الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 16 / أبريل 21:02

ما بين النكبة والنكسة/ بقلم: ابراهيم بشناق

ابراهيم بشناق
نُشر: 05/06/18 18:44,  حُتلن: 11:28

ابراهيم بشناق:

في العقدين الأخيرين بدأت القيادة الفلسطينية إدراك مدى خطورة العوامل الذاتية السلبية التي أثرت على مسار القضية الوطنية

في ظل كل هذاوصل الوضع الفلسطيني إلى أسوأ حالاته بفشل كل حوارات ومحاولات المصالحة الوطنية لإنهاء الإنقسام السياسي

بقاء الوضع الفلسطيني والعربي على ما هو عليه فمن شأنه أن يجلب على الفلسطينيين نكبات ونكسات جديدة وبالمزيد من تراجع حضور القضية الفلسطينية 

يحيي شعبنا الفلسطيني ذكرى نكبته في ظل ظروف داخلية ذاتية وخارجية عربية ودولية تهدد كيانه بنكبات جديدة وبالمزيد من تراجع الإهتمام بقضيتنا، وتعاظم مخاطر تفكيك عناصرها، وتكريس الإنقسام السياسي والكياني القائم بين أبناء الشعب الواحد.


وفِي ذكرى النكبة يحاول شعبنا الفلسطيني تذكير العالم من خلال الفعاليات المختلفة في مثل هذه الأيام وخاصة خلال شهر أيار من كل عام ( ذكرى النكبة) ومنذ سبعون عامٍ، ما جرى له من سلب حقوقه الوطنية ومحاولات تبديدها، وكذلك بالمآسي التي حلت به جراء ضياع الوطن عام 1948، ومن أبشع هذه المعضلات ، الجريمة المستمرة بحق ملايين اللاجئين الذين مازالوا محرومين من العودة إلى وطنهم، رغم أن عمر القرار الدولي 194 من عمر النكبة، وعلى الرغم من تأكيد الجمعية العامة للأمم المتحدة دورياً على هذا القرار الذي يدعو إلى عودة أولئك اللاجئين إلى أراضيهم التي شُردوا منها.

وتتزامن الذكرى السبعين للنكبة مع الذكرى الواحدة والخمسين لما نسميها بـ"النكسة"، التي تمثلت في إحتلال إسرائيل باقي أراضي فلسطين التاريخية، بالإضافة إلى شبه جزيرة سيناء المصرية وهضبة الجولان السورية، في الخامس من شهر حزيران (يونيو) عام 1967. "للنكبة" و"النكسة" وجهان للخطايا الكبرى في السياسات الرسمية العربية، وما ترتب على المشاريع المشتقة من المطامع الإستعمارية الغربية، التي ورثتها الولايات المتحدة الأميركية في المنطقة.

وفي العقدين الأخيرين بدأت القيادة الفلسطينية إدراك مدى خطورة العوامل الذاتية السلبية التي أثرت على مسار القضية الوطنية، بدرجة لا تقل عن الشق المتعلق بالسياسات الرسمية العربية والمشاريع الإستعمارية الغربية ، فإنقسام الحركة الوطنية الفلسطينية على نفسها مثَّل في العديد من المحطات التاريخية، قبل النكبة وبعدها، نقطة ضعف دفع الفلسطينيون ثمنها غالياً، وفي المحطات التي توحَّد فيها الفلسطينيون حققوا إنجازات دبلوماسية وكفاحية مهمة، لكن ومع شديد الأسف ضاع أكثرها في متاهة المفاوضات والإتفاقيات والإنقسامات ، حيث تراجع الاهتمام الرسمي العربي والعالمي بالقضية الفلسطينية، واستفردت الولايات المتحدة بملف المفاوضات على حساب دور الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.

وفي هذا المضمار ساهمت التقديرات الخاطئة لدى قيادة منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية إزاء إمكانية حدوث تغيير متزن في مواقف الولايات المتحدة، بخصوص الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي من خلال العملية التفاوضية مع إسرائيل، خارج إطار منظمة الأمم المتحدة وقراراتها، وضاعت لاحقاً فرصة لا تعوض لتصويب الخلل، حيث لم تعمل القيادة الفلسطينية على الاستفادة من إطلاق "اللجنة الرباعية الدولية"، نهاية عام 2002، كي تنهي حالة الاستفراد الأميركي، وتعيد ملف رعاية المفاوضات تحت مظلة المجتمع الدولي ، حيث كان من شأن مثل هكذا خطوة أن تحد من آثار الانحياز الأميركي الأعمى إلى جانب إسرائيل.

وفي ظل كل هذا وصل الوضع الفلسطيني إلى أسوأ حالاته بفشل كل حوارات ومحاولات المصالحة الوطنية لإنهاء الإنقسام السياسي، وصولاً إلى الإقتتال في قطاع غزة، والإنقسام الكياني بين القطاع والضفة الغربية. والوضع مرشح لحالة أكثر سوءاً إذا لم يستعد شعبنا وحدته، كحجر أساس للإرتقاء قدر الإمكان بالموقف الرسمي العربي حيال القضية الفلسطينية بإعتبارها قضية العرب جميعاً، ومن أجل وضع القضية مجدداً في صلب الإهتمام الدولي وبقوة.

ولعل ما يحتاجه شعبنا في الذكرى السبعين لـ"النكبة" والواحدة والخمسين لـ"النكسة"، حركة ضاغطة من أجل إنهاء الانقسام السياسي والكياني، وإمساك ناصية قضيته بيديه، بكل مكوناتها ككل لا يتجزأ، فالكثير من فصول "النكبة" و"النكسة" صناعة محلية بإمتياز، تجاوزها سيحسن من موقع القضية الفلسطينية على الخرائط العربية والإقليمية والدولية، وسيفرض على إسرائيل والولايات المتحدة نمط تفكير جديد، يُسقط من حساباته إستغلال العوامل الذاتية السلبية في الحالتين الفلسطينية والعربية، بل ويضطر للتعاطي مع حالة فلسطينية موحدة وعربية داعمة لقضية الشعب الفلسطيني، ستجد صداها في المحيط الإقليمي والدولي.

أما بقاء الوضع الفلسطيني والعربي على ما هو عليه فمن شأنه أن يجلب على الفلسطينيين نكبات ونكسات جديدة وبالمزيد من تراجع حضور القضية الفلسطينية وتعاظم مخاطر تفكيك عناصرها، وكمرحلة أولى تكريس الانقسام السياسي والكياني القائم بين قطاع غزة والضفة الغربية. 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net


مقالات متعلقة