الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 15:02

قصة قصيرة: رفقًا بهم يا بحر/ بقلم: رائدة عكاشة

كل العرب
نُشر: 17/04/17 08:33,  حُتلن: 08:12

الحرب كانت السّبب!
عندما أنشبت أظفارها التهمت كل ما حولها، لم تخمد المظاهرات في الشّوارع، تصاعد السخط، وأحرق الغضب كلّ شيء ونزفت الدماء. المحلات المغلقة بقوة السلاح حيناً، وبقوة الخوف حيناً شلّت حياة البلاد والعباد الذين ضاقت بهم السبل، وألقت بهم الحرب ذات اليمين جوعا، وذات الشّمال فقرا، وذل الحجر والبشر، وبكت القلوب، ولم يبق أمام أبي سلمان وعائلته سوى أن يفرّوا من ظلم ألم بهم، وموت أحاطهم من جميع الجهات.
ركبوا مركباً تكومت فوقها الأجساد، تاركين رصيف الميناء يضيق بنفوس حائرة، لا تعلم ما يخبّئ لها المجهول، ناء مركبهم بخليط وجوه وأديان ومدن وقرى ولهجات مختلفة، شيباً وشباناً ونساء وأطفالاً.
أسلموا أمرهم إلى الله حين أبحر المركب في عباب المياه. كم هو مرعب انتظار المجهول، والأزرق من حولهم ممتد بلا انتهاء. أيام وأسابيع والمياه لا تعرف شواطئ ولا يابسة، بينما تُلاطم المركبَ أمواجٌ وأعاصير بلا رحمة، وتتقاذفه مياه ثائرة لا نهاية لها.
الأجساد هدّها الدّوار والخوف وطول السّفر، فراحت تصرخ صرخات الرعب، وتجأر بالدعاء والصلاة، والسّماء أثقلها سواد الغيوم، فأسقطت حملها في سخط برقا ورعدا لا يتوقفان.
ينابيع من الأسئلة تحجرت في العيون الحزينة ولا أجوبة ، وجوه حائرة في حلّ لغز حياتها؟!
الكُلّ يراهن على الحظّ، بينَ نجاة وغرق حتى تاه القارب فوق اضطراب الموج..
لا يعرف أبو سلمان وعائلته لماذا اختارهم الظلم دون غيرهم. لقد سحبهم البحر عميقاً قبل أن يلفظهم مرة أخرى.. بينما راحت الأمواج تعزف على رمال الشاطئ لحناً جنائزياً استعداداً لاستقبال جثث عارية إلا من البؤس.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة