الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 23 / أبريل 10:01

غزة وفقدان معادلة الردع/ بقلم: خالد خليفة

خالد خليفة
نُشر: 30/05/18 19:19,  حُتلن: 20:28

أبرز ما جاء في المقال:

اسرائيل ترى في غزة قنبلة موقوته يمكن ان توقعها ديموغرافيا، عسكريا و اقتصادي

موافقة اسرائيل على الهدنة يدل على فقدانها للردع للطرف الاضعف في المعادلة الا وهو الطرف الفلسطيني، كما يدل على قلة خياراتها الاستراتيجية وعدم رغبتها في مواجهه كبرى وشاملة لتحقيق مزيدا من الانجازات صعبة المنال في موازين القوى الراهنة

لقد أثبتت احداث غزة الدامية الأخيرة مدى التخبط في السياسية الإسرائيلية، وأربكت مسيرة العودة سياسية إسرائيل التي تدعي النجاحات والانجازات على الساحة الدولية خلال السنوات الأخيرة من حكم نتنياهو.
هذا وجاءت مسيرة العودة التي بدأ مسلسلها في منتصف نيسان 2018 كرد فعل على العنجهية الاسرائيليهة، التي ارادت ان تحتفل بسبعين عام على قيامها وتجاهلها الكامل والمطلق لنكبة فلسطين.

ان مسيرة العودة أرادت ان تجسد الاصرار الفلسطيني على حيوية القضية الفلسطينية بعد 70 عاما من انهيار ونكبة واسعة النطاق، لقد كانت المسيرة سلمية واكتسبت دعما عالميا ضخما ولكن اسرائيل ردت على هذه المسيرة بوحشية غير متناهية، ادت الى سقوط العشرات وجرح الآلاف.

و تدعي اسرائيل ان القتل بالمئات و الالاف يحدث يوميا في العديد من دول العالم ، اي ان من حقها ان تقتل الفلسطينيين هي ايضا ، أما السؤال الجوهري والذي يُسأل تارة و اخرى فهو – كيف يتساوى ادعاء اسرائيل بانها دولة ديموقراطيه و تحترم حقوق الانسان تربط علاقات اقتصاديه مع العديد من دول العالم و في نفس الوقت تقوم بتنفيذ المجازر اتجاه سكان العزل من قطاع غزة .

ان قتلها للفلسطينيين يجردها من إنسانيتها و ديمقراطيتها، و يؤكد للعالم انها دولة لا تطوق الى السلام و غير معنية للعيش سوية مع الشعب الذي احتلت ارضه ، و يمكن القول بأن العناد الذي انتهجته اسرائيل في مواجة مسيرة العودة السلمية ادى في نهاية المطاف الى مزيد من الاحقان بين الشعبين و الذي تجسد في المواجهه الحامية الوطيس و التي نشبت في مطلع هذا الاسبوع - ( 28-29 . 5 . 2018) ، حيث كان التراشق بالصواريخ و الطائرات بين الطرف الغزي و الاسرائيلي قويا للغاية ، و يقول المحللون بأن اسرائيل استطاعت ردع الجانب الفلسطيني في غزه ، و لكن محللون اخرين كبار في الشأن الاستراتيجي يأكدون ان الردع كان من الجانب الفلسطيني للاسرائيلين بحيث ان هذه المواجهه اثبتت للجيش الاسرائيلي استحالة وقلة امكانياتم الاستراتيجيه في حسم المعركة و تركيع الجانب الفلسطيني.
فبعد ليلتين من المواجهات ، استجابت اسرائيل للتدخل المصري ووافقت على هدنه مع الجانب الفلسطيني .

ان موافقة اسرائيل على هذه الهدنة، يدل على فقدانها للردع للطرف الاضعف في المعادلة الا وهو الطرف الفلسطيني، كما يدل على قلة خياراتها الاستراتيجية وعدم رغبتها في مواجهة كبرى وشاملة لتحقيق مزيدا من الانجازات صعبة المنال في موازين القوى الراهنة.

