الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 09:01

في زمن الحربّ.. يصير الوطن بلا شعبّ.. والدين بلا ربّ/ بقلم: بلال فوراني ‎

كل العرب
نُشر: 13/07/16 21:48,  حُتلن: 21:49


أوجعتنا الحرب .. حتى صار جلدنا مثل قصيدة لمحمود درويش .. يحبها الجميع ولا يصدقها أحد ... أوجعتنا حتى صار الموت مثل أغنية صباحية لا تشدوها إلا فيروز إلا في الليل .. أوجعتنا حتى صارت القسوة في دمنا طعام كل كريات دمنا الحمراء والبيضاء.. أوجعتنا حتى صار من يموت اليوم محظوظاً ومن لم يمتّ صار محسوداً ... أوجعتنا حتى صار الطفل لا يعرف الفرق بين درس الحساب وحساب يوم الاخرة .. أوجعتنا حتى غرقنا في الوجع فلم يعد للفرح له مكان في حياتنا .. أوجعتنا حتى صار النسيان لباسنا اليومي والذاكرة مجرد ألم لا يليق بعزاء كبير أسمه .. الوطن ..؟؟

في زمن الحرب .. سترى مسرح طويل عريض لم يخطر على بالك يوما أن تزوره .. ستشرب القهرّ من قارورة مُعبأة سلفاً من حكومتك أو من معارضتك .. وستأكل لحم محرمّ عليك من دينك أو من دين لا يعرف الله ... ستلبس لباساً لم يخطرّ على بالك أنك ستشتريه يوما ولو في حفلة تنكرّ ,,, سترددّ كلاماً لم يخطرّ على لسانك أن تقوله يوماً ... وستفعل شيء لم تعتقد في حياتك أنك ستفعله لأنه مجرد وهم قرأته في قصة جميلة ... هذا أنت في زمن الحرب .. مرآة تكشف حقيقة من أنت ... لن تختبئ وراء جلود الثعابين ولن تتنكرّ بمكياج المهرجين ... هذا أنت لا أقل ولا أكثر ...؟؟

ستكون مواطنا مسكينا لا حول ولا قوة له ... موظف غلبان يقبل الرشوة كي يُطعم أطفاله أو انتهازي حقير كي يشبع طمعه .. في كلتا الحالتين ... أنت مجرد مواطن تافه يعيش كي يقبض الاخرون راتبهم آخر الشهر ... أنت مجرد عذر حقير تواسي فيه نفسك كي تقول كل الناس مثلي .... أنت واحد من قطيع كبير إسمه أنا ومن بعدي أخي وأبن عمي وكل غريب ... أنت مجرد حلقة في سلسلة أكبر منك اسمها الفساد الحكومي ...؟؟

ستكون تاجر حقير .. يمارس عطشه للمال كما يمارس الساحر فنّ إخراج الأرانب من القبعة ... القبعة ليست لك ولكنك تستطيع أن تخرج الأرانب منها .. تستطيع أن تلعب بالدولار وتحجز بضاعتك وتبيعها فقط في زمن التعب والوجع .. لانك تاجر حقير تجمع المال من أصوات الفقراء ... وتلملمّ ثرائك من أفواه الذين يدعونّ عليك بالنجاح.. لا لومّ عليك .. مثلك يا سيدي التاجر لا لومّ عليه .. مثلك لا يعرف أن هناك يوم قيامة .. ستقوم كل الدنيا عليك يوم لا تجدّ أحد يقف لديك ...؟؟

ستكون إرهابي مريض .. عقله معجون بقصص الحورّ السبعون وجنة عرضّها السموات والأرض ... لقد جعلوك أداة قذرة في يديهم في الوقت الذي لم تسأل نفسك فيه لما لا يذهبون بأنفسهم للجنة طالما أن فيها سبعون حور كما يعدّوك أيها المتخلفّ ... نعم أنت متخلف وعقلك للأسف مغسول بماء الجهل .. وهذا ليس ذنبهم .. إن غباء الاخرين ليس ذنب الأذكياء .. لقد استغلوك حتى ما تركوا لك أرض تعيش فيها ولا جنة تحلم فيها ..؟؟

ستكون مواطن ولكن واطي ... مثل كل واطي نسمع عنه اليوم في في الوطن .. الذي يبايع داعش باسم نهضة الاسلام ... الذي يبايع شرف اخته لأجل جهاد النكاح .. الذي يبايع أمه كي يرضى عنه خليفته المجنون .. الذي يبايع الله في قتل عباده كي يشتري منه جنة موعودة .. الذي يبايع نفسه ويبيع نفسه في سوق النخاسة والدعارة والحقارة ... ستكون مواطن ولكن واطي .... في وطن لا يرضى إلا بإناس تناطح رؤوسهم رؤوس الجبال...؟؟

ستكون جندي يدافع عن وطنه بدمه ... ستكون وحيد أهلك ومع ذلك تتطوع في الجيش .. ستكون هذا الرجل الذي رضع من حليب الارض وأكل من تراب الارض وقررّ أنه لن يتخلى عن هذه الارض ...تحمل بندقيتك بيدك ورصاصتك في قلبك كي تغسل عار شعب لم يعرف ما معنى الوطن .. ستكون ذاك الرجل الذي قال لا عشت يوما وتراب بلدي صار رخيصا .. لا عشت يوما ودمعة أمي تنسكب في كل عيد جلاء .. لا عشت يوما وصرخة أبي تلعلع في كل عيد وطن ... فلا عشت أنت يا صديقي .. ولكن عاشت أمك وعاش وأبوك ..هم اليوم من يترحمون عليك يا صديقي .. يا ابن الوطن ..؟؟

ستكون مثلي ... مجرد صوت من حنجرة متعبة .. يأكلها دود القهر .. وينهش لحمها ثعابين التخوين .. مجرد مقهور يكتب ما يحلو له وهو يشرب قهوته الشامية في دولة ليست عربية .. لا تحزن اذا كنت مثلي ... فصوتك يوماً ما سيصل .. صوتك سيقتل ألف رجل وحرفك سيهزّ عرش ألفّ ملك .. ولكن تذكرّ لو صرت مثلي سيصير حرفك مدفع يقتل ألف تافه ... و تذكر أن رصاصة الجندي لا تقتل سوى واحد فقط ... ولكن من سيقتلك يوماً .. سيكون واحد من أبناء بلدك ..؟؟


/

على حافة الوطن

من أنت يا سيديّ ... مزيفّ أم أصليّ
لا تقلّ لي وطنيّ أنت أم صرت إرهابيّ
شريف أنت أمّ تاجر حقير مريض أنانيّ
وأرجوك عن ماضيك قبل الآن لا تخبرنيّ
ففي زمن الحربّ
كلّ شخص يبانُ فيه ... معدنهِ الأصليّ ..؟؟ 

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة