الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 24 / أبريل 04:01

الدفاع النشط في النظرية الامنية الاسرائيلية والتحولات الاستراتيجية/ بقلم: د. محمد خليل مصلح

د. محمد خليل
نُشر: 29/05/18 16:49,  حُتلن: 11:58

د. محمد خليل مصلح في مقاله:

في النظرية الامنية يكون واضحًا جدا مطلبين: الاول؛ تحقيق النصر والثاني؛ الاستقرار وهذا يعتمد على الحرب الحاسمة

الدفاع النشط يبدو للمراقب انه حالة دفاع وهو ذكاء في استخدام المصطلح للتضليل ومنح دولة الاحتلال شرعية الحرب الوقائية واستخدام اقصى درجات القوة وكثافة النار

خلاصة الفكرة حول الدفاع النشط هي عدم منح العدو الفرصة لامتلاك القوة للتهديد، وانها يجب ان تفرض ارادتها على العدو وردعه، وتعني بالردع فرض حالة الاستسلام والاذعان؛ للنتائج التي على الارض عسكريا وسياسيا

في مسار العلاقات بين الدول لا يغيب المفهوم العسكري في الدبلوماسية الحرب والنصر وهي تضع في حساباتها مواجهة الواقع الاستراتيجي والتحديات المتجددة وعلى الاطراف المتحاربة خاصة في حرب التحرير والاحتلال كلا الطرفين يجب ان يعيد صياغة مفاهيمه الامنية من جديد ويكيفها مع التحديات وتطور النظرية الامنية عند الاخر في ساحة مركبة في غاية التعقيد ؛ عدم الرغبة في الحل ومنح العدو الشرعية السياسية والوجود السيادي وفي نفس الوقت السعي الى تحقيق استقرار وهذا احد عناصر النظرية الامنية الاسرائيلية؛ بعد كل حرب تتحرك المياه الراكدة وتنشط الدبلوماسية في انهاء الصراع ويزداد الضغط على الطرفين وتكون الاشكالية لأحد الطرفين اكثر من الاخر، وفي الاغلب الاحتلال يرفض العروض، ويتقبل الطرف الضعيف العرض على امل ان تكشف حقيقة الاحتلال الرافض لإنهاء الصراع والاعتراف بالحق الفلسطيني.

الطموح الى النصر
في النظرية الامنية يكون واضحًا جدا مطلبين: الاول؛ تحقيق النصر والثاني؛ الاستقرار وهذا يعتمد على الحرب الحاسمة، وهي غير متوفرة اليوم في مشهد الصراع مع الاحتلال الاسرائيلي و"اذا كان معلوما سلفا انه لا يوجد استعداد او امكان للتوصل الى نصر كهذا يحسن الامتناع منذ البداية عن الخروج للحرب بل عن اجراءات قد تفضي الاى الانزلاق نحوها". د. جبريئيلسيبوني مقال الحرب والنصر
لذلك يبقى مسار اخر هو الردع والدفاع النشط لتحقيق الاستقرار، ويتطلب الكثير من الاحتلال في ظل عدم اذعان المقاومة الفلسطينية لهذه الرغبة والنظرية الامنية دون تحقيق هدفا سياسيا دولة فلسطينية ذات سيادة.

