الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 16 / أبريل 06:02

صفقة القرن الحقيقية - شراء رئيس أكبر دولة عظمى/ بقلم: خالد خليفة

خالد خليفة
نُشر: 20/05/18 13:44,  حُتلن: 13:46

خالد خليفة في مقاله:

اخراج الولايات المتحدة من دائرة المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية يجب ان يكون قرارا استراتيجيا للفلسطينيين

من الواجب عليهم التخطيط لقطع كافة نقاط التواصل مع هذه الإدارة المعادية

لقد حقق دونالد ترامب بقراره نقل السفارة الامريكية إلى القدس ما كان يصبو اليه القادة الاسرائيليين منذ خمسين عاما، ففي عام 1967 عندما احتلت إسرائيل القدس والضفة الغربية ، قالت انها رجعت الى العاصمة الابدية للشعب اليهودي. وفي عام 1981 ضمت حكومة " بجين" القدس الشرقية بمساحاتها الشاسعة وسكانها العرب الى دولة اسرائيل، لكي تقضي على اي امل من الحلول التي كانت مقترحة ان ذك.

أما الإدارات الامريكية السابقة فقد اعترفت بالقدس كمكانة خاصة حتى ان سكانها اليهود الذين ولدوا فيها كانوا يُعترف بهم بأنهم من سكان القدس و ليسوا من سكان اسرائيل ويُسجلون في الوثائق الرسمية الامريكية كمواليد للقدس و ليس لاسرائيل. و قد كان للقدس مكانة خاصة برؤية الإدارات الامريكية السابقة جمهوريين ام ديمقراطيين كانوا على ان مسألتها ستبقى عالقة للحل النهائي.

وفي هذه الايام اي في الرابع عشر من أيار 2018، حققت إسرائيل أكبر انتصاراتها على الفلسطينيين وعلى الساحة الدولية، عندما نقل دونالد ترامب السفارة الامريكية إلى القدس معترفا بها العاصمة الأبدية للشعب اليهودي، اي أنه هو و إدارته الامريكية والتي تتحدث عن نفسها كوسيط لحل قضية الشرق الأوسط ، يعترف بالقدس الموحدة والمحتلة كعاصمة لإسرائيل والتي تضم اربع مئة ألف فلسطيني محتل منذ عام 1967 و ثلاث مئة وخمسين ألف دونم كحدود لهذه المدينة ضُموا اليها بقرار المحتل .

ويقف وراء هذا القرار العديد من الأسئلة و أهمها، ماذا يريد؟ و ما هي دوافع دونالد ترامب من هذا القرار؟، فالكل يجمع على أن ترامب انفرد بالقرار وتجاهل مصالح الولايات المتحدة التقليدية، والتي جمدت الإدارات السابقة قرار نقل السفارة الى القدس، وما يُستشف من دوافعه والتي يمكن ان تقال انها غير سياسية، وأن لها علاقه بمصالح الولايات المتحدة الاستراتيجية ، فإنّ القرار يتعلق بمصالح ترامب الذاتية، حيث انه يشعر التزاماً عميقاً للجناح "المسيحي الانجيلي الاصولي" في الحزب الجمهوري وللجناح الصهيوني المتطرف داخل يهود الولايات المتحدة والمتمثل بالملياردير اليهودي الأصل " شيلدون اديلسون " – صديق وعراب نتنياهو .

ويعتبر الجناح المسيحي المذكور هو القاعدة السياسية التي جلبت به للحكم في انتخابات 2016.
أما "شيلدون اديلسون " - اليهودي الاصل والصهيوني الهوى، والذي تبلغ ثروته حوالي 7 مليار دولار ، فقد يقال بأنه دعم معركة ترامب الانتخابية بحوالي ثلاث مئة مليون دولار، الأمر الذي مكنه للسيطرة المحكمة على الحزب الجمهوري وسحقه لهيلاري كلينتون الديمقراطية. ويسود الإعلاميين في الولايات المتحدة أن دونالد ترامب، والتي تحوم حوله العديد من الفضائح، يشعر بالالتزام القوي لناخبيه الانجليين الأصوليين وشيلدون اديلسون صديق نتنياهو الحميم و الداعم الرئيسي له ، الأمر الذي دفعه بالإقرار السريع لنقل السفارة الامريكية الى القدس و الاعتراف بها كعاصمة لإسرائيل متجاهلا و بشكل كامل حقوق الفلسطينيين.

يتكلم الجميع عن صفقة القرن الذي يحاول عرضها ترامب على الاطراف، ولكن صفقة القرن الحقيقية هي شراء رئيس لأكبر دولة عظمى في العالم وهي الولايات المتحدة بثمن زهيد لا يتجاوز الثلاث مئة مليون دولار، عقدها المقامر وصاحب أكبر محلات القمار والكازينوهات شيلدون اديلسون.
فمع ان الثمن الذي دُفع مقابل ترامب هو منخفض و لكنه استطاع استرداد مئات المليارات من الدولارات مباشرة بعد انتخابه من السعودية و من دول الخليج لجيبه ولصالح الاقتصاد الأمريكي بالسرعة الممكنة .

لقد اخرج قرار ترامب الولايات المتحدة من دائرة الصراع في الشرق الاوسط حيث اصبحت لاعبا منحازا لا يثق فيها اللاعبون الآخرون واصبح الجميع يعد الوقت لانسحابه النهائي من حلبة الصراع و اندثار تأثيره من الشرق الأوسط ، فلم يعد للولايات المتحدة اي موطئ قدم في العالم العربي سوى بعض الوجود العسكري في السعودية و بعد دول الخليج الصغيرة ، حيث انها لا يمكنها ان تناور كما كانت في الماضي ، إضافة الى انهيار تأثيرها الاقتصادي والنظر اليها كلاعب معاد للدول العربية والإسلامية .

وفي خلاصة الامر يمكننا القول ان اخراج الولايات المتحدة من دائرة المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية يجب ان يكون قرارا استراتيجيا للفلسطينيين، بحيث انه من الواجب عليهم التخطيط لقطع كافة نقاط التواصل مع هذه الإدارة المعادية للشعب الفلسطيني والعالم العربي.

ويسود الاعتقاد بانسداد اُفق، اي تسوية بين الفلسطينيين والاسرائيليين إبان حكم الرئيس دونالد ترامب والذي يعتبر حليفا استراتيجيا لليمين الإسرائيلي المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو .والذي يُسدي فيه له الدعم الاقتصادي ، العسكري والسياسي الدولي في مجلس الامن وفي المحافل الدولية الأخرى ، الامر الذي يمنع اي تقدم بشأن الحلول السياسية في المنطقة. كما ان هذا الدعم الأمريكي اللامتناهي يشجع حُكام اسرائيل على الاستمرار في الوضع الراهن المتمثل بإدارة الاحتلال وسياسة الابرتهايد في الضفة الغربية والحصار على غزة.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net   

مقالات متعلقة