الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 19:01

وثيقة حماس العهد الجديد!/د.محمد خليل مصلح

كل العرب
نُشر: 08/05/17 09:13,  حُتلن: 09:20

د.محمد خليل مصلح:

نجاح حماس سيعني الكثير لحركة التحرر الوطني الفلسطيني ولتنظيمات الجهاد و الفصائل المتعددة وكسر العزلة فائدة للجميع 

الجهاد الاسلامي ستحافظ على علاقتها مع حماس على الارض كمكتسبات فهي تدرك انها لن تقدر على مواجهة اسرائيل في أي حرب دون حماس 

حماس لم تجد في معاندة سنة التطور فائدة بل اعتمدت عليها في استغلال قوانينها للتمهيد لعملية التغيير السياسية المفاهيمية فهي لا نحتاج إلى تغيير قوانين الطبيعة

ما بين المؤيد لوثيقة حماس والمنتقد لها تجد الكثير وهو يثير كثيرا من الاسئلة ومنها:
1. السؤال المركزي هل حماس تستنسخ تجربة منظمة التحرير الفلسطينية وتيارها المركزي فتح؟
2. هل من علاقة بين اعلان وثيقة حماس وانتخاب السيد اسماعيل هنية لرئاسة المكتب السياسي لحماس؟
3. ما هي انعكاسات ذلك على تهديد ليبرمان باغتيال السيد هنية؟
4. وهل ستكون انعكاسات للوثيقة على التحالف والعلاقة بين حماس والجهاد الاسلامي؟
لا بد من استهلالة كمدخل للإجابة على الاسئلة وهي متعلقة بفكرة وخطة المرحلية عقدة الفكر السياسي والثورة الفلسطينية والتاريخ وهي تمثل نقطة ضعف العقل الفلسطيني بالعمل والرضوخ لاختلال موازين القوى لصالح المحتل، والتي هي تتساوق وتتكيف مع فكرة التقسيم الذي تبنتها المحافل الدولية والتي تتمثل في قرار التقسيم ( الجمعية العامة للأمم المتحدة 181 لعام 1947) وذلك قبل الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948.

لا شك أن تجربة الحكم والاصطدام بالواقع الاقليمي والدولي والشروط الموضوعة مسبقا امام أي قوة سياسية لها علاقة بمعادلة الصراع العربية الاسرائيلي لا بد له من تذكرة مرور وهي التكيف مع الشروط والمطالب للعب ؛ وحماس كحركة تحرر حاولت اقتحام هذا الملعب دون موافقة من اللاعبين الاساسيين ، اجتهدت على امل ان تخترق الستار الحديدي لم تنجح في تغيير العالم وخسرت كجزء من تنظيم الاخوان الفرصة والسند والحاضنة المصرية في حرب النظام القديم مع الاخوان وسقوط الاخوان امام مؤامرة النظام الاقليمي ، كان قرار الاستجابة من حماس في ظروف أشد تعقيدا ولا تترك مجالا لحسن النوايا وهي في الاساس لا مكان لها في عالم السياسة؛ الاستجابة المشروطة القبول بدولة 67 الخروج من عباءة الاخوان ظاهريا مع الاحتفاظ بروح التعاليم والفكر الاخواني الاسلامي استغلال الهامش الممنوح لحماس باللعب ضمن شروطها وبيئتها بإعادة تعريفها؛ كحركة قومية فلسطينية وليست تبشيرية اخوانية في المقام الاول وأولوياتها تحرير فلسطين دون التخلي عن منطلقاتها الاسلامية ومهمتها كهدف بعيد اقامة الدولة الاسلامية حيث ترفض العلمانية وهي قد تقبل باستفتاء الشعب لتحديد ما هية الدولة والنظام الذي يرغب به.

حماس لم تجد في معاندة سنة التطور فائدة بل اعتمدت عليها في استغلال قوانينها للتمهيد لعملية التغيير السياسية المفاهيمية فهي لا نحتاج إلى تغيير قوانين الطبيعة والمجتمع لصناعة النصر. نحتاج فقط إلى الوعي بهذه القوانين واستخدامها بشكل صحيح والتكيف معها كما فعل الزعيم ماو تسي تونغ،خطوة خطوة إلى أن يصلا إلى قمة جبال ليوبان رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة.
كانت الوثيقة والتي اعلن عنها وكما قدم السيد مشعل لها جهدا لفريق من الخبراء ولسنوات، لكنها وبشكل مشابه، تعلن حماس عن استعدادها لقبول دولة فلسطينية داخل خطوط ما قبل عام 1967 (ليس حدودا لأن الحدود تفصل بين دولتين وذلك سيعني الاعتراف بدولة إسرائيل)، مع الاحتفاظ وبشكل قانوني وثوري على حقها في القتال على كل سنتيمتر من فلسطين.

وثيقة حماس الجديدة ترفض الاتفاقيات والمبادرات السابقة – مع تلميح قوي لمبادرة السلام العربية ولكن من دون ذكرها مباشرة؛ التي طرحتها السعودية في عام 2002 والتي تعرض الاعتراف بإسرائيل من قبل الدول العربية والإسلامية مقابل السماح بإقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية.
هكذا كانت بداية التكيف لمنظمة التحرير تحت ضغط العوامل الاقليمية والتي كانت افضل من اليوم 1988 وثيقة إعلان الاستقلال التي اعترفت بمقتضاها منظمة التحرير بإسرائيل بطريقة غير مباشرة، وأعلنت اعترافها بكل قرارات الشرعية الدولية، وأن هدفها النهائي هو قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967.
كانت المنظمة محاصرة بالانشقاقات والخروج من لبنان بعد معركة بيروت وتهديد شارون بقصف بيروت واقتحامها ودعم واشنطن ، ومحاولة الالتفاف في مؤتمر القمة العربية في عمان على منظمة التحرير وقطع الطريق عليها بالانتفاضة الأولى 1987؛ ربما كان الهدف شطب المنظمة كما يحدث اليوم مع حماس الهدف شطب حماس اذا لم تستجب للضغوطات والانحناء للموجة العالية.

المنظمة الفلسطينية خسرت معركتها الاخيرة بعد ان تخلت عن البندقية لمصلحة الدبلوماسية والمفاوضات ونيل الشرعية الدولية وحق التمثيل مقابل الاعتراف بدولة اسرائيل ما يعني ان وثيقة حماس اذا لم تأخذ بعين الاعتبار كل تلك المظاهر والتداعيات والنتائج بعين الاعتبار فهي استنساخ سيء لهذا كان الجدل الكبير والإثارة للوثيقة؛ التساؤلات المشككة سواء من حيث التوقيت والهدف منها أو من حيث الصياغة الدقيقة والمدروسة والمقصودة بهذا الشكل فهي حافظت على كل شيء يتعلق بها لحفظ وحدة التنظيم وتجاوز أي اشتباك داخلي وايضا تقديم ما يعتبر تغييرا بالنسبة للمحيط الاقليمي والدولي وإرباكا للعدو وحلفاءه حماس كحاوي يجب ان يبهر نفسه والجمهور.
اما فيما يتعلق بانتخاب السيد هنية و الوثيقة لم تكن صدفة تأخير الوثيقة واعمل عليها قبل الانتخابات هنية صاحب الطموح السياسي وللسلطة من التسعينات تستعين به حماس ليخرجها من المأزق والأزمة وفي تصوري انها جزء من تحميل المسؤولية للسيد هنية وفريقه لما آلت اليه الاوضاع في غزة وانعكاسات المشاركة السياسية تحت مظلة اوسلو ؛ القنوات امام رئيس المكتب السياسي الجديد مفتوحة وهو من غزة التي تمثل الاغلبية من اللاجئين الفلسطينيين وهي عمود المقاومة وصوته قد يكون مسموعا لقاعدة غزة الحمساوية العنيدة والمؤيدة للمقاومة والعمل المسلح اكثر منها في الضفة وأماكن اخرى وقد يكون مطلبا اقليميا بعد ان تسم التسويق لشخصيته عبر فريقه المعروف والمؤيد للانفتاح ومنهم الدكتور احمد يوسف وغازي حمد وآخرين؛ المسؤولية تقع على كاهل السيد هنية سيكون في وجه أي تحرك خارج الصف ومعالجة أي اشكاليات تنتج عن التغييرات في الخطاب السياسي والأدوات والتكتيكات بتنبي واعتماد المفاوضات في المرحلة الحالية واستمهال العمل المسلح وهي المرحلة التي يعتمد عليها مشعل لاختراق منظمة التحرير الفلسطينية للسيطرة عليها.
اما فيما يتعلق بتهديدات ليبرمان وهي اما خطوة لمنع ليبرمان من اغتيال هنية في هذه المرحلة بعد الموافقة على الوثيقة وتسويقها للعالم وهو على رأس الهرم أو ستكون الحدث الذي يشعل حربا في المنطقة تتحمل عواقبها الاقليمية والدولية وإسرائيل مع اني ارى ان الامر يزداد سوءا واغتيال هنية جائزة كبرى قد تمنح ليبرمان صفة رئيس الحكومة القادم اذا نجح في اغتيال هنية كما وعد عند انتهاء ولايتي اسألوني عن اغتيال هنية.

