الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 19 / أبريل 21:01

حكاية تعلم من العصفور صوصو

كل العرب
نُشر: 23/10/16 10:06,  حُتلن: 07:32

أين عصفوري الصغير؟ تعال يا بني … تعال.

نعم يا أمي، أنا هنا.


صورة توضيحيّة

اسمع يا صوصو!

نعم يا أمي. ماذا تريدين.؟

ماذا أريد؟

أنا يا صوصو أريد أن أكون صري

حة معك.

نعم يا أمي تفضلي.

ألاحظ في المدة الأخيرة أنك تريد أن تأخذ كل شيء لك، وتستأثر بكل شيء دون أن تفكر بأخوتك ولا بأهلك.

كيف ذلك يا أمي؟؟

مثلا: إذا وضعنا الطعام إلى المائدة, أخذت كل شيء لك دون أن تفكر أن هناك أمك يجب أن تأكل,

أو أن أباك يريد أن يأكل أيضا وأن إخوتك جياع!..

أنا أحب الطعام.


كلنا نحب الطعام، ولكن يجب أن نفكر بالآخرين. أليس كذلك؟

صحيح.

وأن مثل هذا التصرف يجعلنا نفكر أن من يقوم بمثل هذه التصرفات هو مخلوق أناني لا يفكر إلا بنفسه.

طبعاً، يجب أن يفكر المخلوق بنفسه.

نعم، أنا لا أقول لا يا صوصو، ولكن من الضروري أن يفكر المخلوق بغيره أيضا.

حسناً! ماذا تريدين أن أفعل الآن؟

صوصوأريد منك أن تفكر بسواك أيضاً. هل فهمت يا صوصو؟

نعم يا أمي، فهمت.

أرجو ذلك يا حبيبي.

أقبل الأب متسائلاً: رأيتك اليوم صباحاً تتحدثين مع صوصو، فما كان موضوع الحديث يا زوجتي العزيزة؟

كنت أنبهه إلى أنه أناني، طمّاع، لا يفكر بسواه.

هذا ما استرعى انتباهي أمس. وضع طبق الطعام كله أمامه دون أن يفكر بأن هناك آخرين

من العائلة يريدون أن يأكلوا أيضا.

ولماذا لم تنبهه إلى ذلك؟

للحقيقة أشفقت عليه، فقد رأيته جائعاً، فقلت: لا بأس، ليأكل هو، أمّا أنا وأنت فنكتفي بما على المائدة من خبز.

ولكن هذا لا يطاق، فقد نبّهته وحذّّرته من عواقب الأنانية.

حسنا فعلت. فأنا لا أحب أن يكون أولادي أنانيين، طمّاعين، يستأثرون بالأشياء دون غيرهم.

وعدني بأنه سيفكر بالآخرين.

ما دام قد وعد فلنمتحنه..

نمتحنه؟ ماذا ستفعل يا زوجي العزيز؟

سترين الآن. هذه كمية كبيرة من الفستق، سأرسلها إليه بالبريد على اعتبار أنها هدية له من جدّه.

وماذا في ذلك؟

سنرى تصرّفه يا زوجتي الكريمة.

سمع صوصو دقاً على الباب فسأل: من هناك؟

أنا ساعي البريد!

ساعي البريد؟ ماذا تريد؟

هل هنا بيت العصفور الصغير صوصو؟

نعم أنا صوصو، وهذا بيتنا.

خذ يا صوصو هذه الصرّة.

صرّة ؟ لمن ؟

لك أنت.

لي أنا؟ ممن؟

نعم. مكتوب عليها أنها من قريب.

أوه …. صرّة لي أنا؟ دون شك.. إنها من جدّي… هاتها.! هاتها ! ماذا فيها؟

لا أدري… افتحها لتعرف.

شكراً، شكراً يا ساعي البريد. مع السلامة. وقال لنفسه: ذهب ساعي البريد، فلأفتح الصرة،

ولا أريد أحدا أن يراني.

فتح الصرة وصاح! آه … فستق! فستق حلبي! ما أطيبه! وما أكرمك يا جدي! سآكل الفستق كله قبل

أن يأتي أخي ويطلب أن أطعمه. آه … ما أطيبه من فستق! الفستق طيّب, ولكنني أكلت كثيراً،

وما زال عندي القليل منه. يجب أن آكله قبل أن يراني أحد.

دخل الأب, فرأى صوصو يلتهم الفستق فصاح به: ماذا تفعل يا صوصو؟

أبي؟ لا شيء… أتسلّى فوق الغصن.

ماذا تأكل يا صوصو؟

صوصو: أنا يا أبي؟ لا آكل شيئا. وجدت ورقة طرية على الغصن … أكلتها.

أهذا كل شيء؟

نعم يا أبي.

بالصحة والعافية يا ولدي.

شكراً… شكراً يا أبي.

رأى أخو صوصو فستقاً وصاح: ترى من أين هذا الفستق؟ هناك حبة، اثنتان، ثلاث، أربع،

خمس حبّات! وهناك أيضا حبة سادسة، فسابعة، فثامنة، فتاسعة، فعاشرة!

عشر حبّات من الفستق! ما أطيبها! صوصو، صوصو!.

من يناديني؟

أنا أخوك.

ما بك يا أخي؟

تعال … تعال ! خذ مني حصتك!

ماذا آخذ؟

وجدت عشر حبات من الفستق الحلبي تحت هذا الغصن. إليك النصف، خمس حبات لك وخمس حبات لي.

لي أنا؟

نعم, لك أنت. كل… كل هنيئاً.

ما أطيبها من حبات!!

بكى صوصو وسمع الأخ صوت البكاء فقال: لماذا تبكي يا صوصو؟

وجاء صوت الأب ضاحكاً ويقول: نعم، يبكي يا بني… هذه الحبات من الفستق سقطت منه

وهو يلتهم الصرة الكبيرة من الفستق التي وصلته بالبريد.

نعم، نعم، هذا صحيح قال صوصو. لقد سقطت مني فيما كنت آكل ما وصلني بالبريد،

وكنت أريد أن آكلها وحدي قبل أن يشاركني بها أحد.

قال الأب: نعم، هذا ما فعله، فإذ أنت تلتقط ما سقط سهوا منه، وتفكر فيه قبل نفسك،

وتريد أن تقاسمه ما وجدت. يا لك من ابن نبيل. أما صوصو!!

أسرع صوصو قائلاً: أنا آسف يا أبي. أنا آسف يا أخي. وأرجو أن تسامحاني. لن أكون أنانياً بعد الآن.

صدّقوني، لن أكون.

وأجاب الأب: لست أدري ما أقول… ولكن يجب أن أسال والدتك أولاً. ماذا ترين يا زوجتي العزيزة؟

هل نصفح عنه ونسامحه؟

قالت الأم : إذا وعد أن يفكر بالآخرين فلا مانع…

أعدكم. صدّقوني. جاء جواب صوصو بعجل.

إذن لا بأس يا صوصو، قالت الأم.

نحن جميعا صفحنا عنك، قال الأب.

ثم قالت الأم: ولكن أباك هو الذي بعث إليك بصرة الفستق.

تعجب صوصو وصاح: أنت يا أبي بعثت لي بالصرة؟ يا لي من عصفور بسيط جاهل!!

لقد تلقيتٌ درساً مفيداً بدّل مَجرى حياتي.. فشكراً لكم.. شكراً لكم. 

مقالات متعلقة