الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 20:02

الإنسانية لا تتجزأ يا سادة/ بقلم: جميلة شحادة

كل العرب
نُشر: 17/12/16 09:42,  حُتلن: 08:35

جميلة شحادة:


أنا اليوم أدويها صرخة عالية، بأنه لم يعد يهمني ، لا الأحزاب ولا السياسات ولا الأيدولوجيات المُغناة بأبواق "القيادات"

ما يزيد المأساة مأساة، هو أن ما يحدث في حلب وفي الشام، يحدث كل يوم ومنذ ست سنوات على مرأى ومسمع من العالم كل العالم دون تدخل لحل الأزمة ومنع المأساة

يشهد لي كل من عرفني ويعرفني، بأنني قلتُ الحق في كل مكان وزمان، وساندتُ صاحب الحق ووقفت لجانبه في تظلمه، ولم يردعني عن ذلك خسارة منصب أو ترقية أو علاقتي بإنسان

أذكر أنه وفي إحدى ليالي كانون العاصفة، وعندما لم أتجاوز الخامسة من عمري بعد، بكيت لأن السماء أمطرت على لعبتي الجماد في ساحة المنزل. وأذكر بأنني لم أتوقف عن البكاء رغم كل المفاوضات والشروحات لتهدأتي، حتى حَضنْت لعبتي وأسكنتها برُكنها الدافئ.
فكيف لي اليومَ أن لا أخرجَ عن صمتي والدمار يملأ كياني، والظلم يخنق صرختي، والحزن يكوي أضلعي. كيف لي اليومَ أن لا أخرج عن صمتي وآهات الأمهات الثكالى تهز عجزي، وملامح الأطفال الجرحى تلوم ضعفي وتؤرّق مضجعي.
الإنسانية لا تتجزأ يا سادة !!


أنا اليوم أدويها صرخة عالية، بأنه لم يعد يهمني ، لا الأحزاب ولا السياسات ولا الأيدولوجيات المُغناة بأبواق "القيادات". كما لا تهمني روسيا، ولا أمريكا، ولا كل اتباعهما من دول ودويلات. لم يعد يهمني اليوم من هو المحِق في قضية سوريا أهو حاكم مستبد أم ثوار أو عناصر وتنظيمات.
يشهد لي كل من عرفني ويعرفني، بأنني قلتُ الحق في كل مكان وزمان، وساندتُ صاحب الحق ووقفت لجانبه في تظلمه، ولم يردعني عن ذلك خسارة منصب أو ترقية أو علاقتي بإنسان.
قبل أيام، استنكرتُ قتل الأبرياء في الكنيسة البطرسية في العباسية في مصر(والذي كان يوم الأحد الموافق الحادي عشر من ديسمبر)، لا لأن المذبحة حدثت في كنيسة، بل لأن أبرياء قد قتلوا وتركوا وراءهم عائلات حزانى تبكيهم. فما يهمني هو الإنسان لا المكان. فكيف إذن لا أبكي أطفال حلب ونساءها وشيوخها وكل ما يحدث فيها وفي الشام؟


وما يزيد المأساة مأساة، هو أن ما يحدث في حلب وفي الشام، يحدث كل يوم ومنذ ست سنوات على مرأى ومسمع من العالم ،كل العالم دون تدخل لحل الأزمة ومنع المأساة. وهنا أستذكر قولا لآينشتاين وهو: " لا يُباد العالم على أيدي الطغاة، وإنما على يدِ اولئك المتفرجين مكتوفي الأيدي". كما وأن المخيب أكثر للآمال، هو أن تتابع عددا من الصحفيين المحليين لتجدهم من خلال منابرهم، يهدئون النفوس بين المختلفين على ما يحدث في سوريا، لأن هناك ما هو أهم من قضية سوريا، هناك قضايانا المحلية والتي علينا فقط ان نضعها نصب أعيننا، حسب قولهم، بل وعلينا جميعا وأن نتذكر أننا شعب واحد في هذه البلاد وعيب عظيم الخلاف والخصام بسبب حلب وحماة.

وهنا يُسأل السؤال، إذا كان الأمر كذلك يا سادة يا كرام ! فما الذي إذن، يجعل أجنبيا من الدنمارك أو السويد أو المانيا وغيرها يتعاطف مع اللاجئين أو أن يتظاهر في بلده ضد الحرب على غزة أو العراق وغيرهما؟
الإنسانية لا تتجزأ يا سادة ! ولا يجب أن نخرجها من جيوبنا، فقط عندما نريدها أن تخدم مصلحتنا.

الناصرة

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net 

 

مقالات متعلقة