الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 20:01

نحن في خطر أكثر من الأقصى/ بقلم: جلال بنا

كل العرب
نُشر: 17/07/17 12:43,  حُتلن: 14:12

جلال بنا في مقاله:

التطرف الكلامي يبدأ لدى السياسيين، وينتهي بتصرفات متطرفة غير مسؤولة وقاتلة في الكثير من الأحيان وخاصة من قبل شبان يسمعون ما تقوله القيادات

ما قام به الشبان الثلاثة من ام الفحم كان أمرا متطرفا بكل المقاييس، لا يعقل أن نرى في هذا العمل مقاومة او نضالا ولا بأي شكل من الأشكال

استخدام السلاح وتحويل نضالنا لنيل حقوقنا ومطلبنا الاندماج في الدولة ومؤسساتها، الى نضال مسلح يشكل علينا الخطر الأكبر وليس على الدولة او حكومتها

كان الأجدى على القيادات العربية أن تقول القول الفصل في هذا الشأن، ولا تتلكأ او تتلعثم وكأنها تريد أن تمسك العصا من طرفيها او تريد أن "ترقص في أكثر من عرس"

ما زالت الفرصة أمام القيادات العربية أن تقول قولها بشكل واضح جدا للرأي العام في إسرائيل وتمنع جوقة المحرضين من أن تستمتع وتستمر في أقوالها ليل نهار، لأننا نحن في خطر قبل أن يكون الأقصى في خطر

تتسارع الأحداث منذ ان قام ثلاثة من أبناء ام الفحم، بتنفيذ عملية إطلاق نار على أبواب المسجد الأقصى، وتتسارع مع الأحداث أيضا التصريحات والكتابات التحريضية والمتطرفة من كل حدب وصوب.

لم يبق ولا أي صاحب صفحة فيسبوك، ولا أقول صحافي أو إعلامي، إلا وكتب وحلل وشرح وعلل ما هي المسببات والدوافع وما هي الحلول، لكن كل ما كتب أمس يمحى اليوم، وما تصدر العناوين أمس ينسى وكأنه لم يكن اليوم، خاصة وان ذاكرة الجمهور "غبية" بمعنى انها بدون اي ذاكرة حقيقية تسجل.

حالنا كمجتمع عربي لا يشبه حال أي أقلية أصلانية تعيش في موطنها ولا تعيش في دولتها، وعليها أن تثبت "إخلاصها" ليل نهار وان تقسم يمين الولاء يوميا ليقال عنها أنها "جيدة"، من هنا فلنا خصوصية كبيرة ومميزة جدا للسلب والإيجاب.

معروف على مدار عشرات السنوات، ان القياديات السياسية، في كل دولة ولدى كل الشعوب، هي التي تستفيد من أي تطرف، والمثبت أنّ التطرف الكلامي يبدأ لدى السياسيين، وينتهي بتصرفات متطرفة غير مسؤولة وقاتلة في الكثير من الأحيان وخاصة من قبل شبان يسمعون ما تقوله القيادات ولا يكترثون أبدا ويقوموا بأعمال عنف.

ما قام به الشبان الثلاثة من أم الفحم كان أمرا متطرفا بكل المقاييس، لا يعقل أن نرى في هذا العمل مقاومة او نضالا ولا بأي شكل من الأشكال، فنضال الأقلية العربية الفلسطينية التي تعيش في إسرائيل، كان وما زال وسيبقى مفيدا للمواطنين العرب طالما هو بعيد عن العنف أولاً، وعن استعمال السلاح ثانيًا، بغض النظر إن كان تجاه رجال امن ورموز الدولة او تجاه المواطنين، لان استخدام السلاح وتحويل نضالنا لنيل حقوقنا ومطلبنا الاندماج في الدولة ومؤسساتها، الى نضال مسلح يشكل علينا الخطر الأكبر وليس على الدولة او حكومتها، عدا عن أننا نفقد كل شرعيتنا وعدا عن أن العنف ليست الطريق الصحيحة فالأهم أيضا أنّ على الجمهور العربي أن يكون ضد الحكومة، أي حكومة، ومقاوما لسياسات الحكومة، وليس ضد الدولة، لان الامر قد يكون اخطر ما يكون وقد لا تحمد عقباه.

ليس أقل خطرا من الفعل نفسه، هو تلعثم غالبية القيادات السياسية العربية، علما أنّ الشبان الثلاثة قاموا بفعلتهم النكراء بشكل شخصي وليس كمرسلين او مبعوثين من اي طرف، لكن كان الأجدى على القيادات العربية أن تقول القول الفصل في هذا الشأن، ولا تتلكأ او تتلعثم وكأنها تريد أن تمسك العصا من طرفيها او تريد أن "ترقص في أكثر من عرس"، نبذ العنف أولا وقبل كل شيء خاصة انه سيكون سببًا في ان تطفوا الطائفية على السطح لأنها موجودة وفي كل مكان وهناك من ينتظر حدوث مثل هذه الجرائم ليغذي على الطائفية البغيضة التي قد تعصف بالكثير من البلدات العربية، والتي تشمل الدرزية طبعا لأنّ الطائفة العربية الدرزية هي جزء من المجتمع العربي رغم التباين في وجهات النظر والاختلاف في الممارسة السياسية.

في نهاية الأمر، يجب أن تكون الأمور واضحة جدا، وحدود نضالنا واضحة جدا، نعم نحن لسنا مسؤولين عن اي عمل متطرف يقوم به أي شخص بشكل شخصي، لكن علينا أن ننبذ العنف بشكل واضح، خاصة إن كانت لا تحمد عقباه، والقيادة الحقيقية هي من تدرك الأمور قبل حدوثها، وما زالت الفرصة أمام القيادات العربية أن تقول قولها بشكل واضح جدا للرأي العام في إسرائيل، إن كان ذلك للمجتمع العربي او للمجتمع اليهودي، لتمنع جوقة المحرضين من أن تستمتع وتستمر في أقوالها ليل نهار، لأننا نحن في خطر قبل أن يكون الأقصى في خطر.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net   

مقالات متعلقة