لقد ايقنت اسرائيل وبسرعه متناهيه ان مواجهة واسعة النطاق في غزة ، ليس فقط سيفقدها قوة الردع و لكن سيدخلها الى دوامة عسكريه في وحل غزة ، حيث لا تستطيع الخروج منه مدة طويلة ، و تسود المؤسسه الإسرائيلية الحاكمه رأيان لمواجهة سكان غزة و يتمثل الرأي الاول- في اجلس و لا تعمل اي شيء ! اي دعم الوضع الراهن و السماح له في مزيد من التدهور ، و يقف نتنياهو هو ووزرائه على رأس المؤيدين لتلك الفكرة ، أما الجهاز العسكري في اسرائيل و الذي يعي خطورة و تدهور الوضع في غزة و تصعيد إمكانيات المواجهه ، فأنه يرى بأنه من الأفضل ان يبرم حل معين مع اي قيادة فلسطينيه لمنع تدهور الوضع ، فهنالك اقتراحات لأقامة ميناء في قبرص تشرف عليها اسرائيل و يخدم سكان غزة، او اقامة جزيرة اصطناعية قبالة بحر غزة ، تستعمل كميناء لغزة .

وهنالك افكار عديدة اخرى كاقتطاع الاموال من السلطه الفلسطينيه و دفعها مباشرة للغزيين . ان كل الاقتراحات تلك تهدف في النهاية الى استمرار الحصار و السيطرة المحكمة على غزة ، فعلى الرغم من ان اسرائيل و اعلامها يقولون ليل نهار بأن اسرائيل خرجت من غزة و هي غير مسؤولة عما يحدث هناك ، و هي تزود الكهرباء الوقود و الغذاء لها و لكن واقع الامر و الذي لا يفقهه الاعلام العالمي و حتى بعض اعضاء الكنيست العرب الذين يُسئلون في الاعلام العبري هو ان غزة ما زالت محتلة و محاصرة من قبل اسرائيل ، حيث لا يسمح لها بادخال الغذاء و الدواء و الوقود و الكهرباء لها الا بموافقة اسرائيل و عبر حدودها و بعد ان يدفع سعرها كاملا بالسعر الذي تطلبة اسرائيل .

فأي تاجر او صاحب مصنع غزي ، لا يستطيع ان يشتري اي بضائع او مواد غذائيه من السوق العالمي لسكانه الى عن طريق اسرائيل و بعد ان تقتطع اسرائيل ضريبة القيمة المضافة و ضرائب اخرى . الامر الذي يفقد السكان الغزيين امكانية شراء البضائع باسعار زهيدة من الاسواق العالميه .

كما انهم لا يستطيعون التزود بالكهرباء الا عن طريق شركة الكهرباء الاسرائيليه و بالسعر الاسرائيلي العالي و بعض فرض ضريبة القيمة المضافة. ويمنع الفلسطينيين الغزيين من استعمال مينائهم ، حيث يفرض الاحتلال حصارا بحريا تمنع فيه حرية التنقل و يتقوم اسرائيل بتنقيب الغاز و استخراجه من قبالة غزة.

ان اسرائيل ترى في غزة قنبلة موقوته يمكن ان توقعها ديموغرافيا ، عسكريا و اقتصاديا.

ولهذا فأنها تريد في الاستمرار بالوضع الراهن لغزة ، اي محاصرتها و ووضعها في جيتو بشكل محكم تجني منه و من سكانه المليارات من الدولارات مقابل تزويدها بالغذاء و الوقود و الكهرباء ، كون قطاع غزة يمنع عليه الانفتاح و التواصل مع باقي ارجاء المعمورة.
و هنالك امر اخر و مهم في هذا الايطار، ان فرض الحصار على غزة يهدف في نهاية الامر الى منع التواصل السكاني و الاقتصادي و الاجتماعي مع سكان الضفه الغربية لكون اي تواصل يمكن ان يكون مقدمة لاقامة دولة فلسطينيه وهذا ما لا تريده اسرائيل البتة، وما تفعله اسرائيل في نهاية الامر هو تجزيء وخصخصة الاراضي والقضية الفلسطينية كي لا يتم اي حل، وهذه السياسة هي السياسة المتبعه والمتفق عليها للجهازين العسكري والسياسي وكافة الحكومات المتعاقبة في اسرائيل.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net 

مقالات متعلقة