الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / مارس 11:01

هروب نتنياهو التكتيكي ومقترحات كيري/ بقلم:د. هاني العقاد

كل العرب
نُشر: 07/08/16 12:00,  حُتلن: 14:03

د. هاني العقاد في مقاله: 

اليوم يخرج نتنياهو للإعلام ويصرح بأنه يقبل المبادرة المصرية التي طرح افكارها الرئيس عبد الفتاح السيسي قبل ثلاث شهور تقريبا والتي دعا فيها الى ضرورة حل الصراع وضرورة انهاء حالة الانقسام الفلسطيني بالتزامن

 لم تطلق مصر مبادرة ولم تحدد مصر بنودا لهذه المبادرة ما جاء مجرد افكار لحل الصراع اساسها المبادرات العربية والفرنسية وكل هذه الأفكار تصب في دعم مصر للجهد الفرنسي وهذا ما صرح به السيد سامح شكري

إقتراح كيري يأتي في سبيل اللعب على وتر سحب الرعاية الامريكية على العملية السلمية وبالتالي تتوافق امريكا واسرائيل على ذات الهدف فهل تنجح واشنطن واسرائيل في هذه المساعي او مساعي أخرة للتقليل من أهمية السعي الفرنسي اتجاه مؤتمر السلام القادم في باريس

رفضت اسرائيل منذ اكثر من اربع عشرة عامًا المبادرة العربية التي طرحتها العربية السعودية في قمة بيروت 2002 واقرتها القمة العربية أن ذاك ومازالت ترفضها بقوة بالرغم من الاغراءات التي تعرضها هذه المبادرة والتي من أهمها أن اسرائيل ستصبح قطر شقيق إلا أن اسرائيل ما تريده الان وقبل هذا الوقت أن تصبح قطر صديق وشقيق تتكامل مع باقي دول العالم العربي اقتصاديا وامنيا دون إنهاء الاحتلال الاسرائيلي وهذا ما تعمل عليه اليوم أجهزتها السياسية، والمثير ايضا في الرفض الإسرائيلي لتحقيق لسلام يلبي الحد الأدنى من متطلبات الأمن والإستقرار أن اسرائيل رفضت المبادرة الفرنسية للسلام والتي تسعي فيها فرنسا منذ فترة على لبلورة قاعدة دولية وجبهة حقيقية تضع حلولا منطقية عادلة لحل الصراع على أساس حل الدولتين وقد أطلقت فرنسا الخطوة العملية في هذا الاتجاه بعقد اللقاء التشاوري الدولي في باريس 3 يونيو الماضي وخصصت بعد ذلك اربع لجان للعمل على تهيئة الأجواء السياسية والأمنية والإقليمية والوضع على الارض وتقديم رزمة اغراءات إقتصادية للجانبين ومع أن ما تمخض عن اللقاء التشاوري كان مغريا نوعا ما لإسرائيل إلا أن اسرائيل ما زالت ترفض وبشدة المبادرة الفرنسية وأعلنت أنها لن تحضر المؤتمر الدولي في باريس نهاية هذا العام .

اليوم يخرج نتنياهو للإعلام ويصرح بأنه يقبل المبادرة المصرية التي طرح افكارها الرئيس عبد الفتاح السيسي قبل ثلاث شهور تقريبا والتي دعا فيها الى ضرورة حل الصراع وضرورة انهاء حالة الانقسام الفلسطيني بالتزامن، وأن القاهرة على إستعداد لإستضافة ورعاية مفاوضات سلام بين الطرفين الإسرائيليين والفلسطينيين، وفي نفس الوقت رعاية مصريه لحوارات فلسطينية لتوحيد الفلسطينيين ومساعدتهم استعادة وحدتهم الوطنية، نتنياهو فهم الشق الذي يتفق مع تصوره للسلام مع الفلسطينيين بانه يبدأ بمفاوضات مباشرة دون شروط وهذا ما صرح به أكثر من مرة بأنه على استعداد الدخول في مفاوضات مباشرة مع الفلسطينيين اينما يريدوا، وقال معلقا على المبادرة الفرنسية وقبول الفلسطينيين بها وليس غيرها من افكار "أن مكتبه في القدس اقرب من باريس فما على أبو مازن الا التوجه الى هناك للتفاوض مباشرة لحل الصراع وبحث القضايا التي من شانها ان تحقق الاستقرار"، لقد اثبت تصور نتنياهو الضيق لحل الصراع غطرسته وعنجهيته كزعيم للمستوطنين واليهود المتطرفين وانه زعيم كبير سيحقق لهم دولتهم اليهودية بإعتراف عربي وفلسطيني ودولي ويحقق لهم الأمن والإستقرار الأبدي في تلك الدولة .

لم تطلق مصر مبادرة ولم تحدد مصر بنودا لهذه المبادرة ,ما جاء مجرد افكار لحل الصراع اساسها المبادرات العربية والفرنسية وكل هذه الأفكار تصب في دعم مصر للجهد الفرنسي وهذا ما صرح به السيد سامح شكري وزير خارجيتها بعد فترة فقد اكد أمام وزراء الخارجية العرب في مجلس جامعة الدول العربية أن مصر تدعم بالكامل توجه الرئيس أبو مازن نحو المبادرة الفرنسية وان مصر تنسق مع فرنسا في كافة الجوانب، ولعل السر الحقيقي وراء عودة نتنياهو للتصريح بانه يقبل المبادرة المصرية مجازا انه يخشي الحلول الدولية التي تؤمن بحل الدولتين وقيام دولة فلستينين على أساس المرجعيات الشرعية مبادرة السلام العربية ويؤكد هذا أن نتنياهو لا يعترف ولا يؤمن بهذا الحل تحت أي ظرف كان ويريد أن يجد ملاذا آمناَ لتطرفه على إقتناع أن مصر قد تقبل بإستضافة أي مفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين دون شروط وخارج التوجه الدولي وبعيدًا عن قرارات مؤتمر باريس القادم وتوصياته.

اليوم هناك رشح لبعض الأخبار مصدرها موثوقة أن جون كيري طرح لقاء ثلاثيا في مصر يجمع نتنياهو أبو مازن وبعض وزراء الخارجية العرب والأجانب كمحاولة من واشنطن لإضعاف التحرك الفرنسي والتشويش على المؤتمر الدولي ليكون تحت مستوي الرؤساء وبالتالي لا يحقق حلولا منطقية للفلسطينيين ولا تكون ملزمة لإسرائيل، وهذا دليل على أن واشنطن أيضا لا تريد مبادرة السلام العربية ولا تريد المبادرة الفرنسية بالرغم من الاختلافات الشكلية بين الإدارة الأمريكية واسرائيل، لعل كل ذلك يأتي في اطار تهيئة مدخل مناسب لان تصبح اسرائيل طرفا هاما بالنظام الاقليمي الجديد الذي تسعي مصر الى تشكيله وما تصريحات نتنياهو ومقترحات كيري إلا لمساعدة اسرائيل في خطة هروب تكتيكي نحو منطقة تبعدها كثيرا عن أي حلول دولية يرتئي العالم انها قادرة على انهاء الصراع الطويل، ويبعده عن الضغط الدولي الذي يهدف الى تطبيق حل الدولتين وقيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 كحل امثل، و هنا يتضح جليا أن إقتراح كيري يأتي في سبيل اللعب على وتر سحب الرعاية الامريكية على العملية السلمية وبالتالي تتوافق امريكا واسرائيل على ذات الهدف فهل تنجح واشنطن واسرائيل في هذه المساعي او مساعي أخرة للتقليل من أهمية السعي الفرنسي اتجاه مؤتمر السلام القادم في باريس.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة