الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 18 / أبريل 23:02

قصتنا للحلوين: سارق السمكات

كل العرب
نُشر: 16/07/16 15:21,  حُتلن: 14:37

في كوخ صغير قريب مِن أحد الأنهار، يعيش علاء مع جدِّه الطيب، يذهب الجد كل صباح لاصطياد السمك، وعند مغيب الشمس يعود وفي جَعْبَتِه ثلاث سَمكات وبعض النقود التي كسَبها مِن بيع باقي الأسماك.


صورة توضيحيّة

أما علاء، فلا يحبُّ صيد الأسماك كثيرًا؛ يجده عملًا مملًّا، يحب أن يقوم بأعمال أكثر متعةً؛ كالاعتناء بالزهور، وسقْي الغراس، كما يقوم بإطعام الدجاجات كل يوم.

ذات يوم سمع علاء صوت جلَبة خارج الكوخ، فمدَّ رأسه من النافذة ليرى ما هذه الضوضاء! فرأى رجلًا ينقل أمتعةً من العربة ويضعها على الأرض، ومعه امرأة وولد يُقاربه في العمر، عندها ركض علاء إلى أمِّه ليُخبرها بما شاهد، فطمأنته بأنهم جيرانهم الجدد، وسيَسكنون في الكوخ المُجاور، ابتسم علاء وقال: ها قد أصبح لديَّ صديق جديد، لن أشعر بالملل بعد اليوم، سأُساعدهم في نقل الأمتعة وأتعرف على الصديق الجديد.

ذهب علاء إليهم، وسلَّم عليهم، ثم عرض بعض المُساعدة، فسلَّم الأبوان عليه، ورحَّبا به، لكن علاء انتبه إلى أن الفتى لم يردَّ عليه التحية، استغرب من تصرُّفه هذا، وراح ينقل معهم أمتعتهم، ثم سأل الفتى عن رأيه في المنزل الجديد، لكنه لم يُجب أيضًا، عندها انزعج علاء وعاد لمنزله وهو يقول في نفسه: ما هذا الولد المغرور؟ لن أكلمه بعد اليوم!

عند حلول المساء عاد الجدُّ كما العادة، ومعه سلَّة فيها ثلاث سمكات، فوضعها في المطبخ ثم طلب من الأم أن تَطهوها، وبعد أن ذهبت الأم للمطبخ لتعدهنَّ، فوجئت بأن في السلة سمكتَين فقط، فقالت في نفسها: ربما لم يكن صيد اليوم وفيرًا! فطهت السمكتين مع بعض الخضار، لكن الجد تفاجأ عندما لم يرَ السمكة الثالثة، وقال: لقد أحضرتُ ثلاثًا! أخبرته الأم بأنها لم تجد إلا اثنتين، فقالوا جميعهم: من يا ترى أخذ السمكة الثالثة من المطبخ؟

قطَّب علاء حاجبَيه، وهزَّ رأسه قائلًا: أعرف من سرق السمكة، لا بد أنه الفتى ابن جيراننا الجدُد، نظر الجدُّ إلى علاء باستغراب ثم أردف قائلًا: أرأيته يأخذها يا بني؟!
• لا يا جدي، لكنه ولد مغرور جدًّا، ويبدو أنه سارق.
• لا يا بني، عليك ألا تتَّهمه إن لم تَرَه يَسرق.

في اليوم التالي ذهب الجد للصيد مجددًا وهو يَحمل كما العادة ثلاث سمكات، لكن ويا للمفاجأة! نفس الحادثة تكرَّرت؛ حيث لم تجد الأم سوى سمكتَين، عندها قال علاء: صدِّقوني، إنه ذلك الولد في الكوخ المجاور، هو من فعلها، تجهَّم وجه الجد، ونظر إلى علاء قائلًا: بدلًا من اتهام الفتى دون دليل، فكِّر في طريقة نعرف بها من هو سارق السمكة! أردفت الأم قائلةً: أقتَرِح أن تختبئ يا علاء غدًا في خزانة المطبخ، ومِن ثَمَّ تَنظر من أحد الشقوق فيها فترى من سارق السمك.

وافقوا جميعًا، وفي اليوم التالي فعل علاء كما قالت أمه، وبعد أن وضع الجد سلَّة السمك في المطبخ وخرج، دخلت قطة صغيرة من النافذة ثم أمسكت بفمها سمكةً وهربت مسرعةً.. خرج علاء مِن مخبئه يصيح: لقد عرفته، عرفت مَن سارق السمكات؛ إنها قطة! لم يكن ذلك الفتى أبدًا! رفع الجد إصبعه معاتبًا، وقال: أرأيت بني أنك كنت مخطئًا باتهامك للفتى بالسرقة! فأومأ علاء رأسه أسفًا، وأردف قائلًا: لكنه مغرور جدًّا، ألقيت عليه التحية وكلمتُه فلم يُجبْني ولم...، قاطعته أمه: وكيف سيُجيبك إن كان أصمَّ لا يسمع.
• أحقًّا ما تقولين؟!
• أجل، كلَّمتُ أمَّه قبل قليل فأخبرتني بذلك، إنه ولد لطيف ومؤدَّب، لكنه قد حُرم نعمة السمع.

ازداد علاء خجلًا من نفسه، وندم على ما تفوَّه به، ووعد نفسه أن يتعلم بعض الإشارات التي تخص لغة الصُّمِّ.

وما هي إلا أيام قليلة حتى أصبح هو والفتى ابن جيرانهم من أعز الأصدقاء، يعتنيان بالزهور معًا، ويلعبان معًا، وعندما يُريد علاء أن يحادثه يصنع إشارات بيديه فيَفهمها صديقه ويبتسم له.
 

مقالات متعلقة