الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 10:02

وجهَة نَظر! بقلم: أزهار أبو الخير شعبان

كل العرب
نُشر: 17/06/16 15:11,  حُتلن: 08:04

أزهار أبو الخير شعبان في مقالها:

إذا جئنا وَقارَنّا وَقلنا إن إسرائيل تستهدفُ المَدنيّين أيضًا فكيفَ ننتقدها وَنحنُ نُساوي أنفسَنا بها وَنُباشر بنفس أعمالها؟!

لا أؤيّد مُطلقا مِثل هذهِ الأعمال الإنتحاريّة أو هذا القتل وَأنبذهُما بشتّى الطرُق لأنها أفعال بَعيدة كلّ البُعد عَن الإنسانيّة وَعَن السّلام وَعَن التسامُح 

الشّعب الفلسطيني هُو شَعب مُبتلى بقياداتهِ الفاشلةِ وَالفاسِدة أولاً كما أنهُ شَعب مَظلوم لأنهُ هو مَن يتحمّل سُمّ الإحتلال الغاصِب ليُصبحَ في كلا الحالتين شَعب مُبتلى كليًا مِن قبل الطرَفين!

هذهِ الفئة مِن الشّباب هُم بمَثابَة ضَحايا لطرَفين سِياسِيّين لا يَأخذان بالإعتبار أرواحَ المُواطنين الطرَف الأوّل يَقومُ بغسل الدّماغ وَدَفع الشّباب إلى النّار وَالتّهلكة دونَ اكتراث لهُم وَالطرَف الآخر يَكتمُ أنفاسَهُم وَيسحقُ أهلهُم وَأحلامهُم دونَ ذنب عَلى مَدار السّنين

حَملتُ نَفسي وَأفكاري بعيدًا عَن اللعبَة السّياسيّة القذرَة تِلك التي تُحيط بنا مِن جَميع الجهات الثّمانية حَتى وَليسَ الأربَع فقط!! حَملتُ أفكاري وَأردتُ أن أتنصّل خارج ذلكَ النّطاق ولكن مَنطقي وَالواقع رَفضَ ذلك وَفرضَ نفسهُ وَسياستهُ عَليَّ وَعَلى قلمي بالقوّة!

بَعيدًا عَن المُجامَلات العَربيّة المُتداولة وَبَعيدًا عَن المَشاعر العاطفيّة سَأدوّن رَأيي بكلّ صَراحة وَقناعة تامّة كما تعوّدتُ في جَميع مَقالاتي.
سَوف أعرضُ وجهَة نظري البَسيطة في عَمَليّة إطلاق النّار التي حَصَلت الأسبوع المُنصَرم في مَدينة تل أبيب وَالتي تُعبّرعَن صورَة مُصَغّرة لِكلا الطرَفين المُستمرّان في النّزاع عَلى مَدى أكثر مِن 60 عامًا دونَ كلل أو أيّ مَلل.

هُناك بالتأكيد مَن سَيوافقني الرّأي مُقابل مَن يُخالفني به!
سَوف أعرضُ رأيي الشّخصي أولاً بأنّني لا أؤيّد مُطلقا مِثل هذهِ الأعمال الإنتحاريّة أو هذا القتل وَأنبذهُما بشتّى الطرُق، لأنها أفعال بَعيدة كلّ البُعد عَن الإنسانيّة وَعَن السّلام وَعَن التسامُح الذي نصَّت عليهِ جَميع الدّيانات السّماويّة وبالأخص ديننا الحَنيف الإسْلام!

عَمليّة إطلاق النّار وَسَط مَدينة تل أبيب والتي استهدَفت مَدَنيّين بكلّ مَعنى الكلمَة لا يُمكن تَصنيفها سِوى عَلى أنّها عَمليّة مَغلوطة مَمزوجَة بالخطأ الفادِح الذي لا يُمكننا إنكارهُ، فلا يَجبُ أن نُعالج الخطأ بذات الخطأ! حَيثُ أننا إذا جئنا وَقارَنّا وَقلنا إن إسرائيل تستهدفُ المَدنيّين أيضًا فكيفَ ننتقدها وَنحنُ نُساوي أنفسَنا بها وَنُباشر بنفس أعمالها؟!

تباعًا لرأيي الشّخصي، عَدا السَّبب الأوّل لعدَم تأييدي لِمثل هذه الأعمال، السَّبب الثاني هوَ إدراكي داخليًا أن العُنف لا يولد سِوى العُنف وَثالثا لأنّني أؤمن بالسَّلام وأنهُ لا بُدّ لغيمَة الظلم أن تنجَلي حَتىّ وَلو طالَ مُكوثها!

أنا ضِدّ العُنف بمُختلف أشكالهِ وَلكن لا بُدّ أن تكونَ هُناكَ زاوية ننظرُ إليها وَنأخذُ بعَين الإعتبار مِن خِلالها أنّ مِثل هذهِ الأعْمال لا تأتي مِن فراغ! هُناك مُسَبّبات عِدّة لتوليد مِثل هذا العُنف لأنّ ذلك ليسَ بمَحض الصّدفة مُؤكد!

