الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 02:01

هل كل العلاجات والفحوصات ضرورية ومفيدة؟/ بقلم: د. بشارة بشارات

كل العرب
نُشر: 03/11/16 16:15,  حُتلن: 16:21

د. بشارة بشارات في مقاله: 

60% من الأطباء يقدمون العلاج بناء على إصرار المتعالج أو خوفًا من مواجهة القضاء بتهمة الإهمال!

نحن كأطباء عائلة، نحاول دائمًا الشرح للمريض أن العلاج الصحيح والمحدّد والمناسب لحالته، أنجع من الحصول على عدة أنواع علاجات في آن واحد

نشرت الأكاديميّة الملكيّة الطبيّة في بريطانيا The Academy of Medical Royal Colleges هذا الأسبوع، تقرير وتوصيّة هامّة للأطباء والمتعالجين على حد سواء، تعلن بها عن أربعين علاج يقدم فائدة ضئيلة للمتعالج او أحيانا لا فائدة منها ولربما الضرر في حالات معينة. وقد نشرت لائحة العلاجات عالميًا ومحليًا مشيرة الى الموقع choosing wisely الذي يوضح أنواع العلاجات والتفاصيل.
لم يكن التقرير مفاجئًا، لكنه وضع جميع الفحوصات والعلاجات المحدّدة غير الضروريّة في سجل واحد، وقد شدّد التقرير على نتيجة الإستطلاع الذي أجري والذي يشير على أنّ 60% من الأطباء يقدمون العلاج بناء على إصرار المتعالج ونفس النسبة أيضًا قالت أنها تقدم العلاج خوفًا من مواجهة القضاء بتهمة الإهمال.

هذا التداول المفرط بالخدمات يحمّل الجهاز الصحي عبء مادي كبير، كان من الممكن الإستفادة من هذه الميزانيات بتقديم خدمات أخرى بحسب الضرورة، وعدم تبذيرها بلا فائدة. بالإضافة فإن علاجات غير ضرورية قد تسبب تداعيات أخرى مثل زيادة إستهلاك المضادات الحيوية، التي تؤثر سلبيا على مقاومة الجسم للجراثيم. فاستهلاك مفرط وغير ضروري للمضادات الحيوية، يسبب مقاومة أكبر للجراثيم ويضعف تأثير المضاد او حتى إلغاء مفعوله. فكم منًا يستهلك المضادات الحيوية لمجرد زكام بسيطـ، أو سعال لا أساس لالتهاب جرثومي له؟
فنحن كأطباء عائلة، نحاول دائمًا الشرح للمريض أن العلاج الصحيح والمحدّد والمناسب لحالته، أنجع من الحصول على عدة أنواع علاجات في آن واحد، لمجرد أننا نريد أن نشعر أنه قد قُدم لنا علاج "كبير". فتقديم الكثير من العلاجات لا يعني دائمًا أن الطبيب قد أولى إهتمامًا خاصًا بك، بل قد يعني أنه يعطي كل شيء حتى يهدئ من روعك أو تفاديًا للقضاء. بينما إعطاء الإهتمام هو أن تحصل على العلاج المناسب المحدّد من غير زيادة أو نقصان بعد الفحص والتفكير الحقيقي بك شخصيًا وليس بشكل عشوائي.

من بين الأمراض والعلاجات التي ذكرت في التقرير هو التهاب القصيّبات عند الأطفال، فبحسب التقرير فإن معظم حالات التهاب القصيّبات - التهاب أنابيب التنفس الصغيرة في الرئة- يتحسن بشكل أفضل من غير علاج. رغم الألم أن ترى طفلك يستصعب التنفس، لا ينبغي أن يعالج التهاب القصيّبات الحاد مع أدوية موّسعة للشعب الهوائية، لتوسيع أنابيب التنفس الصغيرة في الرئة، فقد أثبت أن لديها تأثير خفيف وأحيانًا أخرى عديمة التأثير. وأيضًا ذكر أن صور الرنين CT والطبقية MRI تستخدم فقط لتشخيص حالات محدّدة لإختلال الوظائف الدماغية كونها غير ضرورية لحالات أخرى.

بالنهاية، أود أن أشير الى أن الوعي للمتعالج في الحصول على العلاج المناسب، وأشدد ليس علاج إضافي غير الضروري، هو الذي سيقدم العلاج الأفضل له من غير التسبب بالأضرار أو الحصول على علاجات لا فائدة منها، وإنما زيادة مواد كيماوية او أشعة لأجسامنا، نحن في غنىً عنها. فكل حالة لكل مريض، تختلف عن مريض آخر، فليس ما حصل رفيقي عليه من علاج حتمًا سيساعدني أنا.
لنعطي الأطباء المساحة الكافيّة لتقديم العلاج الأفضل والمناسب بمهنية للجميع.

* دكتور بشارة بشارات- مدير مستشفى الناصرة الانجليزي ورئيس جمعية تطوير صحة المجتمع العربي

مقالات متعلقة