الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 15:02

الشيخ عبدالله نمر درويش رحمه الله - كما عرفته/ بقلم: إبراهيم عبدالله صرصور

كل العرب
نُشر: 17/05/17 18:02,  حُتلن: 20:04

الشيخ إبراهيم عبدالله صرصور – الرئيس السابق للحركة الإسلامية في مقاله:

المرحوم أسس الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني والتي حملت لواء النهضة الإسلامية في بطن الحوت الإسرائيلي

عاش كل مآسي شعبه الفلسطيني من نكبات ونكسات متلاحقة، ومن احتلال وقهر وتمييز وعنصرية

 تربى على أيدي خيرة قيادات العمل الإسلامي في فلسطين ، فحمل عنهم تراثا من العمل الإصلاحي الرصين الذي امتد عميقا زمانا ومكانا

 أسس الحركة الاسلامية في الداخل الفلسطيني – 1948 مع بداية السبعينات من القرن الماضي، وتنقل في طول البلاد وعرضها يحمل هَمَّ الشعب والدعوة

رجلٌ غَيَّرَ وجه التاريخ المعاصر للفلسطينيين داخل الخط الأخضر (إسرائيل)، حيث نقله من أحضان فكر جَرَّ على الأمة الويلات ، إلى إسلامٍ جعل الأمة ملأ سمع بصر الدنيا لأربعة عشر قرنا 

تحدى السلطات فسجنته ، ولكنه انتصر على سَجَّاِنه فخرج اقوى مما كان ، يحمل عزيمة أمضى وإصرارا أقوى وثقة أكبر وأملا اعمق ، ورؤيةً أوضح واوثق

وأخيرا ترجل الفارس ورحل عنا الى غير رجعة، رحل الى الله سبحانه الذي عمل طوال حياته خادما لدينه ودعوته منذ كان في العشرينات من عمره. دعاه الله فلبى النداء ، وأسس الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني والتي حملت لواء النهضة الإسلامية في بطن الحوت الإسرائيلي ، وزرع نبتة الصحوة الإسلامية في تربة ظَنَّ الكثيرون انها احترقت بنار الاحتلال، وَنَشَرَ ثقافة التنوير الإسلامي في مجتمع عربي فلسطيني اعتقدت الكثرة العربية خارج الحدود انه أصبح نسيا منسيا بلا طموح ولا آمال ولا أحلام ..

إلى فضيلة الشيخ عبدالله نمر درويش مؤسس الحركة في الداخل الفلسطيني الذي عاش كل مآسي شعبه، كما عاش كل مأسي الحياة، من اعاقة الى سجن الى وحدة الى نكران، لكن إلى إنجاز سيذكره الناس أبد الدهر..
إلى مُفَجِّرِ نهضة الصحوة الربانية في ربوع الأرض التي بارك الله فيها. إلى من سَبَّحَ في قلب الحوت الاسرائيلي الصهيوني ، فنجاه الله من الغم ، " وكذلك ننجي المؤمنين ". إلى ألاب الروحي لكل من عرفه، الذي حَوَّلَ صحراء النكبة والنكسة إلى واحة أمل، نقل اليها أجيالا كادت ان تضيعَ وتُسْحَقَ بين مطرقة الأسرلة وفقدان الهوية وسندان التهجير..
إلى كل السابقين واللاحقين من أبناء الحركة وبناتها وانصارها ومؤيديها، من الذين "صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا".
إلى كل المخلصين من أبناء شعبنا الفلسطيني وامتنا العربية والإسلامية الذين استقر في يقينهم أنه لا خلاص للامة ولا صلاح إلا بما صَلُحَ به أولها.. الإسلام.

إلى كل هؤلاء وغيرهم من جنود الخفاء، اهدي هذه الكلمات، تعريفا بفضيلة الشيخ عبدالله، وبه ادخلُ الى عالمه الزاخر بالأنوار، مؤديا جزءا بسيطا من دَيْنِ طَوَّقَ به عنقي واعناق الالاف من أبناء وبنات هذا الوطن لما فتح امامهم من أبواب الهداية ، وَدَّلَهُمْ عليه من سُبُلِ الخير والسعادة في الآجل والعاجل .. ولعلها في ذات الوقت تفتح قلوبا غُلْفا وآذانا صُمّا وعيونا عُميا ، ما زالت مصرة على العيش أسيرة لأهوائها ومُسْتَعْبَدَةً لنزواتها وآرائها المسبقة.

*** عاش كل مآسي شعبه الفلسطيني من نكبات ونكسات متلاحقة، ومن احتلال وقهر وتمييز وعنصرية، كما عاش كل مآسي الحياة .. من اعاقة الى سجن الى وحدة الى نكران الى تعب، ولكن إلى إنجاز سيذكره الناس أبد الدهر.

