكيف نفهم نسبيته؟ هذا ما حدث مع سمير.

سمير يصلي لربه: لدي سؤال واحد يا إلهي؟

الله: ما هو سؤالك؟

سمير: هل صحيح انه بالنسبة لك المليون سنة هي ثانية واحدة فقط؟

الله: هذا صحيح.

سمير: والمليون دولار بالنسبة لك هم سنت واحد فقط؟

الله: هذا ايضا صحيح.

سمير: اذن يا إلهي أعطني سنتا واحدا.

الله: عليك ان تنتظر ثانية واحة فقط!!

وما زال سمير ينتظر .. سينتظر انقضاء الثانية الالهية ... مليون سنة فقط!!

الحكمــــــــــــــــــة .. !!

جلس أساتذة الفلسفة يتحاورون. قال أحدهم:

- ان أهم خصلة في الإنسان جماله... وبقية الخصال يمكن تطويرها بالاجتهاد .. حتى العقل يمكن تدريبه وتطويره. النقود يمكن كسبها. أما الجمال فهو الخصلة الوحيدة التي لا يستطيع الإنسان كسبها.

اعترض الثاني:

- نحن اليوم في القرن الحادي والعشرين. الجمال لم يعد خصلة يحصل عليها الإنسان بالوراثة فقط. اليوم يجْرون عمليات تجميل. يقصّرون الأنف. ينفخون الشفتين. يكبّرون الصدر .. أما الحكمة .. فهي موهبة .. لا يمكن ان تكتسب الا إذا كانت جينات الإنسان تحملها منذ الولادة.

نفى الثالث ما قاله زميلاه:

حديثكما لا علاقة له بالواقع .. كل شيء اليوم له ثمن .. الحكمة أيضاً لها ثمن. الحكمة صارت مثل عمليات التجميل، يمكن أن يحصل عليها الإنسان إذا امتلأت جيوبه بالمال. حتى الغبي يصبح رأس الحكمة إذا كان غنياً .. وتصبح أقواله حكَماً تذكر بمناسبة وبلا مناسبة. تجدون حوله المصفقين والحمالين والرقاصين.

احتد النقاش بين الزملاء الفلاسفة. وفشل الأساتذة في الوصول الى موقف موحد. وعزوا ذلك الى النظام الليبرالي الحر والديمقراطية غير المحدودة. وتطور الفكر وحق التعددية...

غادروا الجامعة كلٌّ بسيارته.

في الطريق أبرقت السماء بشدة وظهر لكل أستاذ فلسفة من المتحاورين ملاك مرسل من رب العالمين.

سؤل الأستاذ محبِّذ الجمال، ماذا تختار من بين ثلاثة أشياء: الحكمة، الجمال أو عشرة ملايين دولار؟

بعد تردد اختار الحكمة، متنازلاً عن الجمال... الذي يصرّ عادة انها الخصلة الأفضل.

سألوا الثاني الذي يحبّذ المال، فاعتركت الأفكار برأسه، وبعد تردد صعب اختار الحكمة، لعلها الضمانة لمكانته وهي أهم من المال الذي قد يختفي فجأة كما جاء فجأة.

سألوا الثالث، الذي رأي بالحكمة الخصلة الأفضل فقال بلا تردد انه يختار الحكمة متنازلاً عن المال الذي يمكن ان يجعل الأغبياء حكماء أيضاً.

في فجر اليوم التالي التقوا في غرفة التدريس. كان يبدو عليهم الندم.

بعد فترة صمت كسر الحديث أحدهم متحدثاً عن البرق في السماء وظهور ملاك الرب مخيراً اياه ان يختار احدى الخصال الثلاثة .. فاختار الحكمة متنازلاً عن موقفه السابق.

"وهذا حدث لي". قال الثاني .. "وقد اخترت الحكمة أيضا متنازلاً عن مواقفي السابقة".

"وحدث لي". قال الثالث، وأضاف: "كنت مقتنعاً مسبقاً ان الحكمة هي الخصلة المطلوبة. وقد اخترتها".

قال أحدهم:" الآن أصبحت لدينا الحكمة لو خُيِّرنا الآن، ونحن نملك الحكمة.... ماذا نختار ونحن أكثر حكمة؟

صمت الزميلان ولم ينبسا ببنت شفة.

