الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 20:01

مسؤولية الخطاب الديني في مجزرة اسطنبول/ بقلم: موناليزا فريحة

كل العرب
نُشر: 04/01/17 07:57,  حُتلن: 08:00

 موناليزا فريحة:

الواضح أن التدخل التركي العسكري في سوريا هو المحرك الاول له

تكاد العلمانية التي تعتبر إحدى دعائم الدستور التركي تصير جريمة في تركيا، بينما يتحرك اسلاميون بحرية لتقويض أسس العلمانية

من المؤكد أن التظاهرة التي رفع فيه مسدس ضد "بابا نويل"، وكذلك خطبة الجمعة والمظاهر الأخرى من عدم التسامح التي باتت تسود المجتمع التركي ليست هي سبب للهجوم على الملهى الليلي

ليست جديدة في تركيا الاحتجاجات على احتفالات الميلاد ورأس السنة الجديدة. ثمة تقارير عن تحركات كهذه منذ عقدين تقريباً. غير أن سقف التحركات لم يتخط غالباً اللافتات وإطلاق هتافات ترفض تلك الاحتفالات بدعوى أنها غير اسلامية وذريعة لتناول الخمور واللهو المحرم، مع تأكيد احترام الاقليات الاخرى غير المسلمة في تركيا. من هذا المنطلق، كانت لافتة ومستفزة التظاهرة التي خرجت أخيراً لشبان يحتجون على الاحتفالات ويضعون مسدساً في رأس شاب منهم تنكر بزي "بابا نويل" للتعبير عن رفضهم لهذه الطقوس.

وقد حظيت التظاهرة، على صغرها، بتغطية اعلامية واسعة في تركيا. ومع أنها تضمنت تحريضاً على الكراهية والعنف، لم تتحرك السلطات التركية ضد منظميها، علماً أنها تشن حملة ضروساً على كل ناشط أو صحافي أو معارض ينبس بكلمة لا تعجبها. ولعل آخر انجازاتها في هذا المجال ما أوردته صحف تركية عن تحرك فرق وزارة الداخلية للتحقيق في شأن مجموعة من الشبان والشابات نظمت تظاهرة صغيرة في مقهى، معلنة أنها ستناضل من أجل الحفاظ على النظام العلماني لتركيا وعدم السماح لـ"داعش" أو منظمات جهادية مماثلة بتجنيد أشخاص في منطقتهم. وحتى الان اعتقلت تلك الفرق فتاة ظهرت في شريط فيديو للتظاهرة وزع على يوتيوب!

تكاد العلمانية التي تعتبر إحدى دعائم الدستور التركي تصير جريمة في تركيا، بينما يتحرك اسلاميون بحرية لتقويض أسس العلمانية، وتشويه كل ما يمت بصلة الى الاحتفالات بعيدي الميلاد ورأس السنة الجديدة، من رقص وغناء وفرح، وهو ما يزيد التوتر في بلاد تعاني أزمة هوية لا تقل خطورة عن أزماتها السياسية الداخلية والخارجية. لا يمكن المرء أن يفصل الهجوم الوحشي على المحتفلين بالسنة الجديدة في ملهى "رينا" عن الخطبة التي وزعها مجلس الشؤون الدينية التابع للحكومة التركية والتي تليت الجمعة الماضي في 85 الف مسجد في انحاء البلاد. تلك الخطبة التي جاء فيها أن لا مكان للاحتفالات بالسنة الجديدة في الاسلام والتقاليد الثقافية التركية، تُعتبر، وإن من دون قصد، نموذجاً للخطاب الديني التحريضي الذي يلهب مشاعر المتطرفين ويعمي بصيرتهم بذريعة الدفاع عن الدين والاسلام. من المؤكد أن التظاهرة التي رفع فيه مسدس ضد "بابا نويل"، وكذلك خطبة الجمعة والمظاهر الأخرى من عدم التسامح التي باتت تسود المجتمع التركي ليست هي سبب للهجوم على الملهى الليلي. الواضح أن التدخل التركي العسكري في سوريا هو المحرك الاول له. لكنّ مثل هذه المظاهر يقوي المتطرفين والسفاحين الذين يعيشون على القتل والذبح ولا يقيمون أي اعتبار للحياة ويقرب مجالس دينية محترمة من المحاكم الشرعية التي يقيمها "داعش".

نقلا عن جريدة النهار

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

 

مقالات متعلقة