الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 19 / أبريل 19:02

دُرر جنبلاطية/ بقلم: راجح خوري

كل العرب
نُشر: 09/08/16 08:22,  حُتلن: 08:31

راجح خوري:

جنبلاط أراد تمرير رسالة ثالثة على أمل ان يقرأها اللبنانيون جميعاً ويدركوا عمقها

لم ينسَ البطريرك وجنبلاط مع عودة كنيسة الدرّ إستدرار الحكمة والوعي والمسؤولية لمواجهة الصعاب بانتخاب رئيس جديد للجمهورية

المناسبة مناسبتان والرسالة رسالتان، ليس لأنها تدشين كنيسة "سيدة الدرّ" في قلب المختارة، التي أرادت تأكيد إحتضانها لها مُرممةً وبعناية جنبلاطية حميمة، بل لأنها أيضاً تأكيد متجدد لنثر دُرر الحكمة والوعي والعقل، الدُرر التي تعمّد وليد جنبلاط إستدرارها تباعاً في كلمته في المناسبة، بما ذكّر الذين حضروا والذين قرأوا بأن شيئاً ثميناً من روح لبنان التعايش والحضارة أشرق من هناك.
تماماً كما قال البطريرك الراعي، في الذكرى الخامسة عشرة لمبادرة المصالحة التاريخية التي قام بها كبيران جريئان البطريرك صفير ووليد جنبلاط، أراد جنبلاط للمناسبة ان تتكرر، والهدف الوطني العميق لتكرارها هذه الإيام، ليس تأكيد نهائية خماسية الثوابت التي عددها جنبلاط أي: المصالحة - الوحدة الوطنية - السلم الأهلي - العيش المشترك - الحوار الوطني فحسب، بل توجيه رسالة مضيئة الى العالم، وخصوصاً ذلك الموغل في الظلامية والتوحش، ان لبنان يستطيع ان يقدم مثالاً فريداً وأيديولوجيا رائعة لحماية التعدد والتنوّع والحضارة أيضاً.

ليس قليلاً ان يشاهد اللبنانيون هدم كنيسة "سانت ريتا" في باريس، وترميم كنيسة الدرّ في المختارة في وقت واحد، ولكن أوليس هذا روح لبنان وروح التعايش الحضاري، وها هما الكبيران وليد جنبلاط يرعى الترميم والبطريرك الراعي يرعى الحفل.
يقول جنبلاط: "في الوقت الذي تلتهب المنطقة العربية والإسلامية وتشتعل النيران، وفي الوقت الذي تخطى الإرهاب الحدود بين الدول، راسماً بالدم كل أشكال القتل والإجرام والتدمير، نؤكّد في لبنان إحياء روح المصالحة والتقارب". لكنه يبعث برسالة أخرى عميقة، ففي الوقت الذي تدَمّر الكنائس من الموصل في العراق الى صعيد مصر مروراً بـ"داعش" بسوريا وذبح الكاهن في فرنسا، يطلّ جنبلاط في مناسبة تاريخية ليقول: لا، ليس هناك من حواجز بين اللبنانيين وان ثوابتهم الحضارية تليق بالأديان وتكرّم معنى الإنسان.

جنبلاط أراد تمرير رسالة ثالثة على أمل ان يقرأها اللبنانيون جميعاً ويدركوا عمقها، عندما قال مخاطباً الراعي: "زيارتكم تأكيد للعيش المشترك بين اللبنانيين جميعاً الذين يلتقون تحت سماء لبنان الكبير الذي تصادف الذكرى المئوية لولادته بعد سنوات قليلة"، لكأنه اراد التذكير بأن كِبرُ لبنان الوطن كما يتمثّل في روح العيش الواحد ضمن الثوابت الخمس التي ذكرها، يتمثّل ايضاً في ان يبقى لبنان الكبير في تنوّعه ووحدة شعبه والأرض.
لم ينسَ البطريرك وجنبلاط مع عودة كنيسة الدرّ إستدرار الحكمة والوعي والمسؤولية لمواجهة الصعاب بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، بما يفتح الأبواب على عودة الدولة المغيّبة وإستعادة المؤسسات المصادرة وقيامة لبنان بخروج أبنائه من إنقساماتهم القاتلة. يا وليد جنبلاط، لم ترمم كنيسة الدّر فحسب بل ذكرتنا بدُرر لبنان والرجال.

نقلا عن جريدة النهار

مقالات متعلقة