الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 14:01

خطوات عمليه لتقليص انتشار الجريمة في مجتمعنا العربي/ بقلم: د.صالح نجيدات

كل العرب
نُشر: 02/06/16 20:08,  حُتلن: 07:22

 د.صالح نجيدات:

 قانون التعليم الالزامي غير مطبق كما يجب بمدارسنا نتيجة الاستهتار وعدم المبالاة وسياسة التخلص من الطلاب الضعفاء 

يجب تحسين وضع المدارس وتقوية ودعم مكانة المعلم لما لهما من دور مهم وتأثير كبير في تعيين الاتجاه للأبناء وصياغة شخصياتهم وتصرفاتهم

يتوجب على مكاتب الخدمات الاجتماعية في كل سلطة محلية اجراء مسح لكل العائلات المفككه أو محدودة الثقافة التي لا تمتلك القدرة والمعرفة والأسلوب على تربية اولادهم

 كل القرارات والشعارات التي ترفع في مثل هذه المؤتمرات اذا لم تطبق عمليا على ارض الواقع وذا لم يعالج المنحرف علاج مباشر وفردي أو جماعي فلا فائدة ترجى من هذه المؤتمرات

يعقد يوم السبت الموافق 4.6.16 مؤتمر لإطلاق مشروع "تحصين المجتمع ومكافحة العنف" في كلية القاسمي في باقة الغربية، وبودي أن أقترح عدة خطوات عملية باعتقادي سوف تساهم في تقليص العنف في مجتمعنا، واقترح على لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية تجنيد خبراء في المجال الاجتماعي والتربوي لبناء خطة اشفاء اجتماعية وتربوية لعلاج المشاكل الاجتماعية  المتراكمة وتفشي العنف في مجتمعنا وإلزام جميع السلطات المحليه بتنفيذها. فالخطوات التي اقترحها هي كالتالي:

أولا: يتوجب على مكاتب الخدمات الاجتماعية في كل سلطة محلية اجراء مسح لكل العائلات المفككه أو محدودة الثقافة التي لا تمتلك القدرة والمعرفة والأسلوب على تربية اولادهم، والبدء في علاج مشاكل هذه العائلات، ووضع اولادهم منذ الصغر في مدارس داخلية أو العناية والاهتمام بهم ورعايتهم حق رعاية لإبعادهم عن الانحراف والوقوع في الجريمة في المستقبل لان الاسرة هي البوصلة الأولى في توجيه الابناء وتحديد اتجاههم العام في الحياة قبل المدرسة، الاسرة هي بداية الانطلاق بالتربية السليمة للأولاد ، لان التربية السلبية نتائجها احداث دامية وجرائم بأنواعها المختلفة.

الابحاث تشير على أن معظم الجرائم التي حدثت، أن الاسرة هي السبب المباشر فيها، لأن الاسرة تنصلت من مسؤولياتها التربوية ونقلت كل المسؤولية الى المدرسة التي قد لا تستطيع تصحيح اعوجاج الابن وعلاجه ، لأنه جاء من اسرة لم تغرس فيه أسس وأصول التربية الصحيحة واحترام الذات والآخرين في بداية حياته، من هنا الاهمية الكبيرة لدور الاسرة التربوي في صيانة أبنائهم من الانحراف وإبعادهم عن ارتكاب الجرائم.

قسم كبير من أطفال عائلاتنا العربية لا يتلقوا العناية والرعاية والاهتمام والتربية الملائمة، فالطفل في سنواته الاولى في مجتمعنا يعيش في حالة من الفقر العاطفي والتربوي وحتى الصحي والنفسي، ويعيش في إهمال تربوي، وهناك اسر كثيرة لا تحسن تربية أطفالها ، وأغلب الأطفال في ضياع تربوي وصحي ونفسي وسلوكي، وبسبب هذا الإهمال التربوي عندما يكبر الطفل تكبر معه مشاكله ، وكما قيل: "من حسن بدايته حسنت ...نهايته " فالتخلف والجريمة في مجتمعنا لا تحدث من فراغ .
وبما أنه هنالك اهمال أو خلل في تربيه الاولاد لعائلات كثيرة والذي ينتج عنه مشاكل اجتماعيه كثيرة وجرائم تهز اساس المجتمع،ا قترح على كل سلطة محلية بواسطة أذرعها الاجتماعية والتربوية المتمثله في مكاتب الخدمات الاجتماعية والمدارس ورجال التربية، أن تأخذ على عاتقها مهام ارشاد وتعليم الوالدين محدودي المعرفة وحماية الطفل وتنشئته وتنميته، وعمل برامج خاصة للطفل، والإشراف على المؤسسات والجمعيات المهتمة بشؤون الأطفال، ومراقبة أداء الحضانات وتطوير مناهجها التعليمية والتربوية ، وتدريب العاملات المهنيات ( מוסמכות ) في البيوت على كيفية إدارة البيت في حالة أن الام لا تقوم بواجباتها العائليه نتيجة مرض أو أي خلل لسبب ما ، والحفاظ على حقوق الطفل وحمايته من الاعتداء والعنف ، والإشراف على تفعيل قوانين حماية الأطفال من الجرائم المنزلية ، وفي حالة اهمال الأسرة تربية ابنها أو تعرضه للعنف والإهمال فإن لمكاتب الرفاه الاجتماعية صلاحية في تطبيق نظام تأديبي على الوالدين قد يصل الى اخراج الطفل من حضانتهما ووضعه في مدرسه داخليه . ولذا يجب أن تكون شراكة بتربية الاولاد بين العائلات محدودة المعرفه والإمكانيات والسلطة المحليه بأذرعها الاجتماعية المختلفة , والجمعيات الأهلية بتحمل مسؤولية تربية الطفل، حتى نضمن بناء شخصيات أطفالنا بشكل سليم وبعيدا عن الاجواء السلبية التي تسبب الانحراف، لعلى وعسى، هذا الشيء يساهم في تغيير المجتمع نحو الافضل ويقلص قدر الامكان حدوث الجرائم.

ثانيا: يجب تحسين وضع المدارس وتقوية ودعم مكانة المعلم لما لهما من دور مهم وتأثير كبير في تعيين الاتجاه للأبناء وصياغة شخصياتهم وتصرفاتهم من خلال غرس القيم والمفاهيم الاجتماعية والدينية الصالحة للأبناء وتقوية انتمائهم ، وتهيئهم للمجتمع ليكونوا ابناءً صالحين، فللمعلم الدور العظيم الذي يقوم به في تنمية الفكر والمعرفة , وبناء الاجيال وصنع القادة الذين يخدمون الفرد  والمجتمع، والمجتمعات التي اهتمت وتهتم بالمعلم والتعليم هي في مصاف المجتمعات المتقدمه من كل نواحي الحياة لان المعلم هو الرافعه والأساس في رقي الشعوب والعمود الفقري في بناء المجتمعات.

ثالثا: علاج خرجي السجون، هذه الشريحة لا تلقى العناية والاهتمام والعلاج اللازم وهي مهملة ولا يمد لها يد العون والعمل على تأهيلهم وإرجاعهم الى حضن المجتمع، فتبقى هذه الشريحة في مستنقع الجريمة وناقمة على المجتمع ومن هذه الشريحة يخرج تجار المخدرات وتجار الاسلحة غير المرخصة والقتلة. أقترح التنسيق مع دائرة السجون بإدخال رجال دين مسلمين الى السجناء العرب في السجون كما يسمحون بدخول رجال دين يهود الى السجناء اليهود لإصلاحهم مجرميهم بما يسمى חזרה בתשובה وذلك لتقوية النازع الديني بهم وتعليمهم القيم والمعايير الاجتماعية وتأهيلهم تعليميا داخل السجون قبل رجوعهم الى المجتمع وهذا من شأنه تقليص دائرة العنف في المجتمع.

رابعا: التسرب من مقاعد الدراسة، تجد الكثير من الاولاد الصغار الذين لم يتجاوزوا سن الخامسة عشره قد تسربوا من المدارسويعملون في الو رشات المختلفة وهذا يدل على أن هناك نسبه معينه من طلاب المدارس في قرانا تتسرب منمقاعد الدراسة  لأسباب كثيرة، منها أن معدلاتهم المتدنية أو يعانون من عسر التعليم أو ليست لديهم الرغبة في إتمام الدراسة , ولا يرسلون إلى مدارس صناعية أو الى مركز التدريب المهني מפת"ן للتعلم مهنة أو عمل يدوي يعتاشون منه بكرامه في المستقبل , ولكن بسبب أن قسم منهم لا يجد من يرشده ويهتم به يتركون المدرسه ويتوجهون الى سوق العمل في كراجيات السيارات والو رشات الصناعية الاخرى , ويقتلوا فيهم روح الطفولة فتنتج لهم أضرار نفسيه تنجم عن ذلك يصعب علاجها . عمالة الأطفال لها انعكاسات سلبية خطيرة على مستقبل هؤلاء الاولاد وعلى المجتمع كله , إذ إن عدم وجودهم على مقاعد الدراسة يعني تعرض معظمهم لمشاكل كثيرة ، في مقدمتها الاعتداءات على انواعها ، الاصطحاب مع اصدقاء السوء أو استغلالهم للترويج لتجاره المخدرات ، أو حتى التدخين في سن مبكرة ، وأن بعض الدراسات حول انحراف الأحداث او حتى من الذين احترفوا السرقات والجرائم الأخرى ووصلوا إلى سن متقدمة ، تؤكد بأن بداية الانحراف كانت نتيجة ابتعادهم عن مقاعد الدراسة وانخراطهم بسوق العمل وهم في سن الطفولة.

