الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 16 / أبريل 08:01

لا تحجبوا أشعة الشمس عن التجمع/ بقلم: وديع عواودة

كل العرب
نُشر: 03/06/16 19:19,  حُتلن: 21:38

وديع عواودة في مقاله:

لم يتقدم التجمع للأمام في موضوع "دولة المواطنين" أو على الأقل أفرط طيلة مدة طويلة على الخطاب القومي على حساب الخطاب المدني

بقي الانتشار الفكري – السياسي للتجمع أوسع من انتشاره الحزبي وهذا نتيجة خلل بالتنظيم، وضع المقود بين يدي من تنقصه الكاريزما وقدرات التنظيم والقيادة

هناك من يعتقد أن التجمع بتصريحات وممارسات صدامية لقياداته يصيب الهدف من باب دور عدم تهدئة بال المؤسسة الإسرائيلية ولعب دور "المشاكس السياسي"

هناك من يعتقد وأنا منهم بأنه يفرط اليوم بذلك لحد تحوله لـ " منديل أحمر " أحيانا يزيد جنون الثور الإسرائيلي الهائج أصلا فيعود علينا كيدا مرتدا لاسيما ونحن غير جاهزين

زيادة مناعة التجمع الوطني يتم بالتجدد وبفتح الباب أمام قيادات شابة وبتعزيز النهج الديموقراطي كفتح النقاشات الجارية اليوم وغدا أمام الجمهور الواسع

بمقدور التجمع ومن واجبه أن يبقي أبوابه مفتوحة على النقاشات في هذا المؤتمر الهام ويواجه اختلاف الآراء بالاجتهاد ومقارعة الحجة بالحجة

التجمع الوطني الديموقراطي قطعة من كياننا وهو من إنجازات المجتمع العربي الفلسطيني في إسرائيل. بعد 20 عاما على تأسيسه  وغداة أوسلو وتوابعها السلبية أنجز التجمع نتائج مهمة. تبرز منها ما يتعلق ببناء وتعزيز الهوية الوطنية والقومية والتصدي للأسرلة وفضح تناقض توليفة "يهوديتها وديموقراطيتها" وطرح نموذج هام للمواطنة الحقيقية.

بالمقابل لم يتقدم التجمع للأمام في موضوع "دولة المواطنين" أو على الأقل أفرط طيلة مدة طويلة على الخطاب القومي على حساب الخطاب المدني. تقتضي التجربة فحص إمكانية تغيير الطريق بالتركيز مثلا بهذه المرحلة على التغيير التدريجي من القاعدة بدلا من التغيير من الرأس والذي يعني صداما مباشرا قبل إيوانه على هوية ورموز الدولة.

وبقي الانتشار الفكري – السياسي للتجمع أوسع من انتشاره الحزبي(وعمل بعض قادة الأحزاب الأخرى على تقليد خطابه بدوافع شتى) وهذا نتيجة خلل بالتنظيم، وضع المقود بين يدي من تنقصه الكاريزما وقدرات التنظيم والقيادة، وبالانجرار وراء البرلماني على حساب الميداني ونتيجة مواقف محقة تحتاج للمزيد من الحكمة.

هناك من يعتقد أن التجمع بتصريحات وممارسات صدامية لقياداته يصيب الهدف من باب دور عدم تهدئة بال المؤسسة الإسرائيلية ولعب دور " المشاكس السياسي " احتجاجا وتصديا لظلمها حتى يضطر المعتدي الإسرائيلي على قبول المعادلة اللائقة بمن هم أصحاب وطن. وهناك من يعتقد وأنا منهم بأنه يفرط اليوم بذلك لحد تحوله لـ " منديل أحمر " أحيانا يزيد جنون الثور الإسرائيلي الهائج أصلا فيعود علينا كيدا مرتدا لاسيما ونحن غير جاهزين.

المؤكد أنه كان بوسع التجمع إحراز نجاحات أكبر مما حققه حتى الآن في تطبيق رؤاه المتعلقة بالاحتلال والمواطنة. كذلك من ناحية تنظيم المواطنين العرب كأقلية قومية وزيادة مناعته وتطوير قدراته على ترتيب أوراقه وبيته الداخلي قبل المواجهة الخارجية كي لا نكون ولا مرة واحدة سيفا من ورق وكي تبقى مواجهاتنا مع المؤسسة الظالمة العنصرية فعالة وحقيقية وهذا يقتضي مثلا مواجهة عزوف كثيرين عن السياسة.هذا يتأتى بالتثقيف والتعبئة المنهجية والتواصل المثابر مع جمهور الهدف وببلورة خطة عمل تفّضل النضال الشعبي. كما تقتضي مثل هذه الخطة نقل ساحة الاحتجاج للشارع الإسرائيلي وللمنابر الدولية شريطة أن يتم ذلك بخطاب مدني حقوقي تضطر الآخر الإسرائيلي والأجنبي على سماعنا. إزاء تفاقم العنصرية وتبلور ملامح فاشية في إسرائيل تصبح الحاجة ملحة لخطة كهذه تقي التجمع من الانعزال وفقدان البطانة الاجتماعية كواحد من دروس شطب الحركة الإسلامية الشق الشمالي.

كذلك بالتعاون مع شركاء أو خصوم سياسيين على مبدأ الثابت أن الوطن فوق الحزب وبالتأكيد فوق الأنا الشخصي وهذ واحدة من أهم عبر تجارب الأحزاب الوطنية الفلسطينية منذ حزب الاستقلال فترة الانتداب. مرور عقدين على التأسيس كاف لتعريض الحزب لمخاطر " التكلس والتقادم " لاسيما أن بعض قياداته يعملون بأدوات متقادمة ربما تصلح لحزب " البعث " أكل عليها الدهر وشرب. يمكن فقط التخلص من متلازمة التقادم التي تصيب كل حزب سياسي فاعل بمراجعة نقدية تعينه على الاحتفاظ بما هو صحيح ومفيد وتصليح ما هو غير صحي وغير متوازن. لابد على سبيل المثال من زيادة الحوار مع الآخر اليهودي حول حقوقه ومكانته في وطن أصحاب الوطن الأصليين رغم المصاعب واستغلال ما يتاح من إمكانيات على هامش الديموقراطية.

كما أن زيادة مناعة التجمع الوطني يتم بالتجدد وبفتح الباب أمام قيادات شابة وبتعزيز النهج الديموقراطي كفتح النقاشات الجارية اليوم وغدا أمام الجمهور الواسع . المجتمع العربي هو جمهور الهدف الذي تدور النقاشات حوله بدلا من إبقائها محجوبة عنه وهو الحكم الأعلى صاحب الحق بفرز الحب عن الزوان والقيادة عن المخترة والفهلوية الفارغة. كثيرون جدا من رفاق التجمع أعرفهم شخصيا واعتز بهم قد ضحوا ويضحون من أجل المصلحة العامة لأنهم ذهبوا ليعطوا ليأخذوا. رغم أن بعضهم وهم قلة موجودة بكل حزب ذهب ليأخذ فقط لكن بمقدور التجمع ومن واجبه أن يبقي أبوابه مفتوحة على النقاشات في هذا المؤتمر الهام ويواجه اختلاف الآراء بالاجتهاد ومقارعة الحجة بالحجة.
 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net 

مقالات متعلقة