الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 19 / أبريل 17:02

ب. غانم: المشكلة ليست في شكل الإحتجاج انما في طريقة الأداء الجماعي الإستراتيجي للمشتركة

كل العرب
نُشر: 23/01/18 18:12,  حُتلن: 22:30

أبرز ما جاء في المقال:
معارضة الموقف الامريكي والدعم اللامحدود لحكومة اليمين الفاشي، تجعل من اي نقاش منطقي مع احد صقور الادارة الامريكية امرا غير ذي جدوى

ادعاء مقاطعة الانتخابات العامة الاسرائيلية والخروج من الكنيست هي مسألة مركبة وتستحق النقاش والتمحيص

المشاركة في الكنيست او مقاطعتها هي اداة، ويجب ان تناقش من هذا المنظور، اي مدى فائدتها او ضررها، وليس لأسباب عقائدية ايديولوجية.

المشاركة في الكنيست لا تختلف جوهريا عن الانخراط في اي مؤسسة اسرائيلية... وسؤال الخروج من الارتباط مع المجتمع الاسرائيلي هو سؤال حسم في الماضي

اظهر التصرف الجماعي لأعضاء المشتركة ورد الفعل القاسي ان هنالك تناقض بنيوي وجماعي يفسره الانتماء القومي

اثار شكل رد نواب المشتركة على خطاب نائب الرئيس الامريكي "مايكل بينس"، موجة من الانتقادات في الشارع الفلسطيني في الداخل، وقد تناولت الانتقادات بالأساس شكل الرد وليس مضمونه، اي ان غالبية من عارضوا خطوة النواب العرب، لم يعترضوا على ضرورة اتخاذ موقف ضد القرارات الامريكية وعلى رأسها قرار ترامب بنقل السفارة الامريكية الى القدس، بل انهم اعترضوا على شكل الرد.


اعتقد بعضهم بان الوجود داخل قاعة الكنيست والقاء كلمة معبرة عن موقف الفلسطينيين في الداخل والخارج هو ما كان يجب ان يفعلوه، فيما قال البعض بانه كان من الممكن الاعتراض على الموقف الامريكي من خلال التشويش على كلمة نائب الرئيس الامريكي، اي ان اخراج اعضاء الكنيست عن القائمة المشتركة تباعا كان سوف يؤدي الى تشويش كلمة بينس لفترات متقاربة مما يشعره اكثر بموقفهم....وكما هو معروف فان قرار اعضاء المشتركة الاصلي كان بمقاطعة بينس وعدم التواجد اصلا في القاعة، وصولا الى ما نفذ فعلا، وهو اجراء تظاهرة قصيرة، ورفع صور القدس والاقصى والقيامة، واطلاق شعارات مفادها ان القدس سوف تكون عاصمة دولة فلسطين، وان القرار الامريكي وموقف الادارة الامريكية يسحب منها مكانة الوسيط في المفاوضات.
بالطبع، لا يمكن الحسم في هذه المسألة، الا اذا وضعناها في سياقها الاوسع، وهو يتشكل من عدة مركبات، اولا، ان اعضاء القائمة المشتركة لم يقوموا فعلا في نشاطات جماعية ذات حضور اعلامي وسياسي كما جرى هذه المرة، وذلك بسبب الخلافات الشخصية ونقاش مسألة التناوب، بينما هنا ظهروا وعملوا من خلال موقف موحد وواحد، وهذا مهم في زمن الاجماع الصهيوني الذي صفق لإخراج اعضاء المشتركة من القاعة، ووقف مصفقا لتصريحات بينس الغيبية اكثر من عشرين مرة خلال فترة قصيرة من مدة الخطاب... اي اننا بحاجة الى ابراز هذا النوع من الاختلاف، ولو من خلال استغلال مناسبات.. يعتقد البعض بانها غير لائقة لمثل هذا التصرف.

ثانيا، معارضة الموقف الامريكي والدعم اللامحدود لحكومة اليمين الفاشي، تجعل من اي نقاش منطقي مع احد صقور الادارة الامريكية امرا غير ذي جدوى... والاصرار على اسماعه صوت موحد ممثلا عن الموقف الفلسطيني، والعربي والاسلامي.. هو خيار موفق، وخصوصا ان وسائل الاعلام العالمية تحاول نقل الخطاب في الكنيست واسماع صوت مغاير وقوي هو امر مطلوب في مثل هذه المناسبات.

ثالثا، تصرف حرس الكنيست بتوجيه من رئيس الكنيست وضح للعالم المعني فظاعة ما تقوم به اسرائيل تجاه الشعب الفلسطيني عموما والفلسطينيين في الداخل خاصة، وعلى رأسهم من يمثلهم في البرلمان الاسرائيلي.... طبعا هذه الصورة تتضح اكثر في سياق الاحتلال ومنع العودة والمصادرات والهدم والقتل وشتى اصناف الملاحقة... والامر يتطلب جهدا مرادفا لتوضيح حقيقة اسرائيل، وما تقوم به لجنة المتابعة نهاية الشهر الجاري في اليوم العالمي لدعم الفلسطينيين في الداخل، وما يقوم به الاف النشطاء من فلسطينيين وعرب ومؤيدي المقاطعة في العالم، كله يصب في اتجاه واضح يعجل في تحقيق هدف فضح الممارسات الاسرائيلية وزيف ادعاءات الديمقراطية... الزعم بان ما قام به اعضاء الكنيست والرد عليهم يعزز صورة الديمقراطية في اسرائيل هو استنتاج غير منطقي لفظاعة ووقاحة رد الحراس وهجومهم الاهوج على اعضاء برلمان مع حصانة وتمزيق الصور وسحبهم بالقوة الى خارج القاعة.

وقد ذهب البعض الى ضرورة استخلاص العبر ومقاطعة الكنيست والمؤسسات التمثيلية... طبعا ادعاء مقاطعة الانتخابات العامة الاسرائيلية والخروج من الكنيست هي مسألة مركبة وتستحق النقاش والتمحيص.. وبرأيي المشاركة في الكنيست او مقاطعتها هي اداة، ويجب ان تناقش من هذا المنظور، اي مدى فائدتها او ضررها، وليس لأسباب عقائدية ايديولوجية... لان المشاركة في الكنيست لا تختلف جوهريا عن الانخراط في اي مؤسسة اسرائيلية... وسؤال الخروج من الارتباط مع المجتمع الاسرائيلي هو سؤال حسم في الماضي.. ولم تنشأ بعد ظروف جدية تتطلب مراجعة هذا النهج.. الا لأسباب تكتيكية... لم تتوفر بعد فيما يتعلق بالتمثيل في الكنيست، ولو لسبب بسيط، لان غالبية الفلسطينيين في الداخل معنيين في التمثيل السياسي في الكنيست... وبما يعلق في الموقف الاخير, فبرأيي الاستنتاج هو عكسي... اظهر التصرف الجماعي لأعضاء المشتركة ورد الفعل القاسي ان هنالك تناقض بنيوي وجماعي يفسره الانتماء القومي... صحيح ان تمثيلنا هو الطرف الضعف.. الا انه الموقف الاخلاقي والديمقراطي والانساني الذي من واجبنا اظهاره ومن خلال اهم منصة سياسية في اسرائيل، وفي حدث تتناقله وسائل اعلام عالمية.

الحقيقة بانه يراودني الفكرة بان الكثير من النقد لتصرف اعضاء المشتركة نحو بينس وخطابه ينبع من اسباب ليس لها علاقة بتصرف اعضاء المشتركة هذه المرة، بل بالأساس يتعلق في حالة القنوط واليأس من المشتركة وضعف ادائها المشترك، ونقاشاتها في قضية التناوب، وانعدام برنامج عمل جماعي لها، رغم مرور سنتين واكثر على اقامتها... باختصار يحتج الكثيرون ضد ممارسات ونشاطات المشتركة وفي كل مناسبة بسبب فشل المشتركة في مهامها الاساسية، وليس بسبب موقفها هنا وهناك، بما في ذلك في قضية الاحتجاج على خطاب بينس... وهذه الاسباب وجيهة اكثر وهي اعمق واخطر من شكل التصرف في مواجهة بينس... والقائمة المشتركة ومركباتها يجب ان تقلق مع التوتر العميق والشامل بين الآمال التي زرعتها وبين تصرفاتها وانجازاتها الجماعية، والتي لا ترقى ابدا الى توقعات وامال الناس، الذين سوف يستمرون في نقدها، وفي كل مناسبة، ولن يمنحوها ثقتهم في المرة القادمة بنفس مستوى الثقة في المرة السابقة (والاولى)... وهنا مربط الفرس، وهذا ما يفسر غالبية النقد الجماهيري هذه المرة، وليس كما يبدو للبعض.

مقالات متعلقة