للأسف قانون التعليم الالزامي غير مطبق كما يجب بمدارسنا نتيجة الاستهتار وعدم المبالاة وسياسة التخلص من الطلاب الضعفاء وهناك حتى بعض مدراء المدارس يشجعون الطلاب الضعفاء بالتسرب من المدرسه للتخلص منهم .

أتأمل أن يحتل موضوع التسرب من المدارس الأولوية القصوى لدى المسؤولين وأن تكون هناك برامج لتوعية وحماية الأطفال من التسرب من مقاعد الدراسة ،وكذلك برامج لرفع مستوى وعي الاهل حول الأضرار المترتبة على تسرب اولادهم من المدارس.

خامسا: علاج انتشار المخدرات: اسمع كل يوم بازدياد عدد الشباب الذين يتورطون مع هذا الوباء الخطير، فهو خطر شديد يعبث بعقول أبنائنا وبناتنا ويدمر مستقبلهم ويجعل حياتهم وحياة اسرهم جحيم، ويجب اعطاء محاضرات لطلاب الثانويات وللشباب للوقاية من استعمال المخدرات ولتكون هذه المحاضرات الضوء الذي يضيء لهم الطريق المظلمة ويوعيهم من مخاطره الشديدة، لننقذالمدمنين من شبابنا، وتنقذ الأبرياء المحيطين بهم، فالمخدرات خطر على مستخدميها وعلى الأسرة، وعلى المجتمع ككل فالتوعية تسهم في الحد من انتشار المخدرات بين أفراد المجتمع.

ولذلك يجب تجنيد أفراد الأسرة وكل من يستطيع أن يؤثر بالعمل الوقائي لزيادة الوعي بعدم استعمال المخدرات والمسكرات العقلية الاخرى كأقراص الهلوسة والكحول، وتشجيع المشاركة التطوعية لأفراد المجتمع ومؤسساته في مجال مكافحة هذا الوباء الخطير محاربة هذا الوباء والوقاية منه مسؤولية الجميع وبالذات السلطات المحليه بواسطة مكاتب الخدمات الاجتماعية ودوائر الشبيبة في كل سلطة. والمجتمع ينتظر من مؤسساته من خلال مسؤوليتها الاجتماعية أن تشارك ببرامج اجتماعية تخدم التوعية المستدامة وعدم الاكتفاء بتقديم برامج ذات صفة وقتية، فخطر المخدرات يهدد جميع شبابنا وعلى الجميع الصحوة والحذر.

سادسا: يجب استحداث وظيفة مصلح اجتماعي على غرار مكاتب الشؤون الاجتماعية من اصحاب الاختصاص لكل سلطة محلية وظيفته حل النزاعات والمشاكل في قرانا ومدننا قبل استفحالها ووقوعها لأن استحداث وظيفة مصلح اجتماعي من شأنها تقليصالمشاكل والحد من المشاجرات والعنف المستشري في مجتمعنا والتي تكلفه ثمنا باهظا، هذا الاقتراح حسب اعتقادي جدير بالبحث ويستحق الدراسة على مستوى رؤساء السلطات المحلية وذلك لان مجتمعنا بأمس الحاجة لمكاتب المصلح الاجتماعي في الوقت الراهن أكثر من أي وقت مضى لانتشار العنف والفوضى والانفلات والشجارات والقتل وانتشار المخدرات، وطغت فيه للأسف الشديد الكثير من الخلافات العائلية والاجتماعية لأسباب عديدة منها التعصب العائلي وضعف سلطة الاب وإهمال تربية الاولاد وتفكك اسري وضعف هيبة القانون وغض الطرف للسلطة الرسمية عما يجري في وسطنا العربي وتقليص الميزانيات وكذلك لأسباب اخرى كثيرة.

وأخيرا وليس آخرا، بودي أن أشير أن كل القرارات والشعارات التي ترفع في مثل هذه المؤتمرات اذا لم تطبق عمليا على ارض الواقع وذا لم يعالج المنحرف علاج مباشر وفردي أو جماعي فلا فائدة ترجى من هذه المؤتمرات وتكون فقط لإسقاط الواجب وستذهب قراراتها مع الريح , وتصبح في طي النسيان.

الكاتب: اختصاص علم جريمة – وعمل سابقا، مراقب سلوك الاحداث – وزاره الرفاه الاجتماعي

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net 

 

مقالات متعلقة