الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 10:02

نحن أمام واقع سياسي جديد/ بقلم: المحامي علي حيدر

كل العرب
نُشر: 07/12/17 17:00,  حُتلن: 17:26

علي حيدر:

القدس هي خط احمر، وهي ليست قضية دينية بل قضية وطنية ايضا

من المفروض ايضا ان يُسمع صوت القوى الاسرائيلية الديموقراطية (رغم قلتها)؛ المعارضة لهذا القرار وتداعياته

رئيس الحكومة الاسرائيلية وبعض القوى السياسية الاسرائيلية تخضع هي الاخرى لتحقيقات كثيرة في جرائم فساد، وهي بحاجة الى تحويل الانظار الى مسائل أخرى مثل قضية نقل السفارة

لقد أعلن الرئيس الامريكي دونالد ترامب مساء هذا اليوم نقل السفارة الامريكية من تل ابيب الى القدس والاعتراف بالقدس كعاصمة لاسرائيل؛ بعد محادثاتة مع رؤساء وزعماء دول المنطقة وذلك تنفيذا لما كان كان قد وعد به ابان حملته الانتخابية لرئاسة الولايات المتحدة.

لقد كان خطاب ترامب مليئا بالتناقضات فمن جانب يتحدث عن السلام والقيم ومن جانب اخر يعطي دعم للاحتلال والتطرف والعنصرية ويتبنى رواية توراتية.
من الجدير بالذكر بان القرار الامريكي لنقل السفارة الذي اتخذه الكونغرس وتم التعاقد عليه مع الحكومة الاسرائيلية اتخذ عام 1989وكان الكونغرس قد منح رئيس الدولة تجميد التنفيذ كل ستة اشهر 1995. الا انه منذ ذلك الحين وحتى الان؛ قام رؤساء الولايات المتحدة بتجميد تنفيذ القانون؛ حتى ان ترامب نفسه قد جمد تنفيذ القانون في السنة الاخيرة واليوم ينهي هذا الاجراء.

مما لا شك فيه ان هذا القرار هو قرار خطير ومرفوض ويأتي في سياق جيو استراتيجي وتوقيت حساس سواء على صعيد العالم العربي الموجود في ازمات وتحولات كبيرة وتصاعد التوتر بين الدول والمحاور على مستوى الاقليم والعالم. أضف الى ذلك، فإنّ ترامب نفسه يعاني من أزمات ثقة وقيادة وفساد وتحقيقات مكثفه ضده وضد شخصيات مرموقة في ادارته.

من خلال هذا القرار لقد انسحبت الولايات المتحدة من دورها كوسيط في العملية السياسية. وفي المقابل تشجع الخطابات والصراعات الدينية وهو محكوم للوبي الصهيوني وللمجموعات المسيانية الامريكية.

يجب التأكيد مرة أخرى ان العملية السياسية، قد لفظت انفاسها منذ مدة طويلة واوسلو قد فشلت؛ ولا يوجد اي افق سياسي لحل القضية الفلسطينية. بل على العكس؛ هنالك وضع قابل للانفجار واندلاع العنف والتآمر على القضية الفلسطينة. يجب التنويه؛ ان رئيس الحكومة الاسرائيلية وبعض القوى السياسية الاسرائيلية تخضع هي الاخرى لتحقيقات كثيرة في جرائم فساد، وهي بحاجة الى تحويل الانظار الى مسائل أخرى مثل قضية نقل السفارة وموضوع ضرب مواقع في سوريا وغزة في الفترة الاخيرة.

يجب التأكيد على ان التصريح المتواقع والقانون ذاته هو تجاوز واسفاف بقرارات الامم المتحدة والحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني واخرها قرار مجلس الامن 2334 الذي أدان الاستيطان الاسرائيلي بما يشمل القدس الشريف.( ديسمبر 2016). على ضوء هذه التطورات يجب العمل في كافة المستويات واستثمار كل الوسائل المشروعة لمنع اصدار هذا القرار وتنفيذة والتصدي له ومواجهته.

ولذلك على المجتمع العربي والاسلامي والعالمي والشعوب إسماع صوت واضح ومعارض ورافض ضد هذه الخطوة. من الممكن الاشادة بالموقف التركي؛ في هذه الحالة؛ الذي أعلن موقفا واضحا في هذة الحالة ودعا الى عقد اجتماع طارئ لمنظمة دول العالم الاسلامي يوم الابعاء القادم في اسطنبول( مع الاشارة الى انه كان من الجدير عقد هذا اللقاء قبل اليوم). كما من الضروري ابراز وحدة الصف الفلسطينية في شتى اماكن تواجد الشعب الفلسطيني ازاء هذه الخطوة الخطيرة واستحداث وسائل نضال جديدة ومتعددة وفعالة تتلائم وخصوصية المرحلة وأهمية القرار وصعوبة تعباته.

كما انه من المطلوب ان يكون للمجتمع الفلسطيني في الداخل وقيادته ان يكون لهم دور بارز وفاعل في هذا الشأن. يجب الا ننسى أنّ القدس الشرقية أرض محتلة ولا يوجد لترامب او لاي احد اخر الحق في منح ما لا يملك لمن لا يستحق. فملكية الارض المصادرة التي من المفروض ان يبنى عليها مقر السفارة يعود 70% لعائلات لاجئين و 30% للاوقاف الاسلامية.

من المفروض ايضا ان يُسمع صوت القوى الاسرائيلية الديموقراطية ( رغم قلتها)؛ المعارضة لهذا القرار وتداعياته ومحاولة التأثير على السياسة والمجتمع في البلاد. القدس هي خط احمر، وهي ليست قضية دينية بل قضية وطنية ايضا.

يجب استثمار هذا الظرف من اجل اعادة القضية الفلسطينية العادلة بما فيها القدس الى مركز الاحداث والاجندات العالمية والاقليمية وتكوين استراتيجية تحرر وطني. والتفكير على سبيل المثال بحل السلطة الفلسطينية واعادة بناء م. ت.ف. ومن ثم التفكير بسناريورهات جديدة ( الدولة ثنائية القومية) وسيناريوهات اخرى؛ واخراج الولايات المتحدة من الرباعية والتفكير حتى بتغيير مبنى الامم المتحدة ( لا يمكن لدولة من الدول الدائمة في مجلس الامن التنصل من كل القرارات التاريخية). 

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

 

مقالات متعلقة