اقترح أحدهم: كلنا اخترنا الحكمة، ولا شك انها حكمة ربانية لا زيادة فيها لأحد على أحد. تعالوا نستغل حكمتنا الكبيرة ونختار من جديد. كل واحد يكتب على ورقة خياره لو ظهر له الملاك سائلاً مرة أخرى ان يختار بين الحكمة والجمال والعشرة ملايين دولار.

وهذا ما كان. سجل كل فيلسوف منهم خياره الجديد.

وعندما فتحوا الأوراق كان هناك نص مشابه للفلاسفة الثلاثة: سأختار العشرة ملايين دولار!!

*******

الحقيقــــــــــة ..؟

ما هي الحقيقة؟ هل هي مطلقة ام نسبية؟

الحوار الفلسفي شهد خلافا واسعا حول مفهوم الحقيقة وهل هي نسبية ام مطلقة؟ حتى النظريات العلمية القاطعة مثل الجاذبية يعتبرها بعض الفلاسفة نسبية. لماذا؟

لأنه حسب تفكيرهم هناك فجوة بين المعرفة وبين الوعي. الوعي لا يعني المعرفة. المعرفة لها اساليب دراسية وبحثية واختبارية للوصول اليها، الوعي هو حالة عقلية.

قرأت خبرا قد يعطي التفسير لمفهوم النسبية رغم انه يعالج الموضوع بسخرية:

في احدى المحاكم قرر القاضي وقف البحث ودعوة المحاميان، محامي الدفاع ومحامي الادعاء الى غرفته.

بعد ان جلسا امام القاضي ببعض التردد والارتباك سألهما: هل تعرفان سبب دعوتي لكما لغرفتي؟

هزا رأسيهما بالنفي والحيرة بارزة على وجهيهما.

قال القاضي: السبب إني تلقيت من كل واحد منكما برطيلا كي احكم له، وبما ان القضية أخلاقية قررت ان أعدل بينكما.

اشار لمحامي الادعاء وقال: انت اعطيتني (10) الاف دولار.

واشار لمحامي الدفاع وقال: انت اعطيتني (15) الف دولار.

وأضاف: حتى أكون عادلا منصفا ها انا اعيد لك سيدي محامي الدفاع (5) الاف دولار، ها هو المبلغ بالمغلف، لأني قررت ان احكم بالقضية المطروحة بالعدل وبدون انحياز لأي منكما!!

اذن هل الحقيقة مطلقة ام نسبية؟!

فلسفة القضاء

وقع خلاف بين صاحب مزرعة ومربي المواشي بجوار مزرعته. كانت المزرعة تقع على شاطئ النهر، اصحاب حظائر المواشي لم يكن لهم من طريق للوصول بمواشيهم الى النهر ليشربوا الا عن طريق العبور عبر أراضي المزرعة كما كان الحال في الماضي، لكن نوع الزراعة اليوم اختلف، هناك دفيئات، مزروعات يمنع وطأها بالأقدام .. لذلك قرر صاحب المزرعة منع عبور المواشي عبر مزرعته لأن عبور المواشي عبر الأراضي المزروعة يترك دمارا كبيرا للمزرعة. حاول منع قطيع المواشي من عبور أراضيه الى النهر ..وقع صدام كبير... ووصلت القضية للقضاء.

جلس القاضي ينظر في الشكوى وفي الرد على الشكوى .. وكان مساعده بقربه يدون تفاصيل الجلسة. اعطي الكلام لصاحب الدعوى ليشرح مشكلته:

- سيدي القاضي .. أملك مزرعة على ضفاف النهر .. ورثتها أبا عن جد .. ولكن قطيع الجيران المجاورين للمزرعة يدمرون زرعي كلما عبرت مواشيهم الى النهر .. وهذا أمر يسبب لي الخسائر الكبيرة ولم يعد محمولا… ومن حقي ان احافظ على زرعي وأمنع قطيعهم من العبور في أرضي.

فكر القاضي وأجاب:

- انت صادق .. هذا حقك.

وتوجه لأصحاب المواشي.

- لماذا تصرون على المرور من أرضه وتسبيب الأضرار الكبيرة له؟

انتدبوا متحدثا عنهم. وقف وقال:

- سيدي القاضي، قطيعنا سيموت عطشا اذا لم يصل الى النهر ليشرب الماء. أجدادنا وأباءنا ونحن من بعدهم نستعمل هذا الطريق منذ مئات السنين. وهذا يعني انه يحق لكل راع الوصول مع قطيعه الى مصادر المياه عن طريق المزرعة كما كان متبعا دائما. ومنعنا يعني موت قطيعنا وإفلاسنا.

قال القاضي بعد تفكير:

- حقا .. انتم صادقون.

واجلت الجلسة لموعد آخر لإصدار الحكم.

كان مساعد القاضي يستمع ويسجل، وسؤال كبير يجول في خاطره. قال بعد ان اختلى بالقاضي:

- يا سعادة القاضي لا يمكن ان يكونوا جميعهم صادقين ؟!

نظر اليه القاضي وقال:

- أجل .. أنت صادق أيضا !!

لم اشعر بجاذبية نحو زوجك

"الأمباتيا" ما هي؟ هل هي نفسها الأباتيا مثلا؟ او هي الأتاراكسيا ؟

الفلسفة عرفت الأباتيا، بأنها تعني فتور الشعور وتقود إلى نوع من الزهد في الحياة. فهل كانت الأباتيا هي الحالة التي أصابت الشعوب العربية مع حكامها حتى تواصل طغيانهم عشرات السنين؟ ربما الأصح انها حالة من الأتاراكسيا التي تعني طمأنينة النفس وعدم التذمر، أو الأمباتيا، التي تعني فتور الشعور والزهد بالحياة؟

ظلت حيرتي قائمة، حتى سمعت حكاية من امرأة روتها، بعد الانفجار العربي (الذي سمي بالربيع فجاء خريفا قاتلا) وهي تشعر بالارتباك، قالت إنها وصلت لوضع كبير من اليأس حتى لم تعد الحياة تعنيها، الفتور والزهد بطيبات الحياة لم يعد يفارقها، زوجها لم يعد يعني لها شيئا، معاشرته هي آخر ما يهمها. لا شيء يثير اهتمامها بالحياة. الموت لم يعد يرهبها، تتمناه وتنتظره، لعله المنقذ من حياة الذل وغياب ما يستحق التمسك بها. لا فجر جديد يبشر بتغير الحال، قتلتنا الثرثرة عن تحرير الوطن، يردحون ضد الاستعمار، الذي لا نراه إلا في خطاباتهم وهم أسوأ منه في استبدادهم. في الفترة الاستعمارية كان واقعنا أفضل، بدل أن نتقدم بعد أن صرنا أنظمة وطنية ثورية اشتراكية وحدوية، نتراجع، بل نواصل السقوط في هوة لم نصل قعرها بعد.. بدل أن نحرر ارض الوطن التي أشبعونا غناء ومراجل ضد محتليها، نزداد ثرثرة وفقدانا لرغبتنا في الحياة. لمن سنحررها؟ لشيوخ نفط نبيعهم شرفنا من أجل سد رمقنا؟ لنظام يسرق ثروتنا ويبيعنا أناشيد وخطابات وابتسامات تلفزيونية؟ ماذا تركوا لنا لنتمسك به؟

وواصلت حديثها الحزين، قالت:

- حتى حياتي الخاصة أضحت لوحة مصغرة من حياتي العامة. لم يعد ما يعنيني، فأنا متزوجة منذ أربعة عقود .. بعمر سيطرة رؤساء الفساد، أي منذ إطلالة نظمنا الثورية، لم أعد أشعر برغبة في الاقتراب من زوجي .. رغم إلحاحه الدائم... اتهمني أني باردة جنسيا، عربد وهدد بالضرب .. يظن نفسه قائدا لمجلس الثورة في البيت، من كثرة عصبيته وإلحاحه ذهبت للعلاج لدى طبيبة مختصة. سألتني:

- ما مشكلتك بالضبط؟

- ربما برودة جنسية .. او ملل من حياة الخضوع، لا أشعر بجاذبية نحو زوجي ولا برغبة في معاشرته، أو الاستجابة لطلباته حتى البسيطة .. أراه عالة علي وعلى بيتي لدرجة لم يعد يهمني أمره، لا اشتاق لمعاشرته أو خدمته ولم أعد أحتمل وجوده ولا سماع ثرثرته.

- احضريه معك في المرة القادمة وسأجري الفحوص المناسبة وبعدها نرى ما العمل.

وواصلت السيدة الحديث:

- بعد أسبوع عدت مع زوجي إلى عيادة الطبيبة. قالت له الطبيبة انه من أجل علاج برودة زوجته الجنسية وصدها له وابتعادها المتواصل عنه .. وعدم تلبية أوامره وطلباته، عليها أن تفحصه أولا... وأضافت:

- رجاء اقلع ملابسك أيها السيد .. لا حاجة للارتباك .. أنا طبيبة ورأيت آلاف مما تظنه مميز رجولتك .. .. تأكد يا سيدي، رغم أنك رئيس بيت، أو حتى لو صرت رئيسا لجمهورية عربية، فلا فرق، لن تزداد رجولة أو سحرا. هل تعرف، عندما كنت صغيرة استغربت أني لا أملك ما يملكه أخي ويفخر به. شكوت لوالدتي، فماذا قالت لي والدتي؟ قالت أني بما املكه استطيع عندما أكبر أن املك وأسيطر على آلاف مثل الذي عند أخي .. لذا لا ترتبك، ليكن واضحا لك ولمعشر الرجال، ضمنهم أيضا الرؤساء العرب إذا ظل من يوهمهم برجولتهم، أنكم لستم الأفضل بهذا الشيء الذي تفخرون به...الرب منحكم هدية التبول وقوفا، ولكنه منحنا القدرة على الوصول للمتعة الجنسية مرات متكررة ... فما هو الأفضل حسب رأيك؟ لنفترض أن أذنك تحكك بشدة، ما العمل؟ ستدخل أصبعك وتحكها. بعد ذلك تخرج أصبعك. قل لي من يشعر بالمتعة أكثر؟ أصبعك أم أذنك؟

وواصلت المرأة حكايتها:

- بدون خيار، قلع زوجي ملابسه .. وبان عاريا كما ولدته أمه .. رغم اشمئزازي من منظره، خجلت عنه .. ولكننا في عيادة للعلاج.

قالت الطبيبة:

- الآن در حول نفسك دورة كاملة .. مرة أخرى .. سر خطوة للأمام .. ارجع خطوتين إلى الخلف .. كأنك رئيس عربي يستعد للإلقاء خطابه البرلماني. حسنا. الآن استلق على السرير من فضلك .. لا تخبئ عورتك .. لا تخجل .. لا فرق بينها وبين عورة رؤساء وملوك دولنا العربية، البارزة عوراتهم من وجوههم. لست ساحرا للنساء لتخاف علينا من رجولتك ..استلق .. حسنا .. يداك على الجنبين .. الآن أرى .. قم يا سيدي وارتد ملابسك وانتظر زوجتك في الخارج.

وقامت تسجل ملاحظات في دفترها.

خرج زوجي وبقيت لوحدي مع الطبيبة. قالت:

- يا سيدتي آنت لا تعانين من برودة جنسية أو من حالة نفسية تجعلك ترفضين النوم معه أو استمرار سيطرته على البيت .. أنا أيضا لم أشعر بجاذبية نحو زوجك وما كنت لأبقيه رئيساعلي دقيقة واحدة !!

2 + 2 = 5 ...!!!

يبدو ان المنطق الرياضي الذي يقول إن 2 + 2 = 4، لم يعد صحيحا فلسفيا .

أستاذ الفلسفة، الدكتور سمير، يقول إن هذا تركيب مصطنع، و يحتاج فلسفيا إلى براهين، والأغلب انه خطأ متداول .

أستاذ الرياضيات، البروفسور صالح، يصرّ أن 2 + 2 ، بجمعهما المنطقي ، نتيجتهما أربعة، وهو سؤال رياضي بسيط وأولي، ومن بديهيات الحساب الرياضي.

الدكتور سمير أعمل فكره، فأجاب معترضا :

- ماذا تقصد بالرقم 4، هل هو مجرد الجمع بين عددين أصغر منه، أم له تفسير فلسفي آخر؟ وكيف توصلنا الى أربعة ؟ أليست هذه رؤية مسبقة منغلقة لا تريد ان تعترف بما يعارضها؟ إن حقيقة كل ادعاء تفحص بحسب نتائجها . وهل يخفى اننا نختار الحقيقة بحسب ما تُحدثه من تغيير؟ فهل من حقيقة ذات تأثير تُلزم التغيير في المسألة البسيطة التي تدعيها من النتيجة 4 من جمع 2 + 2 ؟ مثلا نحن نقول ان قانون الجاذبية لنيوتن صحيح، ليس لأنه مطابق لما يحصل حقا، وإنما لأنه ثبت أنه قابل للاستعمال لتوقع تصرف عنصرين مع بعضهما في حالات متعددة ومختلفة. مثلا، انا على ثقة أن التفاح يسقط الى الأسفل حتى من شجرة تفاح في مكة. وعلى رأس أي سعودي جالس تحتها، بغض النظر اذا كان أميرا أو فقيرا ، عالما مفتيا أو جاهلا، وليس في لندن فقط، حيث سقطت التفاحة على رأس نيوتن .

بروفسور صالح ضحك من هذا التفسير المعقد :

- انتم الفلاسفة جعلتم عالمنا أكثر صعوبة على الناس. تشغلون عقولكم بأوهام، وتصعّبون على الناس فهم حياتهم، وتسهيل معاملاتهم. تخيل لو ذهب الى البنك مئة الف شخص يصرون أن 2 + 2 = 5 . سيتعطل العمل وتتوقف المصالح . هل تفهم أن فلسفتك ستجعل عالمنا مبهما وغيبيا؛ لا شيء مؤكدا فيه ؟ لنفرض انك اشتريت بدولارين من البقال، وبدولارين من دكان الخضرة، فما مجموع ما صرفته في الدكانين ؟

- خمسة، أجاب دكتور سمير بلا تردد، وأضاف: أنت تتجاهل اشارة الزائد . ألا قيمة للإشارة؟ لماذا نستعملها اذن ؟

- لنفترض انها ناقص، لا زائد ؟

- الجواب في هذه الحالة صفر ، لأن الناقص ينفي ولا يضيف.

- ما هذه ؟ فلسفة جديدة ؟

- أبدا، نحن نتعلم في الفلسفة ان نصلح عالمنا، وأن نفسره، وان نشكل رؤيتنا الخاصة حوله. لماذا رؤيتكم صحيحة، ورؤية استرالي أصلي يعيش في الغابات الاسترالية غير صحيحة؟

- ما دخل الأسترالي في الحساب؟

- سؤال جيد. قمنا قبل سنة بزيارة لأستراليا. وصلنا الى احدى الغابات التي تسكنها قبيلة من السكان الأصليين . بعيدون عن الحضارة .. بعيدون عن كل ما يمت بصلة للمجتمع المدني. ومع ذلك حياتهم منظمة وواجباتهم محددة. كل يعرف ما عليه وأين هي حدوده ، لا أحد يتجاوز حدوده . مجتمع آمن .. بلا مشاكل الحضارة ومتطلباتها .. لا يعرفون المدارس ... ولا الحواسيب . أجريت اختبارا حسابيا لأحدهم. كان سؤالي هو نفس سؤال الخلاف بيننا . كم هو مجموع 2 + 2. لم يجبْ. طلب الإذن. ذهب وعاد بحبلين. عقد في الحبل الأول عقدتين وأشار باصبعيه إلى الرقم 2، ثم عقد عقدتين في الحبل الثاني، وأشار مرة أخرى بأصبعية إلى الرقم 2، وأخيرا عقد عقدة تجمع بين الحبلين، وعدّ العقد فكانت خمس عقد ، فأجاب أن 2 + 2 = 5.

فكيف يمكن أن أقنعه أنها تساوي أربعة؟ والآن بامكانك يا زميلي العزيز بروفسور صالح، أن تقول إن الجواب هو نتيجة عملية لتطور المجتمع . او العقل البشري، وان الجمع لا يتعلق بقوانين الرياضيات، بل بقوانين الحياة التي يعيشها الانسان .

- فلسفة .. من حظ العالم أن الفلاسفة لا يصلون إلى السلطة . ناقش جاهلا، ولا تناقش فيلسوفا !! 

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.com


مقالات متعلقة