ليسَ تبريرًا لأفعالهم أبدًا، وَلكن هذهِ الفئة مِن الشّباب هُم بمَثابَة ضَحايا لطرَفين سِياسِيّين لا يَأخذان بالإعتبار أرواحَ المُواطنين، الطرَف الأوّل يَقومُ بغسل الدّماغ وَدَفع الشّباب إلى النّار وَالتّهلكة دونَ اكتراث لهُم وَالطرَف الآخر يَكتمُ أنفاسَهُم وَيسحقُ أهلهُم وَأحلامهُم دونَ ذنب عَلى مَدار السّنين.

الشّعب الفلسطيني وَهُنا أقصدُ الشّعب الحَقيقي المُتألم الذي يَعيشُ تحتَ الإحتلال الغاصِب لأكثر مِن سِتّين عامًا بكلّ وَجع وَبكلّ صَمت مُقاوم وَيتجرّع الإهانات وَالتضييقات اليوميّة عَلى جَميع الأصعدَة وَباتَ يُمارسها كعادة رُغم رَفضهِ الدّاخلي للخُضوع للظلم، هذا الشّعب هُو شَعب مُبتلى بقياداتهِ الفاشلةِ وَالفاسِدة أولاً كما أنهُ شَعب مَظلوم لأنهُ هو مَن يتحمّل سُمّ الإحتلال الغاصِب ليُصبحَ في كلا الحالتين شَعب مُبتلى كليًا مِن قبل الطرَفين!

هؤلاء الشّباب الذينَ لا يَرون بَصيص أمَل حَتّى لمُستقبلهم باتوا يُفضلون المَوت عَلى الحَياة، فالأوضاع السّياسيّة والإجتماعيّة والإقتصاديّة السّيئة بَل الرّثة حَتى التي يَعيشونها أصبحَت مَصدرًا مُهمّا وَرئيسيًا لحَثّهم عَلى مِثل هذهِ الأعمال.

إنّ احتقان الشّباب الفلسطيني الدّاخلي مِن الإحتلال الذي تفرضهُ إسرائيل عَلى أرضِهم بالقوّة بدون أي ّحَق يُوَلد لديهم الشّعور بالغُبُن وَالغُربَة، فلا بُدّ أن يَكبر ذلك الإحتقان يومًا بَعد يوم وَيُصبح دافعًا شديدًا يُوَلد انفجارًا قويّا وَمُؤذيًا مِثل ما حَصَلَ في تل أبيب وَغيرهُ مِن العَمليّات التي حَصَلت عَلى مَرّ السّنين.

الإنتقام هُوَ أوّل ما يَخطرُ في بال أولئكَ الشّباب وَالشّابات الذين يَقومون بمثل هذهِ المُبادرات العَنيفة وَالخطيرَة انتقامًا لكرامَتهم وَإهانتهم وَأراضيهم المَسروقة وَبُيوتهم المُهدّمة وَأقاربهم الشّهداء وَأبسط حُقوقهم المَهدورَة إضافة إلى غَسل الدّماغ المُتبع كالعادَة مِن قبل المُتطرفين فكريًا وَأخلاقيًا وَدينيًا الذين وَبَعدَ كلّ عَمليّة يُصبحون فجأة إمّا مُحايدين أو مُتابهين بالعمليّة مِن خلف الكواليس دونَ ظهورهم عَلى أرض الواقع!!

أكرّر أنهُ ليسَ من باب التّبرير وَلكن الإحتلال الغاصِب هُوَ أحد أسباب ذلك الإحتقان بَل وَهو أهمّه وَيجب إنهاء ذلك الإحتلال وَترك ذلكَ الشّعب بشبابهِ وَأطفالهِ وَنسائهِ وَرجالهِ وَكبار السّن يَعيشون حَياتهم كباقي البَشر في العالم عَلى أرضهم وتحتَ ظلها وَشمسها بهدوء وَطمأنينة.

كلّ طرف في هذهِ العمليّة قامَ بالضَّغط عَلى الجُرح الفلسطيني لينزفَ آلاف المرّات، مَرّة تلوَ الأخرى! مُنفّذا العَملية مِن جهة حَيث أنهما لم يَكترثا لمَصير عائِلاتهم وَذويهم وَما سَوفَ يَحلّ بهم مِن مَصائِب وَكوارث، وَاسرائيل من جهة أخرى حيثُ أنها بعدَ كلّ عَمليّة كهذهِ تفرضُ العِقاب الجَماعي فورًا.

يَصعبُ جدًا إيقاف مِثل هذهِ الأعمال طالما الإحتلال الإسرائيلي مُتوغّل في الأراضي الفِلسطينيّة!
يَجب عَلى الدّولة إعادة حِساباتها بشَأن تِلكَ القُرى وَالمُدن الفلسطينيّة المُحتلة وَفك ذلكَ الحِصار لكي تَضمَن حَياة مُواطنيها الذين يقطنونَ داخل حُدودها عَربًا كانوا أو يَهود عَلى حَدّ سِواء.
عَلى أمل دائِم أن يَعمّ السّلام وَالأمان أرجاء المَعمورَة. 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة