الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 19 / أبريل 12:02

العنف.. وباء يعاني منه المجتمع العربي/ بقلم: إبراهيم بشناق

كل العرب
نُشر: 27/09/17 17:35,  حُتلن: 12:25

إبراهيم بشناق في مقاله: 

كان مجتمعنا العربي في الداخل الفلسطيني مثالاً يحتذى به ونموذجاً للآخرين بِآدابهِ وسلوكِ أبنائهِ ومُحافظتهِ على وحدته ولحمته برغم كل ظروف القهر والتمييز العنصري ضده

هذا التحول الذي طَرأ غريبٌ عنا، دخيلٌ علينا وعلى آدابنا وعاداتنا وتقاليدنا العربية ومُنافٍ لأخلاقنا وتراثنا وعلينا مكافحتهِ بشتى الوسائل ووضع حدٍ لهُ ولهذه الظواهر جمعاء

كي نخلق جيلاً من الشباب المُثَقَّف الواعي لا بد إلا أن نشدد على أهمية التربية والإرشاد منذ الصغر من خلال جهاز التربية والتعليم

هناك نفرٌ لا يستهان به يستعمل وسائل الاتصال الحديثة للتشهير بالآخر والمس به وبسمعته وصيته وعرضه، وكذلك المس بنسائنا وبناتنا غير آبهين بالويلات التي قد تحدث من وراء ذلك 

كافة الأديان تُناهض القتل والعُنف وتُنددُ بهما وتنبذهُما وتنبذُ مسبباتِهِما، اجتنبوا العُنف ومُسبباتهِ وابتعدوا عن كلِ ما فيه ضررِ على الفرد والمُجتمع على حدِ سواء

يعاني مجتمعنا العربي أخطر الأمراض الفتاكة التي حلت به في السنوات الأخيرة للأسف، الا وهو مرضَ العنف البغيض والمَقِيت الذي بدأَ يستشري بين صفوف أبنائنا فلذات أكبادنا في مدننا وقُرانا العربية، والتي كانت على مدار عقودٍ كاملةٍ مثالاً للتآخي ووحدةِ الصف والعيش الكريم.

لقد أصبح العنف على أشكاله وباءً يعاني منه المجتمع بأسره، العنف المنزلي، العنف في المدارس وفي الأماكن العامة وفي الشارع لأتفه الأسباب إن وُجِدَت، أضف الى ذلك شرب الكحول واستعمال السموم والمخدرات والأسلحة التي تؤدي الى الشغب والعنف بين مستعمليها وبين المروِّجين لها والمتاجرين بها.

هذا الأمر لا بد وأن يُعطينا الضوء الأحمرَ ويحتم علينا جميعاً من السلطات المحلية والأطر الاجتماعية والمؤسسات الرسميةِ وغير الرسمية مواجهة هذه الظواهر والعمل على مُكافحتها واجتثاثها مِن مُجتمعنا بشكلٍ حازمٍ وصارمٍ وحاسم دون مسايرة أو تهاون.

كان مجتمعنا العربي في الداخل الفلسطيني مثالاً يحتذى به ونموذجاً للآخرين بِآدابهِ وسلوكِ أبنائهِ ومُحافظتهِ على وحدته ولحمته برغم كل ظروف القهر والتمييز العنصري ضده، كنا نحافظ على الضعيف ونتعامل معه بكلِ رفقٍ ولين. هذا التحول الذي طَرأ غريبٌ عنا، دخيلٌ علينا وعلى آدابنا وعاداتنا وتقاليدنا العربية ومُنافٍ لأخلاقنا وتراثنا وعلينا مكافحتهِ بشتى الوسائل ووضع حدٍ لهُ ولهذه الظواهر جمعاء.

مع شديد الأسف مِن المُلفت للنظر أن مُجتمعنا وقياداتنا لا يُعير هذه الظواهر الاهتمام الكافي، ولا يأخذونها على محمل الجد ولا يتعاملون معها على أنها السبب الرئيس للكوارث والويلات التي تَحلُّ بالمُجتمعات عامةً، ومجتمعنا بشكلٍ خاص، وتحديداً بالجيل الصاعد.

علينا جميعاً كأولياء أمور مراقبة أولادنا، وَتَعَقُّب تصرفاتهم وفتح باب الحوار معهم عما يدور من حولهم عامةً وفي حياتهم خاصةً، علينا مراقبة نهجهم وسلوكياتهم في الحياة وإعطاءهم النصائح والإرشادات للطريق السليم، علينا العمل على تربيتهم وتنشئتهم وتهذيب أخلاقهم منذ الصغر وتعويدهم على تقبل الآخر واحترام الغير، وعلى تقديس الروح البشرية التي حَرَّمَ الله قتلها والمحافظة عليها وعلى آداب التصرف في البيت وفي المدرسة وعلى الشارع وفي المجتمع عامةً.

كي نخلق جيلاً من الشباب المُثَقَّف الواعي لا بد إلا أن نشدد على أهمية التربية والإرشاد منذ الصغر من خلال جهاز التربية والتعليم، بدءًا من الحضانة وحتى مراحِل الدراسةِ العليا، التي مِن المفروض أن يكونَ لها الدور الفاعل والهام في بناءِ جيلٍ واعٍ مُثقَّفٍ يُقدِّس الحياةَ ويحترمها ويعمل بشتى الوسائل والطرق من أجل استمراريتها.

في السنوات الأخيرة ومع انتشار شبكات التواصل الاجتماعي مثل الفيسبوك والواتساب وغيرها من تقنيات عالم الاتصالات، دخلت الى مجتمعنا عادات غريبة وبعيدة عنا كل البعد، تبناها واتبعها قسم لا يستهان به من أبناء مجتمعنا مُتعلقين للأسف الشديد بقشورِ وتقاليد وسلوكيات غريبة عنا آخذين الأمور السلبية منها، متخلين عن ثوابت ثقافتنا وعزتنا وتراثنا الأصيل.

كان الأجدى لنا أن نستورد التحديثات المفيدة هذه وتسخيرها لتطوير مجتمعنا والنهوض به، لكن ومع شديد الأسف هناك نفرٌ لا يستهان به يستعمل وسائل الاتصال الحديثة للتشهير بالآخر والمس به وبسمعته وصيته وعرضه، وكذلك المس بنسائنا وبناتنا غير آبهين بالويلات التي قد تحدث من وراء ذلك، من تدمير بيوت وتأثيرات سلبية على كافة أفراد المجتمع والتي لا تقل خطراً عن العنف الجسدي واستعمال الاسلحة، لا بل أكثر من ذلك لسهولة استعمالها وكثرة انتشارها.

كافة الأديان تُناهض القتل والعُنف وتُنددُ بهما وتنبذهُما وتنبذُ مسبباتِهِما، اجتنبوا العُنف ومُسبباتهِ وابتعدوا عن كلِ ما فيه ضررِ على الفرد والمُجتمع على حدِ سواء. لا تدعوا للشر والغضب مَنفَذاً إلى نفوسكُم وقلوبكُم، فليس الغضب إلا من ضعفِ النفس وضعيف النفس جبانٌ وأما من استطاع أن يقهر غضبه فهو الشجاع الذي لا يُقهر.
علينا جميعُنا ترويض النفوس وكبح جماحها. 

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net 

مقالات متعلقة