الدفاع النشط
وهو يبدو للمراقب انه حالة دفاع وهو ذكاء في استخدام المصطلح للتضليل ومنح دولة الاحتلال شرعية الحرب الوقائية واستخدام اقصى درجات القوة وكثافة النار، هو أي الدفاع النشط احد مركبات الحرب الوقائية التي مرت بمراحل وهي كانت في مرحلة مبكرة من الاحتلال الخمسينات وتمثلت في حرب 56 العدوان الثلاثي اتجاه مصر الداعمة للمقاومة لا شك ان اسرائيل دولة الاحتلال برعت في تكييف هذه النظرية وطورتها الى الحرب الكاملة؛ تحت مفهوم الوقاية بتدمير العدو؛ المفهوم الاوسع للحرب الاستباقية التي تركز على هدف محدد صغير او تدمير هدف متحرك او ساكن.
ولقد نشأت الحاجة للدفاع النشط مع وجود الخطر الدائم التي تمثله المقاومة المسلحة في الشمال والجنوب، وهي "الحرب القائمة والمستمرة من جانب واحد للحفاظ على ما يسمى امن اسرائيل والاستعداد لمواجهة اي صدام عسكري"السلام الاسرائيلي استراتيجية : الهيمنة د.مجدي حماد
وهو بذلك يعني تتبع أي محاولة لاختراق الحدود الاسرائيلية؛ بالحساب المضاعف من الطرف المعادي؛ وهو ما تم تطبيقه في التصدي لمسيرات العودة التي حاولت اختراق الحدود الفاصلة عن الاراضي المحتلة.
وهو بمعنى الردع والذي تم تطويره في الاستراتيجية الصينية العسكرية وهو ليس فقط احتواء الافعال العدائية للعدو بل هو يحتوى معنى الدبلوماسية القسرية " اجبار العدو على قبول ارادتنا" وهو يعني قسر العدو وإرغامه على القبول بإرادته، وهو ما يجري اليوم على الساحة الفلسطينية وتشارك فيها دول اقليمية مجاورة مع دولة الاحتلال في اطار دمج دولة الاحتلال في مفهوم الامن القومي للمنطقة.

الاستقرار والتحولات الاستراتيجية
مفهوم عالمي كان موجود زمن الحرب الباردة وبين القطبين المتصارعين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي قبل انهياره وما زال العمل عليه جاريا في اطار امتلاك نظرية الردع المتبادل وان انزاح لكفة الولايات المتحدة بعد تفكك الاتحاد السوفيتي ومحاولة امريكا فرض الاستقرار المتوافق مع مصالحها و شهوة السيطرة العالمية لإدارة ترامب الحالية والتي تتجسد في ملفت متعددة الملف النووي الايراني والكوريتين وإنهاء القضية الفلسطينية لصالح اسرائيل ؛ هذا التحول الخطير في مفهوم الاستقرار بحسم تلك الملفات لحساب المصالح الامريكية الاسرائيلية لكن السؤال هل تستطيع ادارة ترامب فرض هذا المفهوم بغض النظر عن التحولات والمعيقات الاستراتيجية وهي ما استعرضته وثيقة جدعون لا رئيس الاركان ايزنكوت في المشهد الاسرائيلي وهو ما يعنينا من المتغيرات:

1- حلّت جهات فاعلة "على مستوى أصغر من الدول" مسلحة بشكلٍ جيد وتتسم بالتطرف والعنف محل جيوش الدول المجاورة وتشكّل التهديد العسكري الرئيسي لإسرائيل، وتشمل «حزب الله» في لبنان و«حماس» في غزة (هناك عناصر جهادية من غير الدول تتجمع أيضاً على حدود إسرائيل، ولكنها لا تسبب نفس مستوى التهديد في الوقت الحالي). وفي السنوات الخمس عشرة الماضية وحدها، [نجحت] الجهات الفاعلة "على مستوى أصغر من الدول" على الساحتين اللبنانية والفلسطينية في إرغام إسرائيل على الدخول في خمس جولات من الصراع المسلح الكبير.
2- تستطيع هذه الجهات الفاعلة أن تستهدف الآن المراكز السكانية المدنية والمنشآت الاستراتيجية الحيوية الإسرائيلية بقوّة نيران شديدة، مما يمكنها أن تؤثّر على الصمود المجتمعي في البلاد وقدرتها على متابعة بذل مجهود حربي مستمر. ويتزايد حجم هذا التهديد وسرعته ومداه ودقته وحمولته وإمكانية تواصله باستمرار. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تقوّض القدرات العسكرية المتطورة من قدرة «قوات الدفاع الإسرائيلية» الهجومية في البر والجو والبحر. ويشمل التهديد أيضاً أنشطة جوفية واسعة؛ فخلال "عملية الحافة الواقية" في غزة في العام الماضي، كشفت «قوات الدفاع الإسرائيلية» النقاب عن شبكة واسعة من الأنفاق عبر الحدود كانت «حماس» قد حفرتها لأغراض هجومية.
3- تتّخذ هذه الجهات الفاعلة "على مستوى أصغر من الدول" من المناطق المدنية مسرحاً لعملياتها، في محاولة منها لحرمان إسرائيل من حرية الحركة أو التحرّك أو لتقويض شرعية مجهودها الحربي. ولذا فإن هذا النوع من الحروب يشمل أبعاداً غير عسكرية مثل القضايا القانونية والإنسانية وتلك المتعلقة بوسائل الإعلام.
4- تراجعت المكانة السياسية لإسرائيل في الغرب على مرّ السنين، مما عقّد من الجهود الرامية إلى اكتساب شرعية دولية لازِمة على نحو متزايد لمحاربة العناصر المسلحة في المناطق المدنية. ومن الواضح أنّ السبب الرئيسي لهذا التراجع هو النزاع الإسرائيلي الفلسطيني الذي لا يزال دون حل، على الرغم من أن الوثيقة لا تؤكد صراحة على هذه النقطة.
5- في الوقت الذي تتزايد فيه التكاليف المحلية للأمن القومي، تتزايد أيضاً الضغوط الرامية إلى الاستثمار بصورة أكثر في الاقتصاد والمجتمع.). الاستراتيجية الجديدة لـ "جيش الدفاع الإسرائيلي" تخرج إلى العلن مايكل هيرتسوغ

تكيف النظرية الامنية للتحديات المستجدة والمتغيرات
استخلاص العبر خاصية مهمة جدا في المركب العقلي الامني لدولة الاحتلال لذلك هي في حالة تحدي مستمر في مواكبة التطورات الامنية والمتغيرات للحافظ على الاستقرار كون هذا غياب هذا العنصر في الحلة النفسية لليهود يعتبر نقط ضعف وخلل كبير على تماسك الجبهة الداخلية وعلى عملية استقطاب اليهود من الخارج.

مرونة النظرية الامنية تمنح القيادة حرية المناورة والتأقلم مع البيئة السياسية والعسكرية وهذا واضح جدا في مفهوم الدفع والردع النشط في اطار نظرية الحرب الوقائية حيث تم اضافة ركن الدفاع النشط للنظرية الامنية ،الجنرال الإسرائيليّ المُتقاعد مايكل هرتسوغ، عن إستراتيجيّة جيش الاحتلال، وذلك في مقالٍ نشره على موقع مركز واشنطن لدراسات الشرق الأدنى.
تمّت إضافة ركن الدفاع بغية التصدي للتهديد الكبير من نيران العدو في العمق الإسرائيلي. ويبقى العنصر الأهم لهذا الركن هو التطوير المستمر لنظام الدفاع النشط متعدد الطبقات ضدّ الصواريخ والقذائف. وإذا اضطرت “قوات الدفاع الإسرائيلية” إلى إعطاء الأولوية لما ستدافع عنه أولاً في نزاع معين (على سبيل المثال، عندما تواجه ترسانة الصواريخ الهائلة لـحزب الله)، ستقوم بالتركيز على منع تعطيل المجهود الحربي وحماية البنية التحتية الوطنية الهامة قبل حماية المراكز المدنية".
ولم تغفل الوثيقة عن فرضية احتلال اراضي كما هدد حزب الله والحاجة الى اجلاء قرى ما يتعارض مع النظرية التقليدية عدم منح العدو أي شبر من جغرافيا دولة الاحتلال وأي مكسب اقليمي .

خلاصة الفكرة حول الدفاع النشط هي عدم منح العدو الفرصة لامتلاك القوة للتهديد، وانها يجب ان تفرض ارادتها على العدو وردعه، وتعني بالردع فرض حالة الاستسلام والاذعان؛ للنتائج التي على الارض عسكريا وسياسيا.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net   

مقالات متعلقة