الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 19 / أبريل 22:01

حولية العمر/ بقلم: د. محمد حبيب الله

كل العرب
نُشر: 05/11/16 13:15,  حُتلن: 08:08

كان 15.11.1988 اليوم الذي تم فيه إعلان الدولة الفلسطينية في الجزائر. وقد أُعلنت حينها على الملأ وثيقةُ الاستقلال التي كتبها وقرأها الشاعر محمود درويش أمام اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في اجتماعها هناك. وبما أن تاريخ ميلادي يقع كل سنة في يوم 1511 (الخامس عشر من تشرين الثاني) فقد وافق وصادف هذا التاريخ يوم اعلان الدولة أعلاه. وفي كل سنة عندما احتفل مع العائلة بعيد ميلادي أتذكر ما يعنيه هذا التاريخ. وهكذا ارتبط عندي تاريخ ميلادي بتاريخ اعلان دولة فلسطين، وفي كل سنة احلم ان يوافق هذا التاريخ قيام دولة فلسطين قولا وفعلا.

لقد مرت هذه السنين، سنة بعد سنة دون رؤية أي بريق من الامل يبشر بقيام الدولة، ويرافقني كل سنة شعور بالإحباط بسبب ذلك، وكأن هذا الحلم لن يتحقق الى درجة بدأت أشعر فيها بان تحقيق حلمي هذا لن يكون وانا حي وان اسرائيل في تعنتها وتمسكها بالأراضي الفلسطينية واستمرارها في بناء المستوطنات تثبت للعالم فعلا ان وجهتها ليس نحو السلام ونحو قضية فلسطين. كما تقتضيه الشرعية الدولية. في هذه الأيام انتابني شعور غريب سَيْطَرَ على ليل نهار بأن موتي سيسبق قيام الدولة لا محالة. هذا الشعور دفعني الى كتابة هذه القصيدة معبرا فيها عن لواعج صدري وطغيان الشعور باليأس عندي حيال هذا الواقع المر، مما يجعلني لا أحس بالراحة النفسية لا ليلا ولا نهارا.

"حُلْم"
عيدُ ميلاديَ وافى يومَ اعلان الجزائر
لفلسطينَ كيانا مستقلاً غيرَ قاصر
دولةً في الشرقِ تعلو رَغَّم أَنفِ كُلِّ صاغر
دولةً تحلو وتزهو نجمُها في الكَوْنِ باهر
دولةً فيها أُباهي دولةً فيها أُفاخر
كُلَّ أهل الأرضِ جمعًا من قريبٍ ومغاير
عِشتُ عمري أَتمنىّ دولةً فيها أُجاهِر
******************************
يا عروسًا قد تَجلَّت حُرةً فوقَ المقابرِ
صيتُها في الأرض مِسْكٌ غُرّةً بين الحرائر
تزرع الأرض وتشقى ليس في الاعمال قاصر
كرُمها زيتٌ ورمانٌ وتينٌ كالدّرائر
روضُها زهرٌ ووردٌ عَنبرٌ كالبدرِ ناضر
نبعِها في الوِّرد ماء كل خيرٍ عنه صادر
ما لَها في العلم مثلٌ ما لَها في الدِّينِ أَخر
كلّْ فرد يفْتديها ذكرْها في الناس سائر
قد صحا الشعبُ ونادى حازمُ القوةِ ثائر
شعبها شعبٌ أَبيٌّ قاهرٌ للقيد كاسر
حَقُّهُ حقٌّ جَلِيٌّ وبعونِ اللَّه قادر
وبإذنِ اللَّه يُؤتَى أكلُهُ والخيرُ وافر
إنه شَعبٌ عظيمٌ طَيِّبُ السُمْعَةِ آسِر
فيهِ اطفالُ الحجارةِ يا لَهُ ناهٍ وآمر
******************************
هلّ تُرى يَكْملُ حُلْمي وأَقومُ الليلَ ساهر
فأرى الحُلم حقِيقة وأَرى الواقعَ حاضر
وأرى الناسَ تُغني مِلْءَ قلبٍ ومشاعر
عاشت الدولةُ عاشت وطنًا حرًا مكابر
يا فلسطين تَعالَيْ قبلَ عمُري ان يُغادر
قبل أن ادفن في الترب وأعماق المقابر
اسفًا أنيّ ذهبتُ مُحْبطًا لَسْتُ بظافر
******************************
لكن الواقعُ مرٌّ ما به شيءٌ مؤكدٌ
كلُ يومٍ فيه بؤسٌ كُل ليلٍ فيه أجرد
كلُّ صُبحٍ فيهِ كِذْبٌ وَغَدٍ فيه مُهَدّد
فيه أطماعُ نظام وشعوبُ العُرب رُقَّد
لا سلامٌ لا حلولٌ في سما الشرقِ المعقَّدِ
وفلسطينُ تُعاني كُلُّ ما في الأفق أَسود
وأَسارى ويتامى وَصفا عَيَّشٍ مُنَكدَّ
******************************
هل تُرىَ يَمْتَدُّ عمري لِغَدِ حُلْوِ مُمَجَّد
لغدٍ يغني حياتي كلُّ ما فيهِ مُمهَد
عندها أشعرُ أنى صِرتُ كالسيفِ المهّند
وأمانيَّ تعدّت كلَّ ما كان مُحَدَّد
تُبعَثُ الروحُ من القبرِ حياةً تَتَجَدّد
فأعيشُ العمرَ عُمْرين طَليقا لا مُقَيّد
أتمنىّ طولَ عَيْشٍ مع سنينٍ تَتَعَدّد
******************************
هل لَليْل يتلاشى وَظلام يَتَبَدّد
ونهارِ يملأ الدّنــــــــــــــــــــــــــــــيا ضياءً فيهِ أخْلُد
هل أيادي الظلمِ تَفنى وأيادي الشِّر تُجمد
ونفوسُ الخير تصحو وجميعُ الناس تَسْعد
وسلامٌ وغناءٌ ونشيدٌ يتردّد
باعثا في الجسمِ روحًا مُرسِلاً لحناً مُخَلّد
لفلسطينَ عروسا حُرّةَ في الشّرق تصْعد
لفلِسطينَ أُغنّي لِسَنا قُدْسُكِ أُنْشِد
ما أُحْيلاها حياةً إذ بها عُمري تَجدَّد
وبها يصفو نهاري وبها ليلي تّبَدّد
قُمتُ من قبْريَ حَيَّا لأرى فجْراً مُؤكّد
وأرى ليلي نهارًا وحياتي تَتَمدّد
ما أُحَيْلاهُ نشيدًا حينَ يعلو حينَ يولد
يا كيانا يا وجودا يا مُنى نفس مُجَسّد
يا صدى أحلاميَ الكبــــــــــــــــــــــــــــرى جميعًا تتأكد
يا شذا عطرٍ تعالى فيهِ أَحيا فيهِ أسعد.

مقالات متعلقة