العلاقة بين حماس والجهاد لم تشهد فترة في تاريخ الحركتين افضل من هذه المرحلة؛ ما قبل الوثيقة تماهت كليا الجهاد مع حماس في علاقة سياسية فكرية وعلاقة مصاهرة بين شلح ومشعل فهل ستبقى تلك العلاقة ما بعد الوثيقة؟ وفي ظل رئاسة هنية خاصة بعد ان اعلنت الجهاد رفضها لقبول حماس في الوثيقة بخطوط 67 دولة فلسطينية ؟ الجهاد تتخوف من الخلاف مع ايران وهي تدرك اهمية الدعم الايراني بعد ان فقدت ايران حماس كحليف استراتيجي في المنطقة؛ والجهاد لا ترغب بمنافسة حماس في هذا الخط السياسي المجرب ولا هذه الاستراتيجية؛ فهي رفضت من الاساس المشاركة في الانتخابات تحت مظلة اوسلو ورفضت المشاركة في الحكومة وهي تجد في ايران الحليف الاستراتجي والداعم الرئيس للجهاد بعد ابتعاد حماس عن ايران بالحدود التي ايضا لا تفقد بها الدعم الايراني عند الحاجة .
الجهاد الاسلامي ستحافظ على علاقتها مع حماس على الارض كمكتسبات فهي تدرك انها لن تقدر على مواجهة اسرائيل في أي حرب دون حماس ولن تخوض حربا بمفردها ودون توافق وطني، وهي ايضا تعي جيدا المحيط والبيئة السياسية وانشغال المحيط بقضاياه، وهي كانت اكثر التنظيمات تضررا في الحرب الاخيرة 2014 لذلك ستكرس جهدها للاستفادة من المتغيرات في مضاعفة قدراتها وقدرة الاستيعاب ومعالجة انعكاسات الوثيقة السلبية على حماس خاصة اذا حدث نوع من التمرد وداخل حماس او الانشقاق لمصلحتها لزيادة الدعم الايراني لها دون احداث اشتباك مع حماس الجهاد الاسلامي ستترقب وتنتظر التداعيات والانعكاسات ثم ستقرر الخطوة التالية .
نجاح حماس سيعني الكثير لحركة التحرر الوطني الفلسطيني ولتنظيمات الجهاد و الفصائل المتعددة وكسر العزلة فائدة للجميع وهي اولوية حماس في المرحلة القادة لفكفكة العقدة الى عقد صغير مع الداخل فتح والسلطة وحكومة التوافق وغزة والحصار والمحيط الاقليمي وللتغلب على العقبات السياسية والمادية حماس العهد الجديد.

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net     

 


مقالات متعلقة