*** أول سفير للأقلية القومية العربية الفلسطينية داخل الخط الأخضر ، يدرس العلم الشرعي في احد المعاهد المتخصصة في مدينة نابلس بالضفة الغربية المحتلة ، وذلك في العام 1969.

*** تربى على أيدي خيرة قيادات العمل الإسلامي في فلسطين ، فحمل عنهم تراثا من العمل الإصلاحي الرصين الذي امتد عميقا زمانا ومكانا.

*** عرف ان مجتمعه بحاجة إليه فلبى النداء.

*** قائد غرس شجرة الصحوة الإسلامية في أرض ظن العالم حينها ان الإسلام فيها غاب ولن يعود ، وأن شعبا عاش على ثراها قرونا طويلة اختفى ولن يُبْعَثَ من جديد.

*** كان وحيدا يحاول إن ينشر فكره بين أهله وأقاربه وشعبه فبادر ووصل ونجح.

*** أسس الحركة الاسلامية في الداخل الفلسطيني – 1948 مع بداية السبعينات من القرن الماضي، وتنقل في طول البلاد وعرضها يحمل هَمَّ الشعب والدعوة، فجمع حوله الشباب والرجال والنساء ليحملوا راية الدين متسلحين بعقيدتهم الإسلامية ، متمسكين بشرعهم ، متحصنين بثقافتهم وحضارتهم العربية الإسلامية العريقة.

*** أوصل في فترة قصيرة فكره الإسلامي ودعوته الى كل شبر من وطنه حتى بلغت ارجاء البلاد.

*** رجلٌ غَيَّرَ وجه التاريخ المعاصر للفلسطينيين داخل الخط الأخضر (إسرائيل)، حيث نقله من أحضان فكر جَرَّ على الأمة الويلات ، إلى إسلامٍ جعل الأمة ملأ سمع بصر الدنيا لأربعة عشر قرنا.. نقله من جهل مسيطر الى نور العقلانية والمعرفة .. من مجتمعٍ بعيد كل البعد عن دينه وثقافته وحضارته ، الى مجتمع يرجع الى اصوله ليرتشف من نبع دينه وحضارته العريقة من جديد.

*** أعطى كل ما يملك من اجل دعوته فأعطته حبا وإخلاصا وعطاءً..

*** لم يبحث في يوم من الأيام عن منصب او جاه ، قاد الحملات الانتخابية المحلية والبرلمانية . يحقق الانتصار ثم يعود الى بيته لينام قرير العين يراقب " تلاميذه " عن قرب ، يرشدهم ويعلمهم ويعطيهم بالرغم من تعبه الشديد بسبب المرض.

*** تَخّرَّجَ من تحت يديه ومن رياض مدرسته الدعوية ، أجيالٌ رائدةٌ التحقت بالحركة الإسلامية غَضَّةً طريةً من طلاب الابتدائي والثانوي ، أصبح الكثير منها قادةً في مجتمعاتهم ك – كامل ريان / كفر برا ، رائد صلاح / أم الفحم ، إبراهيم عبدالله / كفر قاسم ، كمال خطيب / كفر كنا ، سليمان سعيد / يافا ، عبدالحكيم حاج يحيى / الطيبة ، رأفت عويضة / الطيبة ، عبدالمالك دهامشة / كفر كنا ، سلمان أبو احمد / الناصرة ، جمعة القصاصي / راهط ، حماد ابو دعابس / راهط ، كمال أبو هنية / تل السبع ، وغيرُهم المئاتِ من الكوادر التي انخرطت في بناء مجتمعها الفلسطيني ، فأبدعوا ونالوا اعجاب شعبهم وامتهم.

*** تحدى السلطات فسجنته ، ولكنه انتصر على سَجَّاِنه فخرج اقوى مما كان ، يحمل عزيمة أمضى وإصرارا أقوى وثقة أكبر وأملا اعمق ، ورؤيةً أوضح واوثق.

*** خاض المعارك والنضالات الوطنية بأنواعها ، وتبوأ مقاعد للنزال والكفاح في كل وقت وحين وظرف ، وتصدر منصاتها ، وتصدى لكل المتطاولين من كل ملة ونحلة ، وخرج منها جميعا ويده العليا في كل وقت ..

*** شهد المشاهد مُناظرا ومُحاورا ومُحاضرا وخطيبا ومُدَرِّسا وواعظا وكاتبا وشاعرا ، فترك على صفحات كل تلك المَشاهد بصمةً مباركة وأثرا طيبا ، اجتذب مزيدا من المريدين والكوادر والمحبين والمؤيدين من العاملين بتفانٍ في خدمة دينهم ووطنهم وشعبهم ومقدساتهم .

*** جعل من القدس الشريف والأقصى المبارك القبلة الدعوية لكوادر الحركة الإسلامية ومؤيديها وأنصارها ، فربط بها القلوب ، فتحركت النفوسُ المؤمنةُ في خدمتها ، والأيادي المتوضئةُ في رعايتها ، وَسُخِّرَتْ الطاقاتُ كلُّها لحمايتها .. رَبَّى بين ربوعها ، وعلى ثراها الطاهر ، وفي طرقها وحاراتها وحواريها ، الأبطال الذين استلهموا من عبقها وتاريخها المحفور على صفحة كل حجر وعمود وقبة وسبيل وقوس وبوابة ومنبر ومحراب ومئذنة ، كل معاني العزة والكرامة والإباء والمجد ..

*** لم يَهَبْ يوما نزال الإسرائيليين في كل محفل .. اقتحم عليهم قلاعهم الإعلامية والصحفية والأكاديمية والسياسية ، فناقشهم وحاورهم وأقام الحجة عليهم بكل شموخ المؤمن وكبرياء الواثق ،.. لم يتردد يوما في قبول دعوة لمحاضرة ، او ندوة لحوار ، او لقاءٍ لمناظرة ، فكان في جميعها الفارس الذي لا يُبارى ، والمنازل الذي لا يُجارى .

*** خدم فلسطين قضية ووطنا وشعبا ومقدسات .. وصل الليل بالنهار لتوحيد الصفوف ، وتصفية الأجواء ، وحل الصراعات بين الفصائل و التنظيمات ، ونزع فتيل الكثير من الأزمات التي كادت تَهُدُّ القضية وتهدم الخيمة .. أحبته كل الفصائل ، كما أحبه كل العلماء والقادة .. تشهد بصولاته وجولاته غزةُ هاشم ، وجنينُ ونابلس ورام الله والخليل وبيت لحم ، كما تشهد له عمان والقاهرة ..

*** الأول في تاريخ الحركات وربما الأحزاب العربية والإسلامية ، الذي سَنَّ سنة حسنة يوم اعلن اعتزاله مواقع القادة وهو في قمة العطاء ، ليسمح بذلك لدماء جديدة حتى تجري في عروق العمل الدعوي ، فكان قراره بركة على الحركة الإسلامية ، ومثالا يُحتذى ، وصفحة ناصعة ومشرقة جديدة تُضاف إلى سِجِلِّهِ الناصع عطاءً وفداءً وتضحيةً في سبيل الله ورفع شأن الإسلام والأمة ..

*** كالثكلى الفاقدة ما يزال يحمل هَمَّ الانشقاق الذي وقع في صفوف الحركة الإسلامية عام 1996 ، وما تَرَتَّبَ عليه من نتائج كارثية انتهت بحظر جناح الشيخ رائد صلاح ، فهو ماضٍ يعمل بجد وإخلاص رغم ظروفه الصحية القاسية ، على إصلاح الوضع مع أبنائه قادة الحركة ، لإعادة اللحمة وتجاوز آثار الفتنة ، حماية لها من غوائل الزمان ومكائد الخبثاء اللئام ، وما اكثرهم في هذا العصر والأوان.

*** صنع مجدا لشعب في منطقة كادت ان تُنسى ، فضمن لها مكانا تحت الشمس ، وجعلها شوكة في حلوق المعتدين ، وكابوسا أقضَّ مضاجع المحتلين والغاصبين .. انها فلسطين الثمانية والأربعين .. إسرائيل ، وما أدراك ما إسرائيل ، عنصرية وتمييزا وقهرا ، ولكن إلى حين.

*** أسس لتاريخ كان هو بذاته احد معاصريه ، وواحدا من ابرز صانعيه ، فساهم وبجدارة في ترك بصمات ظاهرة وواضحة حددت مصير أجيال ، ورسمت خطة سير وطن وشعب.

*** ما ادعى يوما أنه نبيٌّ معصومٌ او ملكٌ مُقَرَّب .. أقر دائما بضعفه ، ردد دائما : رحم الله رجلا اهدى إلي عيوبي .. لطالما سارع إلى الرجوع إلى الحق بعدما شخصت صورته ، ورجع عن الخطأ إن اتضحت معالمه وثبت بطلانه.

*** قائد قد يُخْتَلَفُ معه ، إلا ان أحدا لن يختلف عليه.

*** انه مؤسس الحركة الاسلامية في الداخل الفلسطيني 1948 ورئيسها الأول ، فضيلة الشيخ عبد الله النمر درويش.

أولئك آبائي فَجِئني بمثلهم *** إذا جمعتنا يا جرير المجامع 

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net     

مقالات متعلقة