الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 18 / أبريل 22:01

ليدي- كاميليا غطاس إمرأة ناجحة.. تدير الحمام التركي بنكهة دمشقية تراثية

كل العرب
نُشر: 13/06/16 13:22,  حُتلن: 14:51

كاميليا غطاس:

عندما نتحدث عن الحمام التركي، فنحن نسترجع ذكريات الحضارة والتاريخ القديم، فالحمام التركي هو رمز للتراث والحضارة مكان يجمع كافة الناس ويوطد العلاقات الاجتماعية

شهر آذار هو شهر المرأة فنجد إقبالا شديدا على الحمام في هذه الفترة، وأحيانًا تكون الدعوة من العروس لقريباتها وصديقاتها

كاميليا غطاس من سكان مدينة عكا تدير "حمام غطاس" في الشط الغربي من البلدة القديمة في عكا ،تتحدث عن صفات ومميزات المرأة التي يمكن الاعتماد عليها وان تكون قادرة على ان تتولى ادارة وتشغيل مؤسسة بكل ما تحمله الكلمة من معنى وخاصة عندما نتحدث عن "حمام غطاس" والذي جاء ثمرة سنوات طويلة من العمل حتى تم انجازه وخرج الى النور، وتعتقد كاميليا أن الحمّام التركي كان لسنوات قريبة يحتل جزءاً مهمّاً من الحياة اليوميّة للرجال والنساء على حد سواء، اذ كان الحمّام التركي يشكل قلب الحياة الاجتماعية في المجتمع المحافظ، وهو ديوان التقاء النخبة من المجتمع وخاصة من قطاع الرجال، في حين اعتبرته المرأة بمثابة نادٍ لها تلتقي فيه مع نساء البلد ، ومن كان يظن أن الحمام التركي كان فقط للنظافة فهو يوقع نفسه بخطأ فقد تحول الحمام الى مركز للتواصل الاجتماعي، والاحتفال بالمناسبات السعيدة كحمّام العروس، وغيرها من الاعياد والمناسبات لما له من فوائد الاسترخاء للعضلات، وتخفيف التوتر والإجهاد وارتفاع ضغط الدم، والشعور بالتجدّد وصفاء الذهن.


الحمام التركي

وكاميليا غطاس من سكان مدينة شفاعمرو درست الفنون فكانت معلمة لموضوع الفن ، انتقلت للعيش مع زوجها إميل ياسر غطاس ابن عكا واليوم لهما ثلاثة أبناء متزوجين وخمسة أحفاد، تقول:" قضيت مع زوجي 36 سنة وبعد أن قام زوجي ببناء هذا الحمام توليت أنا ادارة المشروع، وأغلب الديكورات والتصميمات والزخرفات الموجودة في الحمام هي من تصميمي وأفكاري وأفكار زوجي وابني، والحمام يخدم جميع القطاعات المجتمعية ،لا سيما النساء والصبايا، وأبنائي درسوا في كلية عكا، ولكن بعد أن قررنا تقديم خدمات عالية الجودة للزبائن كان اهتمامنا العناية بشكل مهني بالبشرة فتوجهوا الى تركيا لدراسة موضوع كيفية صناعة رغوة الصابون وكيفية التدليك، ومن المنبع الأساسي للحمام التركي".

وتضيف كاميليا: "عندما نتحدث عن الحمام التركي، فنحن نسترجع ذكريات الحضارة والتاريخ القديم، فالحمام التركي هو رمز للتراث والحضارة، مكان يجمع كافة الناس ويوطد العلاقات الاجتماعية، ويسترخي الشخص به.

في القديم لم يكن حمام في البيوت، أو مياه ساخنة، لذلك استحم الناس في الحمام الذي يجمع أهالي الحي، كما يلتقون به ويتناولون فيه اطراف الحديث، ففي حمامنا التركي يلتقي العرب باليهود والأجانب، كما تقام الكثير من المناسبات في هذا الحمام، مثل حفلة توديع العزوبية لدى العرائس بدعوة لشقيقات العروس وصديقاتها، فيكون حفل للاهتمام بالعروس كما للاهتمام بالصديقات، بالإضافة الى وجود غداء وضيافة ومشروبات مختلفة، ثم يتجمعن في ساحة للرقص والغناء، ويخلدن الذكرى المميزة بواسطة التقاط الصور".

وتشير كاميليا غطاس الى :" أن حمامنا التركي متعلق بالسمعة الحسنة والتوصية به، من فم لأذن ، واذا عدنا للوراء فإننا لم نكن نهدف أن نقيم مكانا كهذا وإنما لكثرة حديث زوجي عن موضوع الحمامات وولعه الشديد لمثل هذا المكان، وميوله الدائم للذهاب اليه، فبعد تقاعده من شركة إنتل في كريات جات، وبعد عمل 25 سنة، قرر ان يعود للسكن في عكا وأن يقيم فيه حماما تركيا، في بداية الأمر لم أوافق زوجي في رأيه ،وأبنائي اتخذوا نفس موقفي تجاه القرار، وقالوا أنه مشروع كبير يحتاج لميزانية ومبالغ طائلة لكن بعد أن لاحظنا اصرار زوجي في انشائه وطموحه العالي في ذلك، وأنه على ثقة تامة من نجاح المشروع، فوافقنا جميعاً وبالتالي كان القرار من زوجي وكان مني الدعم والوقوف الى جانبه لتحقيق حلمه.
، كما أنه أراد من خلال هذا المشروع الحفاظ على التراث الماضي ولكن مع خلطه بالحاضر والجو الذي نعيشه اليوم، فقد استغرق بناء هذا الحمام وقتاً طويلاً، فالحفر في الأرض لوحده استغرق سنتين ونصف، وتزويده بالمستلزمات أخذ الكثير من الوقت، وفي النهاية استغرق إقامة الحمام ست سنوات، وهنا لا بد لي الا ان اؤكد بأنه وقبل بناء الحمام كان لدي بعض التردد والخوف، ولكن بعد افتتاحنا اياه تأكدنا أن احساس وتفكير زوجي كان صائباً، فقد نجح الحمام بشكل طيب حتى دون الاعلان عنه، وانما كانت الأخبار تتناقل من شخص جرّب الحمام الى أشخاص آخرين، والحمد لله لقد زارنا الناس من كل صوب، من العرب و اليهود وأجانب سائحين، وأكثر ما يسعدنا رؤيتنا للتعارف الموجود في ساحات الحمام بين الزوار".


كاميليا غطاس

في بداية مشوار الحمام التركي هذا لم نكن نعلم ما هو مصيره، فقد كان الوضع غير معروف ولكننا تدريجياً بدأنا الشعور بأن التوفيق لهذا العمل بدأ يسير في المسار الجيد، والممتع في عملنا أننا نشهد على كثير من علاقات التعارف، وتحسين العلاقات الاجتماعية للكثير من العرب، اليهود والأجانب، فالمكان هذا هو بمثابة عائلة لكل شخص تواجد هنا، هذا المكان لا يتخلل فقط الاسترخاء، وإنما للحديث والضيافة نصيب منه".

تزور هذا المكان عائلات من مختلف الأقطار من عائلات سفراء، دبلوماسيين، وزراء وقناصل وشخصيات مرموقة من الدولة، نستقبل الجميع بضيافة رائعة وبصدر رحب ،لا نكترث لجيل الزائر أو القيمة الاجتماعية ولا الطائفة أو العرق، وإن الاحترام هو عنوان هذا المكان ،كما نحافظ على الخصوصية والسرية لكل شخص دخل الحمام، فطالما نجد أشخاص لا يرغبون في الإفصاح عن الأماكن التي زاروها، فنحن نهتم لهذه الأمور حتى ولو كانت صغيرة بالنسبة للبعض أو كبيرة بالنسبة لآخرين الذين يضعون جل اهتمامهم بها".

شهر آذار هو شهر المرأة فنجد إقبالا شديدا على الحمام في هذه الفترة، وأحيانًا تكون الدعوة من العروس لقريباتها وصديقاتها وأحياناً أخرى تكون الدعوة عكسية فتدعو الصديقات العروس، وتدخل هي بزفة منهن وقد تكون لها بدلات خاصة تنتقي من الفساتين اذ يعجبها وتكون بمثابة مفاجأة لها، وأغلب الأحيان تكون مثل هذه المناسبة بحضور 15-20 صبية، فالعروس في البداية تخضع لتنظيف بالصابون والليفة لكل الجسم، ثم لعناية كاملة، في هذا الوقت تأتي الصديقات وتحيطها من رقص وعقد دبكة بأجواء مليئة بالفرح والسعادة، بعد انتهاء الحفل نقدم لكل عروس كتاب مسجل فيه أسماء الذين حضروا وبعض الملاحظات التي ترغب العروس في تدوينها ،وهكذا تستطيع العروس أن تحتفظ به لمدة طويلة مسترجعة ذكرياتها هذه التي قضتها في حمامنا".
 

مقالات متعلقة