الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 04:02

مهلًا أيُّها المشايخ..تكفير الناس ليس من الإسلام في شيء/ بقلم: د. منصور عباس

د. منصور عباس
نُشر: 20/09/18 16:44,  حُتلن: 22:18

 د. منصور عباس في مقاله: 

من كان حريصا على الدّين أن يُشوَّه وعلى التَّديُّن أن ينحرف، فليجتهد في تعليم الناس القرآن الكريم وسنة النبي الكريم بحكمة وموعظة حسنة وبالدليل والحجة والبرهان

زج الإسلام في صراعات الأحزاب والشِيَع والنفوذ والسلطة، فليس من الحكمة ولا من الشرع في شيء، ولن يكون له مردود حسن جميل

عندما أساء رجال الدين استخدام سلطتهم الدينية في أوروبا، ترك الأوروبيون الدين والايمان، ليس رفضا لرسالة المحبة والرحمة التي جاء بها السيد المسيح وإنما تَرَكُوا دين الرجال.. فلا تكرروا نفس الخطأ أَيُّهَا المشايخ الفضلاء

تكفير الناس أو تخوينهم أو تفسيقهم أو تبديعهم، جماعات أو أفرادا أو تيارات فكرية دون دليل شرعي حقيقي ليس من الإسلام في شيء. وهو من الذنوب التي توجب أن يتوب منها الانسان، وأن يستبرئ من ذنبه أمام الناس الذين اتهمهم.
اتهام الناس في عقائدهم او بارتكاب الفواحش والجرائم تحتاج ادلة قطعية، (مع التساؤل الدائم، ما هي حاجتنا الحقيقية لكيل الاتهامات وما هو توظيفها في الخطاب). بل أكثر من ذلك هذه التهم تسقط بمجرد الشبهة والشك اليسر . ومن كان عنده أدنى درجات العلم الشرعي، يعلم أن الكفر يرفع بوجه واحد من تسعة وتسعين وجها. وان فاحشة الزنا مثلا لا تثبت الا بشهادة أربعة شهداء، فإن كانوا ثلاثة ردت شهادتهم واتهموا بالبهتان وأقيم عليهم حد القذف ولَم تقبل لهم شهادة ابدا.

فلم تشدد الشرعي الحنيف في قَبول التهم بالكفر والتفسيق والتبديع؟
لأن هذا المنهج هو منهجُ هدْم وتمزيق لتماسك المجتمع وفتحٌ لأبواب الفتن والنزاع والشقاق والاقتتال بين الناس، وإشاعة الفواحش والتحريض على البغي والعدوان. هو منهج يهدم الدين أيضا ويشوه قيمه ومقاصده.
لقد اجتمعت كلمة علماء الشريعة الغراء أن مقاصد الدين الضرورية الكلية والعلوية هي: حفظ الدين وحفظ النفس وحفظ العقل وحفظ العِرض وحفظ المال. فانظر الى آثار هذا المنهج كيف تهدم كل اركان المقاصد الشرعية الضرورية.
من كان حريصا على الدّين أن يُشوَّه وعلى التَّديُّن أن ينحرف، فليجتهد في تعليم الناس القرآن الكريم وسنة النبي الكريم بحكمة وموعظة حسنة وبالدليل والحجة والبرهان، وليكن لهم قدوة حسنة بحسن أخلاقه وحبه للناس وحرصه عليهم قال تعالى: "لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُول مِنْ أَنْفُسكُمْ عَزِيز عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيص عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوف رَحِيم" .

أما زج الإسلام في صراعات الأحزاب والشِيَع والنفوذ والسلطة، فليس من الحكمة ولا من الشرع في شيء، ولن يكون له مردود حسن جميل.
من قلب زنازين الظلم والتعذيب كتب الإمام المرشد حسن الهضيبي رحمه الله كتابه "دعاة لا قضاة" ليعلِّم أبناء التيار الاسلامي أن دورهم ينتهي بدعوة الناس الى الخير وتبليغ ما أمروا أن يبلغوه من القران والسنة. وأما نصب المحاكم والقاء التهم والأحكام على الناس فليس من وظيفتهم ولا من واجبهم.
عندما اخترنا أن نكون في صف الدعاة الى الله فقد اختارنا أن نكون مع الناس وللناس حبا ورأفة وحرصا وخدمة، نفرح للخير الذي يصيبهم ونحزن اذا ابتلوا بسوء ونشفق عليهم اذا ابتعدوا عن الصراط وندعو لهم بالهداية والرشاد. لسنا حكاما ولا قضاة ولا جلادين، لم نكلف بهذا ولسنا أهلا له.

عندما أساء رجال الدين استخدام سلطتهم الدينية في أوروبا، ترك الأوروبيون الدين والايمان، ليس رفضا لرسالة المحبة والرحمة التي جاء بها السيد المسيح وإنما تَرَكُوا دين الرجال.
فلا تكرروا نفس الخطأ أَيُّهَا المشايخ الفضلاء، ولا تسيؤوا الى الاسلام دين المحبة والرحمة والحكمة والسلام.

منذ عقود قليلة لم يكن للإسلام أثر كبير في حياتنا نحن العرب الفلسطينيين، كانت مساجدنا خاوية على عروشها. واليوم بفضل من الله تعالى وبجهد الدعاة الحكماء بنيت المساجد بالمئات، وعمّرت بمئات آلاف المصلين، وعادت لرمضان هيبته، والزكاة تؤدى للفقراء والحج والعمرة مهوى الأفئدة، والقران يتلى في البيوت ويحفظ في الصدور ، والنساء يرتدين لباس التقوى والعفة قبل لباس الجسد.
ما زال أمامنا مشوار طويل كدعاة يريدون الخير للناس جميعا، ولكن هذا لا يعني أن نتصرف كمن خسر معركته ويبحث عن الانتقام أو الانتحار. 

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net   

مقالات متعلقة