الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 11:02

حزب الله مدعو للتعقّل في مواجهة العقوبات/بقلم: اميل خوري

كل العرب
نُشر: 13/06/16 08:19,  حُتلن: 08:36

اميل خوري في مقاله: 

 لواقع انه كان على المجتمع الدولي أن يضغط على اسرائيل لتنفيذ قرارات مجلس الأمن والانسحاب من الأراضي اللبنانية التي تحتلها لتحكم العلاقات بين اسرائيل ولبنان الهدنة المعقودة بينهما الى حين يتحقق السلام الشامل

ما حصل هو أن أميركا ومعها اسرائيل أرادتا تحميل لبنان وحده مسؤولية وقف انطلاق العمليات الفدائية الفلسطينية من أرضه واسرائيل لا تزال تحتل الاراضي الفلسطينية وجزءاً من الاراضي اللبنانية، ما يبرر شرعاً وحقاً انطلاق هذه العمليات

اسرائيل تحاول منذ مدة ومعها أميركا تحميل لبنان مسؤولية ما يقوم به "حزب الله" حتى لو أدى الأمر الى صدام مسلح بينه وبين الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي

مرحلة مواجهة تطبيق العقوبات الاميركية على "حزب الله" من خلال القطاع المصرفي، هي مرحلة دقيقة تحتاج مواجهتها الى حكمة وتعقّل من الجميع

إذا كان لبنان دفع ثمن التخلص من الفلسطينيين المسلحين خارج المخيمات حرباً داخلية مدمرة لم تتوقف الا بعد اخضاعه لوصاية سورية دامت 30 عاماً، فأي ثمن سيدفعه للتخلص من سلاح "حزب الله"، وهل تقع عليه وحده هذه المسؤولية وهو البلد الصغير والدولة الضعيفة؟

الواقع انه كان على المجتمع الدولي أن يضغط على اسرائيل لتنفيذ قرارات مجلس الأمن والانسحاب من الأراضي اللبنانية التي تحتلها لتحكم العلاقات بين اسرائيل ولبنان الهدنة المعقودة بينهما الى حين يتحقق السلام الشامل، وعندها يستطيع لبنان، ومن حقه، منع انطلاق اي عمليات عسكرية من أرضه في اتجاه اسرائيل. لكن ما حصل هو أن أميركا ومعها اسرائيل أرادتا تحميل لبنان وحده مسؤولية وقف انطلاق العمليات الفدائية الفلسطينية من أرضه واسرائيل لا تزال تحتل الاراضي الفلسطينية وجزءاً من الاراضي اللبنانية، ما يبرر شرعاً وحقاً انطلاق هذه العمليات. وها ان اسرائيل تحاول منذ مدة ومعها أميركا تحميل لبنان مسؤولية ما يقوم به "حزب الله" حتى لو أدى الأمر الى صدام مسلح بينه وبين الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي. لكن كل المحاولات فشلت حتى الآن بفضل وعي اللبنانيين على اختلاف اتجاهاتهم ومشاربهم ومذاهبهم لأنهم تعلموا درساً من الحرب الداخلية العبثية التي دامت 15 سنة ولم تخلّف سوى الخراب والدمار ودولة بلا سيادة ولا سلطة والأمن فيها مستعار.

وعندما فشلت كل محاولات خلق صدام مسلح مع "حزب الله" قررت أميركا ومعها اسرائيل اعتبار الحزب منظمة ارهابية وفرضت عليه عقوبات ترمي الى تجفيف مصادر تمويله، مع العلم أن من يموّل الحزب ويسلحه علناً هي إيران. فلماذا لا تسلك اميركا أقصر الطرق وأسهلها وتطلب من ايران وقف تمويل الحزب وتسليحه تحت طائلة عدم رفع العقوبات عنها فينتهي الأمر ولا تعود في حاجة الى ملاحقة مصارف كل دولة لا تطبق العقوبات عليه؟
إن العلاقات الاميركية - الايرانية منذ تم توقيع الاتفاق النووي، تحيّر كثيراً من الدول بحيث أنها لم تعد تعرف هل هي علاقات جيدة فعلاً وتسمح بحل الأزمات في المنطقة كي يعود السلام والأمن الى العراق واليمن وسوريا، أم هي علاقات ما زالت لا تسمح بتحقيق ذلك خلافاً لما توقعه كثير من المراقبين بعد الاتفاق النووي، وهو انفتاح إيران على دول الغرب واعتماد سياسة حسن الجوار مع دول المنطقة فتتوقف عن التدخل المباشر أو غير المباشر في شؤونها الداخلية، وهو تدخل يعتمد أحياناً العنف وتسليح جماعات داخل الدولة لزعزعة الاستقرار فيها.

لقد فشلت محاولات إحداث حرب داخلية جديدة في لبنان بين قوات الدولة و"حزب الله" كتلك التي حدثت في الماضي مع المسلحين الفلسطينيين، فهل تنجح في خلق مواجهة مع الحزب في تطبيق العقوبات المالية عليه وعلى كل من يدين له بالولاء فتكون حرباً مالية قاتلة عوض أن تكون حرباً سياسية أو عسكرية، لا بل أخطر الحروب لأنها لا تميّز بين لبناني وآخر ولا بين دين وآخر لأن المال هو القاسم المشترك بين الجميع؟
لذلك مطلوب من "حزب الله" أن يعي جيداً حقيقة ما يُراد من فرض العقوبات عليه، وهو تدمير لبنان اقتصادياً وافلاسه مالياً لتبقى اسرائيل هي الدولة الاقوى في المنطقة عسكرياً واقتصادياً ومالياً، خصوصاً أن "حزب الله" لا يعيش من أرصدة له أو لمناصريه مودعة في المصارف اللبنانية، إنما يعيش من تمويل من خارج لبنان وايران هي على رأس الممولين والمسلحين للحزب، فلماذا لا تبحث أميركا مع ايران وهي النبع والمصدر في وقف تمويل الحزب وتسليحه فيتوقف عندئذ عن القيام بأعمال عنف يتهم بالقيام بها في غير دولة، ويوصف بالإرهاب، ليعود الحزب الى ممارسة النضال السياسي المشروع عوض النضال العسكري أو الجهادي الممنوع؟
إن مرحلة مواجهة تطبيق العقوبات الاميركية على "حزب الله" من خلال القطاع المصرفي، هي مرحلة دقيقة تحتاج مواجهتها الى حكمة وتعقّل من الجميع. وما دام القطاع المصرفي في لبنان ليس مصدر تمويل للحزب، فلماذا نجعل من حبة العقوبات قبة ولا نترك لمصرف لبنان المركزي المعروف عن حاكمه أنه يزن الأمور بميزان "الجوهرجي"، حرية التصرف بمهنية عالية ومميزة، فيمنع وقوع ظلم على الحزب من جةه ويحمي القطاع المصرفي من جهة أخرى، وهو القطاع الوحيد الذي لا يزال يغذي شريان لبنان ليبقى حياً الى أن ينبلج فجر الانفراج؟

* نقلا عن صحيفة النهار 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة